العنوان ماذا تعرف عن طائفة النصيرية
الكاتب عصام الجيتاوي
تاريخ النشر الثلاثاء 03-يوليو-1979
مشاهدات 18
نشر في العدد 452
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 03-يوليو-1979
هي طائفة من الطوائف الباطنية الغالية والمنشقة عن الشيعة الإمامية الاثنا عشرية يسكن أتباعها في شمال سوريا بالجبال المعروفة بجبال العلويين والواقعة على مقربة من لواء اللاذقية والممتدة من حدود صافينا إلى حدود أنطاكية.
ويسكنون القرى والمدن، ومنهم عدد ليس بالقليل في أضنة ومرسين وإسكندرونة وأنطاكية وسلمية، والقرداحة، وحمص واللاذقية.
والذين يسكنون السواحل منهم كان يقال لهم الشمالية أما الذين يسكنون المناطق الجبلية فكانوا يسمونهم بالكلازية.
وتنتسب هذه الطائفة «لمحمد بن نصير البصري النميري» -مولى «الحسن العسكري»- الذي انفصل عن الشيعة الإمامية بعد وفاة «الحسن العسكري» وأسس طائفة النصيرية التي تنسب إليه.
وبعد وفاة «أبو شعيب محمد بن نصير» حل محله في رئاسة الطائفة «أبو محمد عبد الله بن محمد الحنان الجنبلاني» الذي أوجد الطريقة الصوفية الجنبلانية بين النصيريي وكان قد سافر إلى مصر للدعوة إلى مذهبه حيث تمكن من استمالة «الحسين بن حمدان الخصيبي» وبعد عودته من مصر تبعه تلميذه وبعد وفاة «أبو محمد عبدالله بن محمد الحنان الحنبلاني» أصبح «الخصيبي» المرجع الأعلى للطائفة النصيرية وجعل من مدينة «بغداد» مقرًا له بادئ الأمر ثم أخذ يتنقل بين الأتباع حتى استقر به المقام في مدينة «حلب» وبقي بها إلى أن أدركه الموت.
وبعد هلاك «الخصيبي» أصبح للنصيرية مركزان:
الأول: في مدينة حلب وترأسه محمد علي الحلي الذي خلف الخصيبي.
والثاني في مدينة بغداد وتراسه علي بن الجسري.
ولما أفل نجم «النصيرية» الذي تألق بعض الوقت في حلب انتقل مركز ثقلهم إلى جبال العلويين حيث تسلم زعامة الطائفة «أبو سعيد الميمون سرور بن قاسم الطبراني» ثم تعاقب على زعامتهم عدد من الزعماء إلى أن جاءهم الأمير «حسن المكزون السنجاري» على رأس قوة مؤلفة من خمسة وعشرين ألف مقاتل -بناء على رغبتهم لنصرتهم- ونصب خيامه على «عين الكلاب» بقرب قلعة «أبو قبيس» ولكنه لم يطل به المقام، إذ اضطر للعودة إلى سنجار ثم عاد مرة أخرى على رأس قوة أكبر واتخذ من قلعة «أبو قبيس» مقرًا له وبعد أن استقر به المقام، أسلم نفسه للتصوف ثم تفرغ للتأليف ولشرح أصول وأحكام المذهب النصيري.
من عقائد النصيرية
يعتبر النصيريون ديانتهم سرًا من الأسرار العميقة التي لا يبوحون بها لسواهم والمرأة عندهم لا تؤمن على هذا السر مطلقًا لأنها في نظرهم ضعيفة العقل والإرادة.
فالمرأة النصيرية لا دين لها.
أما الرجل فلا يعطى هذا السر إلا إذا بلغ «التاسعة عشر» من عمره فيعقدون حينذاك اجتماعًا خاصًا لتسليم سر الديانة له ويكون مؤلفًا من بعض الرؤساء الروحيين للطائفة مع كفيلين أو شاهدين يشهدان باستعداد الشاب لقبول السر ويضمنان محافظته عليه ثم سر ديانتهم بعد أن يحلف اليمين المقررة عندهم بأنه لا يبوح به ولو أريق دمه.
وقد تمكن بعض المبشرين الأميركيين العاملين في الساحل السوري من إغراء أحد أبناء زعماء الطائفة النصيرية «واسمه- سليمان» لإفشاء أسرار المذهب النصيري ولكنه أخبرهم بأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك في مكان إقامته حيث يكثر أفراد الطائفة.
فحملوه معهم إلى اللاذقية- حيث تنصر ثم كتب كتابًا أسماه «الباكورة السليمانية» ونشر فيه كثيرًا من أسرار المذهب النصيري.
وقد طبع الكتاب في اللاذقية، ثم جمع وأحرق واختفى من الأسواق واستمال النصيريون مؤلفه حتى عاد إلى مسقط رأسه فأماتوه شر ميتة بإحراقه حيًا.
ومذهب النصيرية خليط من ديانات ومذاهب مختلفة فإلاله عندهم معبود مقدس فرد لا شريك له يحل في الأجسام متى شاء وله التصرف المطلق وإليه ترجع الأمور.
ولكنهم يقولون بأن الإله حل في علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- فهو إمام في الظاهر والله في الباطن.
فأما الظاهر فهو القسم البشري قسم الناسوت الذي كان يأكل ويشرب ويلد ويولد وأما الباطن منه: فهو قسم اللاهوت الذي لا يأكل، ولا يشرب ولا يلد ولا يولد.
واحتجوا لذلك بقولهم: أن ظهور الروحاني بالجسد الإنساني أمر لا ينكره عاقل كما ظهر «جبريل» بصورة الأعرابي والشيطان بصورة الإنسان فإن الإله أيضًا يظهر بصورة أشخاص؟ ولما كان «على بن أبي طالب» وأولاده- أفضل العالمين فقد ظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم.
ثم قالوا لم يكن قتال المنافقين ومكالمة الجن وقلع باب خيبر بقوة جسدية إنما هي من أول الدلائل على أن فيه جزءًا إلهيًا وقوة ربانية.
ويعتقد النصيريون بتناسخ الأرواح فإن كانت صالحة فإنها تذهب إلى الإلهة أو الشمس أو الكواكب.
وإن كانت شريرة فإنها تدخل في جسم امرأة- أو تحل في الحيوانات النجسة كالخنازير والقرود وبنات آوى أو تحل في جسد إنسان سيء وبعد أن تتخلص من الشرور تعود للدخول في الأجساد البشرية المتألهة أو في أجساد الصالحين «من أبناء الطائفة طبعًا» مرة أخرى ويحتفل النصيريون مع المسيحيين وفي وقت واحد بعدة أعياد مثل: عيد الغطاس، والعنصرة، والتجلي وأهم أعيادهم هو: رأس السنة الميلادية ويسمونه: عيد القوزلة.
والنصيريين ثالوث كالنصارى مكون من:
1- المعنى «الأب» أو الغيب المطلق وهو «الله- علي».
2- الاسم «الابن» أو صورة المعنى وهو «محمد».
3- الباب «روح القدس» للوصول إلى المعنى وهو «سلمان الفارسي».
ولسلمان الفارسي -رضى الله عنه- منزلة خاصة عند النصيريين إذ يعتقدون أن «الملك جبريل» لم يكن سوى «سلمان الفارسي» وأنه هو الذي حمل القرآن كله إلى «محمد -صلى الله عليه وسلم-»، وأنه حامل الرسالة الإلهية إلى الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، أما الصلوات الخمس فمنهم من يقول بالاستناد إلى حديث ورد عن «سلمان الفارسي- رضي الله عنه-» أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم المباهلة في السنة العاشرة للهجرة وهو أمام وفد من بني الحارث المسيحيين من نجران جمع أهله الخمسة «هو وحفيديه وابنته فاطمة وزوجها» ودثرهم بدثاره وقرأ من سورة من آل عمران ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ (آل عمران: 61) لذلك ربطوا بين الخمسة أشخاص هؤلاء وبين الصلوات الخمس وخصصوا لكل واحد منهم صلاة فصلاة الفجر لعلي- والظهر لمحمد والعصر لفاطمة، والمغرب للحسن، والعشاء للحسين.
ولهم كتاب مقدس عندهم يسمونه «المجموع» مكون من «ست عشر سورة» أصغرها سورة «العقد» وهي أصغر السور، ومما جاء فيها:
«أشهد أن الله حق، وقوله حق، وأن الحق المبين علي بن أبي طالب الأنزع البطين والنار مثوى الكافرين، والجنة روضة المؤمنين والماء من تحت العرش يطوف وفوق العرش رب العالمين وحملة العرش الثمانية الكرام هم الذين إليه مقربون بمدتي في شدتي وعدة المؤمنين يسر عقد ع «علي» ق: م «محمد» ق. س «سلمان الفارسي»..
وهذه الأحرف الثلاثة «ع. م. س» كانت تعتبر من كلمات السر عندهم. ولتلاحظ معي -أخي القارئ- أن هذه الفرقة باطنية فهم لا يأخذون بالمعنى الظاهري التي ورد في هذه السورة إن جاز لنا القول بذلك- من كلمات الجنة والنار والعرش والمؤمنين والكافرين، بل يؤولونها بما يتفق وعقيدتهم، وقد أفتى كثير من علماء الإسلام بكفر هذه الطائفة ومنهم شيخ الإسلام «تقي الدين أحمد بن تيمية» الذي وصفهم بأنهم أكفر من اليهود والنصارى بل أكفر من كثير من المشركين وقال: «من المعلوم عندنا أن السواحل الشامية إنما استولى عليها النصارى من جهتهم وهم دائمًا مع كل عدو للمسلمين فهم مع النصارى على المسلمين؟» وقد نشرت مجلة المجتمع الغراء في عددها رقم «306» النص الكامل لفتوى شيخ الإسلام والتي أبانت رأيه في هذه الضالة وفقني الله وإياكم إلى الاستمساك بحبله المتين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل