; مات قاطع نفط حيفا.. المجاهد أحمد الخطيب | مجلة المجتمع

العنوان مات قاطع نفط حيفا.. المجاهد أحمد الخطيب

الكاتب زهير الشاويش

تاريخ النشر الثلاثاء 01-يوليو-1997

مشاهدات 10

نشر في العدد 1256

نشر في الصفحة 46

الثلاثاء 01-يوليو-1997

انتقل إلى رحمته تعالى في عمان يوم التاسع من صفر ١٤١٨هـ . ١٩٩٧/٦/١٤م. المربي الفاضل، والمجاهد المقدام، أحمد ابن الشيخ محمد الخطيب، عن عمر تجاوز الثمانين عامًا. نشأ معلما مع والده القارئ المدرس في بلدة إربد، ثاني مدن المملكة الأردنية في مدرسة تخرج فيها العدد الكبير ممن تعلم في المرحلة الابتدائية بتلك البلدة. وما أن بلغ فقيدنا مبلغ الرجال، حتى سار في ركاب ثورات البلاد الشامية على الانتداب البريطاني والفرنسي، وعلى الغزو الصهيوني الاستيطاني المدعوم من الإنجليز بالدرجة الأولى، فجمع عددًا وافرًا من الشباب الفتيان باسم ناد ثقافي، وألفوا مجموعات تجاهد سرًا في سبيل الله بمقاومة الاستعمار، بالمقاطعة لبضائعه أحيانًا، وقطع طرق مواصلاته أحيانًا أخرى، واستعانوا برجال أهل حمية وغيرة، وكان منهم عثمان نصيف، وسطعان الحسن وأفراد من عوائل إربد، وأبناء عشائر وقبائل الأردن وسورية، وممن كان يعمل في إربد أو يتردد إليها من المجاهدين السوريين في الثورة السورية الكبرى، أذكر منهم أبوياسين سكرية، ومحمد عنان، وأبو عبده الرجال، وحسني عزيزية، والشهيد حوري الحلاق، وقاسم الأمعري، وعز الدين رحمون، وغيرهم، ولدى بعضهم معرفة في صناعة تفجير القنابل، وكان هناك خط الأنابيب النفط بالقرب من مدينتهم إلى مدينة حيفا، وفيها أول وأكبر مصفاة للنفط في شرقي البحر المتوسط، فقاموا بنسف تلك الأنابيب في الصحراء أولًا، ثم داخل الأراضي الفلسطينية ما بين عام ١٣٥٥ هـ - ١٩٣٦م إلى عام ١٣٦٠هـ - ١٩٤١م. وكانت الدولة البريطانية تظن أن هذا العمل لإتقانه من تدبير ضباط عراقيين، أو من مجاهدين فلسطينيين ممن تدربوا في ألمانيا، موفدين من الحاج أمين الحسيني. وقد أبعد هذا عن طلاب الثقافة أنظار المستعمر الغربي، ولم يكن لديهم سلاح ظاهر، أو تحرك مكشوف وما توقف عملهم إلا بعد انتهاء ثورة العراق، وانتشار الدوريات البريطانية على طول خطوط النفط ثم اشترك - رحمه الله - في ثورات ١٩٣٦ - ١٩٣٩م (١٣٥٥هـ . ١٣٥٨هـ)، في معارك متعددة شمالي فلسطين، مع حوري الحلاق، وعربي الخيمي. تعرفت إلى الشيخ أحمد في تلك المدة في دمشق وإريد، حيث كانت تربطه بخالي عز الدين رحمون أوثق الصلات، وبعد إغلاق المدارس الأهلية ووفاة والده، افتتح مكتبة في إربد، اعتبرت يومها أكبر المكتبات في تلك البلدة. وعندما بدأ الإعداد للعمل لإنقاذ فلسطين أيام التقسيم، جاء إلى دمشق مع مجموعة من إخوانه، ومنهم الحاج عبد اللطيف أبو قورة - رحمه الله- وسافرنا معًا إلى المدن والقرى في الريف السوري، استعدادًا لمتابعة الجهاد، والاتصال بالمجاهدين.

واجتمع مع الحاج أمين الحسيني، ومع القائد فوزي القاوقجي، والدكتور مصطفى السباعي، والشاعر محمد الكنجي، وعبد القادر السبسي وغيرهم.

وبعد رجوعهم إلى الأردن قاتل مع مجموعة من إخوانه على الحدود الفلسطينية الأردنية في الشمال، وكان معه الحاج عبد اللطيف ومعه القائد ممدوح الصرايرة في صور باهر، والشيخ مشهور حمود حيمور في القدس والقطمون. وأصيب في إحدى المعارك بشظايا قنبلة ومجموعة من رصاصات رشاش، مما أوجب نقله إلى المستشفى الوطني بدمشق، حيث أقام مدة طويلة لا يستطيع الحراك، وكنت أزوره كلما جئت إلى دمشق من فلسطين، وأجد عنده والدي وأخوالي - رحمهم الله - حيث كان يأنس بهم. وبعد إخفاق حكامنا وحكوماتنا، وانكشاف التأمر مع

الاستعمار في ذهاب فلسطين، رجع إلى بلده إربد وعمل على تنظيم الشباب والإعداد لنصر في مستقبل الأيام، كان يراه قريبًا، ويراه الناس بعيدًا. وبعد ذلك انتقل إلى عمان الضرورة العمل في الدعوة إلى الله، كما عمل على فتح مكتبة كبرى باسم« مكتبة الأقصى»، وما تزال تقدم الخدمات العلمية والثقافية، وطبعت مجموعات من الكتب المفيدة، ويتولى أمرها الآن ابنه الأخ محمود زاده الله توفيقًا. ويقي الأستاذ أحمد في قيادة العمل الإسلامي الجاد، مع التفاني في تحقيق أهدافه العليا السامية، أكثر من عشرين سنة، مع إخوانه الكبار، ومنهم الأستاذ الفاضل محمد عبد الرحمن خليفة، والأستاذ يوسف العظم، والدكتور إسحاق فرحان، ثم أحال نفسه - مستقيلًا - من العمل القيادي إلى صفوف العاملين بصمت وهدوء غير بعيد عن التوجيه والنصح، مقدمًا خبرته الطويلة، وحسن إخلاصه، وبالأخص يوم تحيط بالعمل الظلمة، وتغيب الموازين، وتضرب المفاهيم. وخلال إحدى المحن التي أصابتنا، أقمت في القدس وعمان من سنة ١٣٨٦ هـ - ١٩٦٦م إلى سنة ١٣٨٩هـ - ١٩٦٩م، مع الأستاذ عصام العطار وبعض إخواننا، فوجدنا منه ومن إخواننا . ومنهم الدكتور عدنان الجلجولي والدكتور علي الحوامدة - كل عون وتفهم لقضايانا، وابتعاد عن أي تدخل ضار بمصلحتنا، وبالتالي بمصلحتهم، وسير دعوة الإسلام. وفي المحنة الأخيرة وجدنا أيضًا من أكثرهم الابتعاد عن الغوغاء التي انتشرت وتدخل فيها من لا يعرف بإخلاص أو وعي، وكان هذا منهم تفهمًا للمثل القائل: «اعط القوس باريها»، والقول السائر:« أهل مكة أخبر بشعابها ».. فجزاهم الله الخير وأحسن إليهم. وإنني أكتب هذه الكلمات ساعة علمت بوفاته وانتقاله إلى رحمة ربه، لأرجو له من الله المغفرة، وأن يحسن مثوبته، وقد عرفناه من أهل الخير والكرم، واليد المبسوطة، والوجه الباش لجميع إخوانه، ولا يفرق بين أحد منهم ، ولا نزكي على الله أحدًا، عوضه الله الجنة وألحقنا به في الصالحين .

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل