; لماذا يهدمون القاهرة التاريخية؟! | مجلة المجتمع

العنوان لماذا يهدمون القاهرة التاريخية؟!

الكاتب حسن القباني

تاريخ النشر الأحد 01-أكتوبر-2023

مشاهدات 562

نشر في العدد 2184

نشر في الصفحة 28

الأحد 01-أكتوبر-2023

 

«إن القاهرة التاريخية تتعرض لتدمير شامل لم تشهده خلال 14 قرناً، ولا خلال أي من فترات الاحتلال الأجنبي»، بهذه الكلمات وأمثالها عبر أثريون ومعماريون ونخب مصرية وأحزاب في بيانات عدة، منذ مطلع سبتمبر الماضي، عن رفض قطاع واسع من المصريين ما يحدث في آثار القاهرة الإسلامية، التي يطلق عليها «القاهرة التاريخية»، من تخريب وعبث، رغم أنها أحد مواقع التراث العالمي، بحسب «اليونسكو» منذ عام 1979م.

أكد شيخ الأزهر الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، في بيان مقتضب، حول مسألة هدم المناطق الأثرية بالقاهرة الإسلامية القديمة، أهمية الحفاظ على المساجد التاريخية والمعالم التراثية باعتبارها جزءاً من الهوية المصرية والحضارة الإنسانية.

وبدأت عمليات الهدم والإزالة في يوليو 2020م، وتجددت في أغسطس الماضي، وشملت منطقة «القرافة» الشهيرة والمعروفة بـ«مقابر المماليك»، و«السيدة نفيسة»، و«الإمام الشافعي»، و«السيدة عائشة»، التي تضم آلاف الآثار الإسلامية ومقابر تضم رفات شخصيات إسلامية وتاريخية وثقافية، منها مقبرة الإمام وَرْش، صاحب رواية «ورش عن نافع» لقراءة القرآن.

في هذا السياق، أوضح كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المؤرخ د. مجدي شاكر، في حديث لـ«المجتمع»، أن هناك 3 قوانين تحكم منطقة القاهرة التاريخية، وهي قانون (117) لسنة 1983م الخاصة بالآثار، وقانون (142) لسنة 2006م بشأن المحليات والمباني الآيلة للسقوط، وقانون (119) لسنة 2008م بشأن التنسيق الحضاري؛ ما جعل آثار وشواهد المنطقة «دمها مفرّق»، بحسب وصفه، بين المؤسسات الحكومية؛ ما يستدعي إصدار تشريع جديد جامع.

وأضاف شاكر أن أعمال الإزالة والهدم التي تتم اعتدت على حق اللجنة المشكَّلة من رئيس الجمهورية لتقييم الموقف في القاهرة التاريخية؛ ما جعل هناك رفضاً واسعاً بين الأثريين والمختصين لما يحدث، مع علامات استفهام وتعجب من قدرة البعض على تجاوز اللجنة الرئاسية!

وأشار إلى أن النظرة الاقتصادية لتلك المنطقة التاريخية بآثارها الإسلامية وشواهدها ومقابرها تجعلها ذات عائد اقتصادي مميز للبلد في وقت هي تحتاج فيه كل نقد أجنبي، وبالتالي يجب وقف المخطط الجاري بأقصى سرعة وتشكيل لجنة لتطوير المنطقة وتهيئتها لتكون منطقة جذب سياحي ديني.

مشروع «القاهرة 2050»

من جانبه، رأى المعماري والباحث العمراني إبراهيم عز الدين، في حديث لـ«المجتمع»، أن مشروع «القاهرة 2050» هو الدافع الرئيس وراء كل الإزالات التي تحدث في القاهرة التاريخية بغية تحويلها إلى مدينة أعمال، موضحاً أن ذلك مخطط قديم من عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، وكان وراءه الهيئة العامة للتخطيط العمراني التي كان يرأسها في ذاك الوقت د. مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري الحالي، وهو الأمر الذي يفسر دفاع الحكومة عن المشروع بقوة.

وأشار عز الدين إلى أن هذا المخطط لم يقم بوضع آلية للتعامل مع طُرزها المعمارية التي تعود إلى واحد من أهم العصور العمرانية والمعمارية؛ وهو العصر المملوكي، إنما اكتفى المخطط بنصه على نقل مقابر القاهرة؛ أمواتاً وأحياء ومباني، إلى أطراف المدينة، وتخطيط حدائق ومساحات خضراء مكانها.

وحول سبل الحل، طالب عز الدين بوقف ما يحدث، والاستفادة من التجارب الدولية مثل مقبرة حديقة «هامبورج» الخاصة، حيث تم استغلال هذه المقبرة عبر جعلها حديقة كبيرة للتنزه والاستجمام ومكاناً للتأمل والتفكير، وهو ما يمكن تكراره بمصر؛ الأمر من شأنه أن يفيد ملف السياحة.

كما طالب عز الدين، كذلك، بالعمل على ترميم المقابر المنهارة وإعادتها لطرازها المعماري الذي كانت عليه، وترميم الخطوط العربية والنقوش والزخارف اليدوية الموجودة على شواهد القبور، وتوثيق هذه المعالم في قوائم التراث.

وأكد الأكاديمي المتخصص في الآثار د. حسين دقيل، في حديثه لـ«المجتمع»، أن استمرار الهدم والعبث بمنطقة القاهرة التاريخية مخالف للدستور الذي يجبر الدولة على حماية آثارها، ويحظر المساس بها.

واقترح دقيل لجوء المختصين إلى القضاء والتظلم القانوني لوقف الهدم، بالتوازي مع عقد لجان مختصة لدراسة إنشاء متحف مفتوح في ذات المكان بعد عمليات ترميم بسيطة، واستمرار التوثيق الفردي الذي قام به فنانون في الأيام الأخيرة.

ويدعو الأكاديمي المتخصص في الآثار إلى إنشاء متحف يسمى «متحف القرافة»، يحتوي على كل النقوش والشواهد واللوحات الرخامية وغيرها، مع معارض مصورة ومرئية لما يميز المكان، كي يستمر الوعي، مطالباً باستمرار عمل المبادرات الأثرية في الحفاظ على التراث هناك لحين عمل المتحف.

حراك لا يتوقف

ميدانياً، تقدم د. أيمن ونس، أستاذ التصميم العمراني والبيئي رئيس اللجنة الدائمة لحصر المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز، باستقالة مسببة احتجاجاً على ما يحدث، قبل أن يعلقها لما قال: إنه «استغلال سياسي من المعارضين لنصها»، كما انسحب من ذات اللجنة 4 أعضاء، وأصدرت عدة جهات بيانات رافضة لما يحدث من هدم، أبرزها جمعية المعماريين المصريين.

وكشفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (مؤسسة حقوقية مستقلة) عن تبنيها المسار القضائي، حيث تقدمت بدعوى قضائية لوقف ما يحدث من هدم إلى القضاء الإداري، كما تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد المسؤولين المتورطين وللمطالبة بفرض الحراسة اللازمة على الآثار.

وأعلنت مؤسسة شواهد مصر الأثرية عن مبادرة «توثيق وإنقاذ الآثار غير المسجلة» في المنطقة؛ بغرض حصر الآثار غير المسجلة التي تعرضت للسرقة، مؤكدة، في بيان لها، أن هناك سرقات جنونية منتشرة في قرافات القاهرة التاريخية.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مشاريع كثيرة، ولكن !!

نشر في العدد 3

90

الثلاثاء 31-مارس-1970

مع الصحافة في كل مكان

نشر في العدد 1

721

الثلاثاء 17-مارس-1970