; ماذا وراء اعتراض إيران على الخط النفطي في الخليج العربي؟! | مجلة المجتمع

العنوان ماذا وراء اعتراض إيران على الخط النفطي في الخليج العربي؟!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 20-أبريل-1976

مشاهدات 13

نشر في العدد 296

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 20-أبريل-1976

  • وحدة دول الخليج العربي قضية حياة أو موت

لعل إيران لم تكن واضعة في حسبانها إمكانية انتهاء الخلاف بين عمان وعدن، ولهذا كانت تصرح أن وجودها مرهون بانتهاء حرب ظفار وسوف تغادر قواتها العسكرية عمان فور انتهاء الحرب، وفوجئت فعلا بانتهاء الحرب إلا أنها لم تبر بوعدها وما زالت قواتها ترابط في عمان، وهذا دليل جديد يكشف لنا نيات إيران العدوانية وأن لها أطماعًا في منطقة الخليج وفي كل مناسبة تقدم لنا إيران دليلاً.

منذ أيام تمخضت الاتصالات الرسمية بين دول الخليج العربي على ضرورة إقامة خط نفطي عبر الأرض العربية إلى البحر الأحمر. والمشروع مهم جدًا، فهو وسيلة لإعادة وحدة دول شبه الجزيرة العربية التي مزقها الاستعمار البريطاني الخبيث، وتخطيط لاستقلالنا في الاستفادة الكاملة من خيرات بلادنا دون أن يكون لدولة أجنبية حق المشاركة.. والموضوع قوبل بارتياح شعبي في دول شبه الجزيرة العربية، وتوقعنا أن يرتاح منه ويفرح له كل مسلم في العالم، لكن إيران خيبت ظننا وراحت الصحف الإيرانية الرسمية تعلن مهاجمتها لهذا المشروع، وتهدد وتتوعد دول المنطقة بعنجهية فارسية خالية من كل ذوق أو لباقة، نعم نقول بعنجهية فارسية لأن هذه الصحف قالت بالحرف الواحد: إن من الخطأ القول بأن إيران خلفت بريطانيا، فإيران موجودة هناك بالفعل، وظهور قوتها ومجدها السابق كقوة عالمية لم يترك مجالًا لأية قوة خارجية كي تظل هناك بما في ذلك بريطانيا.

ولا نعرف هذه القوة والمجد الذي استقلت به إيران إلا في زمن كسرى أنو شروان ومن سبقه وها هي تعلن عن ظهور هذا المجد السابق، وهي دعوة إلى الجاهلية بعد أن من الله علينا بالإسلام.. وإنها اليوم دولة عالمية لا تقل عن بريطانية وعلى دول الخليج أن تدرك مصالحها المشتركة مع إيران ولا تعقد أي اتفاق إلا بعد مشورة وموافقة إيران.. هل هذه معاملة المسلم لأخيه المسلم أم أن القضية فرس وعرب كما كانت في الجاهلية؟

بالأمس ملأت الدنيا جعجعة واستدعت سفراءها من الخليج لأنهم سموا وكالة أنباء مشتركة بين دول المنطقة بوكالة الخليج العربي، وتراجعت دول شبه الجزيرة العربية أمام تهديدات إيران وحذفت كلمة عربي وبعد هل رضيت إيران؟

إن لإيران أطماعًا في الخليج من أجله تنتج أسلحة حديثة، ونوعية سلاحها وحجمه يشير أنه من أجل غزو بلادنا..

ومن أجل أطماعها احتلت الجزر العربية، ونجحت عسكريًا بعمان وتحتال بأسباب واهية لبقاء وجودها في عمان..

ومن أجل أطماعها تنظم هجرة أبنائها لدول الخليج ومع مرور الأيام يحصلون على الجنسية ويصبحون مواطنين في هذه الدول.

ومن أجل أطماعها تحارب أية فكرة لتوحيد دول هذه المنطقة وجمع كلمتهم، وتحرص على استمرار التجزئة، وتنمية الخلافات، وزرع الشقاق.

فإلى متى تستهين دول شبه الجزيرة العربية بالخطر الإيراني؟ وإلى متى تتراجع هذه الدول أمام أوامر إيران الجامحة؟

والدول العربية بكل تأكيد ليس لديها نيات عدوانية في إيران مطلقًا ولكن من حقها أن تستعد لخطر قادم لا شك فيه.

ولا يكون هذا الاستعداد إلا بالعمل الدائب من أجل وحدة دول شبه الجزيرة العربية أو اتحادها، ورفض هذه الكيانات الزائفة التي حقنتها بريطانيا، وحرصت على بقاء أمور معلقة بين دول الخليج.

بريطانيا المجرمة هي التي صنعت خلاف الحدود بين المملكة العربية السعودية واتحاد الإمارات، وبين البحرين وقطر، وبين العراق والكويت وبين دول اتحاد الإمارات نفسها، وبين عمان وعدن.

