العنوان ماذا ينتظر المسلمون بعد تحويل المسجد الإبراهيمي إلى كنيس يهودي ؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 15-نوفمبر-1994
مشاهدات 11
نشر في العدد 1125
نشر في الصفحة 5
الثلاثاء 15-نوفمبر-1994
ارتكبت سلطات الاحتلال الصهيوني جريمة جديدة كبرى في حق الأمة الإسلامية كلها وذلك بإعلانها عن تقسيم المسجد الإبراهيمي في الخليل بين المسلمين واليهود، بما يعتبر اعتداء صارخًا وتحديًا مباشرًا لمشاعر مليار ومائتي ألف مسلم، فالمسجد الإبراهيمي هو رابع بقعة مقدسة لدى المسلمين بعد الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى وهو مسجد للمسلمين منذ ألف وثلاثمائة عام، وظل كذلك حتى احتل الصليبيون فلسطين في القرن الثاني عشر الميلادي فحولوه إلى كنيسة ثم جاء صلاح الدين الأيوبي فحرر بلاد المسلمين من الصليبيين ورد للحرم الإبراهيمي قدسيته وطهارته فعاد مسجدًا للمسلمين وحرم على اليهود والنصارى دخوله حتى احتل الصهاينة مدينة الخليل مع الضفة الغربية في العام ١٩٦٧م وحاولوا من وقتها تحويل جزء منه إلى كنيس ولم يكونوا يستطيعون في البداية إلا ارتقاء سبع درجات فقط منه لكنهم أخذوا يعتدون على قدسيته شيئًا فشيئًا ويضيقون على المسلمين ويسعون لمنعهم من آنٍ لآخر من أداء الصلاة فيه.
حتى جاء الإرهابي الصهيوني المجرم باروخ جولدشتاين بخطة مدروسة فارتكب مجزرة ضخمة في الخامس والعشرين من فبراير الماضي ضد المصلين أثناء صلاة الفجر، مما أدى إلى مقتل ثلاثين مسلمًا وإصابة عشرات آخرين، ثم قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بإغلاق المسجد الإبراهيمي في وجه المصلين فيما كانت تعد لمؤامرة كبرى تهدف للاستيلاء على أكبر جزء منه وتحويله إلى كنيس يهودي بعدما تأكدت بأن الخنوع والاستسلام العربي لمطامعها والذي وصل إلى حد التفريط في فلسطين كلها لا يمكن أن يؤدي إلى حدوث أي اعتراض على استيلاء إسرائيل على معظم المسجد الإبراهيمي وتحويله إلى كنيس للصهاينة. وهذا ما حدث بالفعل فوسط صمت مطبق من دول العالم الإسلامي جميعها التي اجتمع كثير منها في الدار البيضاء أوائل الشهر الجاري للمساهمة في مسيرة دعم «إسرائيل» وتقويتها بأموال المسلمين، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوع الماضي عن تحويل أكبر جزء من المسجد الإبراهيمي إلى كنيس لليهود.
فتم تقسيم المسجد إلى جزءين يسيطر الصهاينة على الجزء الأكبر منه والذي يعادل ٥٥% من مساحة المسجد بما فيها الصحن والمنبر والبهو الداخلي الكبير وقد حظرت على المسلمين حظرًا تامًا دخول هذه المناطق، وخصصت لهم أماكن ضيقة لأداء الصلاة ولتأكيد الهيمنة الصهيونية على المسجد الإبراهيمي الذي يعتبر أكثر المناطق قدسية لدى المسلمين بعد الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى، فقد كان أول من دخله فور إعادة فتحه فجر الإثنين الماضي هو الإرهابي الصهيوني المجرم آرييل شارون وزير الدفاع الصهيوني السابق على رأس مائة وخمسين من الإرهابيين الصهاينة، فيما لم يدخله للصلاة من المسلمين سوى شخصين فقط وفيما يدخل المسلمون إلى المسجد عزلًا إلى المسجد فقد خصصت غرفتان للصهاينة حتى يضعوا بها أسلحتهم التي يدخلون بها إلى الحرم الإبراهيمي بقصد ترويع المسلمين، حيث يأملون بعد هذه الخطوة في الاستيلاء عليه كاملًا معتمدين على الخنوع والاستسلام العربي أمام مطامع اليهود وجرائمهم.
إن السكوت على هذه الجريمة الصهيونية الكبرى هو جريمة من الساكتين لا تقل عن جريمة الصهاينة، وإن تدنيسهم اليوم للحرم الإبراهيمي وتحويل أكبر جزء منه إلى كنيس لن يمنعهم غدًا من تقسيم المسجد الأقصى بنفس الطريقة وتحويل مسرى الرسول أولى القبلتين وثالث الحرمين إلى كنيس هو الآخر.
إن هذا الصمت المهين من غالبية المسلمين أمام اعتداء الصهاينة على الحرمات والمقدسات والأرض والعرض سوف يقود لا محالة إلى قانون السنن الربانية في الاستبدال والتغيير، أيها المسلمون في كل مكان في هذا التحدي الصهيوني السافر والاعتداء الصارخ على حرم الله فالمسجد الإبراهيمي هو قضية كل مسلم وأمانة في عنق كل مسلم، فهبوا هبة رجل مؤمن واحد وجاهدوا بكل ما أوتيتم من إمكانات لاسترداد كل الحقوق المغتصبة، وأعلنوها قوية مدوية أنكم على الحق سائرون وأنكم من جند الله المخلصون واعلموا أن الأرواح والأموال هما وديعة من الله فأرخصوها في سبيل إعلاء كلمته ورفع راية دينه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (المائدة: ٥٤).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلمعركة إعلامية يخوضها الاحتلال الصهيوني لتسـويــق روايتــه المشـوَّهــة
نشر في العدد 2178
813
السبت 01-أبريل-2023
الذكاء الاصطناعي وصراع الأدمغة.. حـــرب خفيـــة بين المقاومــة الفلسطينيـــة والاحـتـــــلال الصهيـونــــــي
نشر في العدد 2178
759
السبت 01-أبريل-2023