العنوان ليس للفلسطينيين إلا الله
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 22-يونيو-1976
مشاهدات 13
نشر في العدد 306
نشر في الصفحة 4
الثلاثاء 22-يونيو-1976
نعترف بأن الصراع غير متكافئ فبينما الأنظمة التي تدار وتوجه مــــــــــــن واشنطن وموسكو ومن غرفة «فريق التوجيه السياسي» التابعة للعــــــــــدو الصهيوني إسحاق رابين.
بينما هذه الأنظمة تعطي نفسها «حق!» اقتراف الخيانة لا تزال جبهة المخلصين الصادقين محصورة في دائرة النقد النظري.
والفرق كبير جدًا بين «الفعل» ونقد «الفعل».
هذا إذا كان حق النقد متاحًا ومكفولًا.
ولولا:
- الإيمان بوجوب الصدع بالحق.
- والثقة بقيمة الكلمة، لما كان هناك داع للكتابة
وثمة اعتبار قوي يوجب التحليل السياسي والنقد السياسي، وبالتالي يوجب اتخاذ موقف سياسي سليم.
هذا الاعتبار هو أنه في عتمة الأحداث وظلام الفتن يتعين على المؤمنين إدراك المعاني العميقة في ثنايا دوامات البلاء.
من هذه المعاني العميقة:
- أنه مهما أحكم الكافرون - وأولياؤهم خططهم - فإن العجز البشري وكذلك ضلال الكافرين يحدثان تصدعات متعددة في الخطة أو الاستراتيجية.
فلم يكن في حسبان خصومنا أن أزمة لبنان ستشهد هذه التطورات المعقدة، فالخصوم يعملون دائمًا بطريقة تستر الذين يقومون بمهمة التنفيذ.
لكن أحداث لبنان أحبطت هذا التحفظ أو هذا الاحتياط واضطر المنفذون إلى نزع القناع المزيف عن وجوههم.
وهذا نمط من أنماط الاستدراج ﴿سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمْلِي لَهُمْ ۚ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾ (الأعراف: 182-183).
وهذا المعنى يقودنا إلى معنى آخر وهو:
- إن القطاعات الشعبية المستنيرة والضائقة ذرعًا بما يفعله الحكام كانت تحس بأن خيانات كثيرة تجري في الخفاء ولكنها كانت لا تملك الدليل المادي الحاسم الذي يدعم هذا الإحساس نظرًا للتكتم الشديد والسرية التامة التي تتم في جوها الاتفاقات المشبوهة بين أنظمة الذل وأوليائها الكافرين.
اليوم حصحص الحق اليوم ملئ قراب المنطقة أدلة مادية حاسمة تثبت وتكشف تلك الخيانات.
إن الوحي قد انقطع.
وإن القوى الشريفة لا تملك من أجهزة المخابرات ما يمكنها من الاطلاع على ما يدبر ضد الأمة من مذابح وفتن ومؤامرات.
فماذا يفعل المؤمنون إذن؟
إن أنظمة الخيانة ذاتها قد قدمت الدليل بل الأدلة المتكاثرة التي تدينها كأقوى ما تكون الإدانة.
وبهذا ينتهي الجدل في قضيتين مهمتين:
- إن هذه الأنظمة الذليلة تعمل بطريق مباشر لصالح أعدائنا في فلسطين المحتلة وأمريكا وأوروبا.
- وإن النقاش الذي يدور حول المقارنة بين نظام وآخر قد فقد - بكل معاني الفقد - محتواه وصار عقيمًا سقيمًا.
فمن الواضح أن هناك «اتفاقًا» بيــن أنظمة - تعرفها بسلوكها ومواقفها - على تمكين اليهود في المنطقة وعلى تصفية الشعب الفلسطيني.
وبمنطق هذا الاتفاق. لا مجال أبدًا للمقارنة والتفضيل.
- ومن المعاني العميقة التي ينبغي أن تدرك في ثنايا دوامات البلاء: أن هذه الأنظمة قد أخذت فرصتها كاملة في الحكـم والسلطة وعبر هذه الفرصة الطويلة أثبتت عجزها وفشلها بطريقة عملية.
نعم
* ففي الطريق سقطت كل الرايات
* سقط حزب البعث بكيانه ودعاواه وشعاراته ونظامه.
*وسقطت الناصرية بكيانها ودعاواها وشعاراتها ونظامها.
* وسقط اليمين بشعاراته وكيانه ونظامه.
* وسقطت الشيوعية وفصائلها اليسارية سقطت بشعاراتها ودعاواها وفكرها ولقد سقطوا متحدين.
بمعنى أنهم اتحدوا على ضرب الإسلام وتصفية القضية الفلسطينية فسقطوا وأيديهم متشابكة وقلوبهم متشابهة.
- ومن تلك المعاني العميقة: أن بأس الله - جل جلاله - لا يرد عن القوم المجرمين.
إن هذا البلاء المقيم وهذه الفتن العاصفة وهذا الهرج وهذه الوحشية المختبئة في إهاب آدمي.
كل ذلك سنة من سنن الله -عز وجل- التي لا تختلف أبدًا.
سنة تطبق على المجرمين ولا يستطيعون أن يتقوها أو يدفعوها عن أنفسهم.
إن الكفر والفسوق والعصيان الذي انتعش في العالم العربي تحت رايات جاهلية علمانية وقومية وشيوعية وبعثية وطائفية أثمر الثمرة المرة وأنتج حصاد الزقوم.
نعم.
إن المذابح البشرية والخوف المحطم والتمزق المجنون والخيانات السافرة.
والذل الداهم والسيطرة الأجنبية المستحكمة.
لا تفسير لهذا كله سوى أنه نتيجة ملازمة لجريمة إشاعة الكفر والفسوق والعصيان، إن بأس الله غالب فإذا أنزل فلا راد له: ﴿وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾. (يوسف: 110)
- ومن المعاني العميقة أن ليس للفلسطينيين إلا الله - جل شأنه -.
لقد جربوا كل الطرق ومشوا تحت كل الرايات؟
فماذا كانت النتيجة؟
- النظام الأردني ذبحهم
- والنظام المصري أقر وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة مقابل أشبار من سيناء
- والاعتراف بكيان العدو وتصفية قانونية وعملية للقضية الفلسطينية.
- النظام اللبناني سخر كل إمكاناته لإبادة شعب فلسطين.
- النظام السوري غزا لبنان لكي يبعد الشعب الفلسطيني في القواعد والمخيمات.
جوًا وبرًا وبحرًا.
ومشى الفلسطينيون تحت كل الرايات.
راية القومية
راية الناصرية
راية الشيوعية
راية العلمانية
راية البعثية
فماذا كانت النتيجة؟
لم يرض عنهم لا القوميون ولا الناصريون ولا الشيوعيون ولا العلمانيون ولا البعثيون بل أجمع أهل هذه الرايات على سحق الشعب الفلسطيني ودفن قضيته.
ومن الغباء الإصرار على السير في نفس الطريق وتحت نفس الرايات.
إن من أهم المعاني العميقة في مسيرة الأحداث الدامية أن يغير الفلسطينيون طريقهم وأن يرفعوا راية جديدة.
إن الطرق كلها مسدودة ما عدا طريق الله - سبحانه -.
وإن الرايات كلها قد سقطت، ما عدا راية الإسلام.
ولا مجال للتسويف ولا للخجل.
فأهل العقائد الأخرى نزعوا الأقنعة عن وجوههم وخاضوا المعارك ضد الشعب الفلسطيني بدافع وتوجيه من عقائدهم.
اليهود يحاربون الفلسطينيين على أساس عقائدي ديني يهودي.
المارون يحاربون الفلسطينيين على أساس عقائدي ديني نصراني.
النصيريون في سوريا يحاربون الفلسطينيين على أساس عقائدي نصیری وهذه الأمثال تنسحب على المستوى العالمي.
إن قضية فلسطين جوهرها صراع عقائدي بين الإسلام ويهود.
والسير بالقضية في طريق الإسلام وضع لها في إطارها الصحيح والطبيعي.
من جانب آخر فإن القضية الفلسطينية تكسب بإسلاميتها تأييد ودعم مسلمي العالم فالقدس يهم كل مسلم في العالم وما حول القدس مرتبط به بحكم النص القرآني.
وقبل ذلك، فإن تصحيح نية الجهاد وهدفه شروط أساسية في تحقيق نصر الله - سبحانه - وندعو إخواننا الفلسطينيين إلى تلاوة هذه الآية وتدبرها في ضوء الأحداث التي مرت وتمر بهم:
﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. (آل عمران: 160)
أسد علي وفي الحروب كما ترون
من الشروط السرية التي يصر عليها العدو الصهيوني شرط تصفية «الفلسطينيين»
ففي مباحثات القيادات الصهيونية مع أنظمة الخيانة قال العدو: أنا مستعد لتقديم تنازلات لكن المشكلة - في تقديرنا - ليست نحن ولا أنتم المشكلة هي الفلسطينيون. فمن ذا الذي يضمن لنا - والكلام للعدو - تنفيذ أي اتفاق ما دام الفلسطينيون موجودين فإن أردتم تسوية حقيقية فصفوا حسابكم أولًا مع الفلسطينيين.
ومن أجل تحقيق هذا الشرط اندفعت الأنظمة - إياها - وبأدوار متسلسلة - تقتل الفلسطينيين وتبيدهم.
إن الهجوم النصيري الهمجي على قواعد الفلسطينيين ومخيماتهم لا تفسير له سوى تنفيذ الشرط اليهودي السري.
إن الجولان الذي سقط في ظل القيادة السورية الحالية -لا يزل مستعمرًا يحتله اليهود ويقيمون فوقه المستعمرات والتحصينات.
لم ير النظام الطائفي النصيري خطرًا في الاحتلال الصهيوني، وإنما رأى خطرًا في الوجود الفلسطيني في لبنان وفي المطالب الإسلامية اللبنانية إنه أسد على أطفال فلسطين يضربهم في المخيمات بقاذفات القنابل ويفترسهم بأنيابه الطائفية.
وفي نفس الوقت يواد اليهود ويوقع معهم الاتفاقيات المريبة وبالمناسبة فإن الواجهة الشكلية للطائفة النصيرية - ونعني حزب البعث - قد وافقت بالإجماع «!!» على اتفاقية الذل الموقعة بين النظام السوري والعدو الصهيوني في ٣٠ مايو عام ١٩٧٤ وجلس العميد وجيه طبارة وجهًا لوجه مع الجنرال الصهيوني هيرزل شاميز.
وأسباب التقارب واضحة بين المارون والنصيرية واليهود فالطائفة اليهودية تحتل فلسطين والطائفة النصيرية تستبد بمقاليد سوري والطائفة المارونية تحتكر الرئاسة والمناصب المهمة في لبنان وتريد الإبقاء على امتيازاتها الاستعمارية إنه حلف مشبوه بين الطوائف الثلاث ولا يزال النظام النصيري يحقق أغراضه وأغراض الطائفتين المارونية واليهودية بينما الأنظمة العربية الخانعة تقوم بحركات تمثيلية تمتص سخط الناس، ولكنها لا تفعل أي شيء إيجابي يكف يد النظام السوري عن العدوان.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلإلى أبناء الأمة.. وإلى أعضاء مجلس الأمة – لا تلقوا سلاح المقاطعة يا أبناء الأمة
نشر في العدد 1057
103
الثلاثاء 13-يوليو-1993
الفلسطينيـــون يشيــدون بدعـــم «أردوغـــان» و«العدالــــة والتنميــــة» التركــــي لقضيتهــــم
نشر في العدد 2179
31
الاثنين 01-مايو-2023