وبكل أسف طالعتنا الأخبار عن تجدد الخلاف بين قطر والبحرين من أجل جزيرة صغيرة لا تستحق خلافًا ونحن نرفض الدخول في هذه الخلافات وتحديد من الدولة صاحبة الحق في الأرض المتنازع عليها، نرفض الدخول بهذه الخلافات لأننا لا نؤمن بالكيانات التي خلفتها بريطانيا وننظر إلى هذه الدولة أنها جزء من أمة واحدة ودولة واحدة وصفها الله في قرآنه الكريم ﴿إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: 92) ومؤمنون بأن هذه الأمة يجب أن تعود كما كانت ولهذا نعمل.

إن لحكام دول المنطقة أن يدركوا أن هذه الكيانات لا تصمد ولا يمكن أن تصمد أمام الغزو الخارجي، وماذا لو كانت الجزيرة مع البحرين أو مع قطر، ماذا لو سكتت قطر عن الجزيرة للبحرين أو قامت البحرين بتسليم الجزيرة لقطر، وهل هذه الجزيرة تستحق خلافًا لا سيما في وقت عصيب يهدد المنطقة بأسرها.

إن لحكام دول المنطقة أن ينقلوا فكرة الوحدة والاتحاد من القول الذي يصرحون به في كل مناسبة إلى العمل الذي يفعلونه ولو مرة واحدة.

إن تاريخ الأندلس خير شاهد لحكام دول المنطقة: فعندما تحولت الدولة الواحدة إلى دويلات، وصار حكام هذه الدويلات المسلمة يحارب بعضهم بعضًا وكل يهم في بسط نفوذه على جيرانه.. عندئذ ابتلاهم الله بغزو الفرنج فاحتلوا جميع هذه الدويلات وقتلوا الحاكم والمحكوم وأبادوا المسلمين على الهوية، وكما يحصل في لبنان الآن.

في هذه الحالة- نسأل الله ألا تتكرر- لا تبقى جزيرة نختلف عليها، لا قطعة أرض تافهة، ولا بضعة أمتار من الحدود الصحراوية التي ليس فيها زراعة ولا حياة.

يجب أن نزيل كل سبب للخلاف، وعلى شعوب المنطقة أن يفصحوا عن رغبتهم الملحة في الوحدة التي لا يرضون عنها بديلاً.. وأن يرفضوا كل دعوة جاهلية.

إن أشد ما نخشاه أن يتحول جنون الكرة ومبارياتها إلى سبب للخلاف بين دول المنطقة، نخشى والله أن تكون هذه الكرة سببا لتكريس العداء والبغضاء بين دول المنطقة ومعظم النار من مستصغر الشرر.

وإذا كنا ندعو إلى الوحدة بين دول المنطقة، فإنما لا ندعو إلى أية وحدة، وإلى أمجادنا الجاهلية كما تصنع الصحف الإيرانية في دعوتها إلى جاهليتها الفارسية.

نحن ندعو إلى وحدة قائمة على تعاليم وقواعد الإسلام الذي جعل منا خير أمة أخرجت للناس.. نعم نحن ندعو إلى وحدة قائمة على العقيدة الإسلامية والخلق الإسلامي، والاقتصاد الإسلامي وبغير الإسلام لم ولن نكون خير أمة أخرجت للناس.. وعندما نصدق في الدعوة الإسلامية ستستجيب لنا أصوات مخلصة صادقة في جنوب وغرب وشمال إيران، ولسوف تغدو الأصوات الجاهلية قليلة لا يؤبه لها… ولسوف يتهاوى الصوت الذي يهددنا بأمجاد كسرى أنو شروان ويتحطم على صخرة الإسلام الذي لا يقهر بإذن الله.

إننا أمام مفترق طرق خطير وخطير جدًا، إما أن نمضي بخلافاتنا حول جزيرة وأمتار من الأرض وحول الكرة وعندئذ سنتعرض لخطر ماحق تعد له إيران عدته وتهيئ أسبابه وتغتنم كل فرصة للتدخل وإقامة قواعد في المنطقة، وإما أن تتوحد كلمتنا ونسمو على أطماعنا وخلافاتنا وعندئذ نقلم أظافر كل من يفكر باحتلال أرضنا، ونجعل من بلادنا الواسعة مقبرة لكل معتد أثيم، ولا نسمح بإسرائيل الثانية في أرضنا.

إننا أمام موقف تاريخي فاصل والخطر منا قاب قوسين أو أدنى، وعلينا أن نجتمع صفًا واحدًا لإخراج القوات الأجنبية من عمان ومن جزرنا العربية، ونتصرف بأرضنا بحرية كاملة دون وصاية أو رقابة أحد.

 

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل