العنوان ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره!
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1983
مشاهدات 20
نشر في العدد 623
نشر في الصفحة 57
الثلاثاء 31-مايو-1983
o أخرج «أبو نعيم» في «الحلية» عن «جبير بن نفير» -رضي الله عنه- قال: لما
فتحت جزيرة قبرص، فرق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيت أبا الدرداء -رضي الله
عنه- جالسًا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام
وأهله؟ قال: ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله إذا هم تركوا أمره.. بينما هي أمة
قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله، فصاروا إلى ما ترى، فسلط عليهم السباء، وإذا
سلط السباء على قوم فليس لله فيهم حاجة.
·
نعم ليس لله حاجة في قوم تنكبوا عن صراط
الله المستقيم.
·
نعم ما أهون الخلق على الله إذا هم استبدلوا
شرعته ومنهاجه بشرائع مستوردة من شرق ملحد أو غرب صليبي حاقد.
·
نعم لا نصر لأمة ضلت طريق الله، وسلكت طريق
الشيطان، والله تعالى يقول: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ
ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾
(البقرة: 268).
·
إن ما حل بالأقوام السابقة التي نبذت أمر
الله من فقر وتمزق وضياع لا يختلف البتة عن واقع المسلمين المأساوي المرير اليوم، هزائم
داخلية وخارجية متلاحقة، فقدان الأرض والمال والمقدسات، اتفاقيات ذل وعار يفرضها العدو
علينا بالحديد والنار واحدة تلو أخرى!
ملايين اليتامى والثكالى والمشردين والمعتقلين
والنازحين، والمسلمون اليوم مازالوا ينتظرون القائد المنقذ، الذي يقود سفينتهم إلى
بر الأمان، فيعيد البسمة لهذه الملايين المنكوبة بحكامها الذين استهانوا بأمر الله،
فأهانهم الله على يد عدوهم، لا تزال الأمة المسلمة تنتظر الحاكم الصالح الممتلئ قلبه
بمشاعر الإيمان؛ ليدخل السعادة إلى كل بيت، والطمأنينة إلى كل قلب، والغذاء والكساء
لكل فرد، فلا تعرى أمة ليكتسي أفراد، ولا تجوع ملايين ليشبع عشرات، ولا تفتقر جماهير
لتغنى مئات!
من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم
أبي
يغترون أم علي يجترئون؟
• حدثنا سويد، أخبرنا ابن المبارك،
أخبرنا يحيى بن عبيدالله، قال سمعت أبي يقول:
سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم: يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود
الضأن من اللين، ألسنتهم أحلى من السكر، وقلوبهم قلوب ذئاب، يقول الله- عز وجل: «أبي
يفترون أم عليَّ يجترئون؟ فبي حلفت لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حیران».
وفي صحيح الترمذي -رضي الله عنه: «يختلون
الدنيا بالدين»، أي: يطلبون عمل الدنيا بعمل الآخرة.
• حدثنا محمد بن بشار: حدثنا وهب
بن جرير: حدثنا أبي قال: سمعت النعمان بن راشد يحدث عن الزهري عن عبدالله بن الحرث
عن عبدالله بن خباب بن الأرت عن أبيه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة
فأطالها، قالوا: يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليها! قال: أجل، إنها صلاة رغبة ورهبة،
إني سألت الله فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته ألا يهلك أمتى بسنة
فأعطانيها، وسألته ألا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها، وسألته ألا يذيق بعضهم
بأس بعض فمنعنيها».
ظلال
يوم أن
تمسك المسلمون بكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- عاشوا أعزاء سعداء مرهوبي
الجانب، ويوم تخلى المسلمون عن شريعة ربهم وسنة نبيهم ألبسهم الله لباس الذل والمهانة،
وأوقع فيهم الفتن الحالكة، وجعل بأسهم بينهم شديدًا، وقد بين لنا رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- أنه لا خوف علينا من أن نهلك لنقص في الثمرات، ولا خوف من تداعي الأمم علينا،
ولكن الخوف كل الخوف أن يذيق بعضنا بأس بعض.
وهذا ما هو كائن في المسلمين اليوم، فرقة وتشتت، وأهواء متضاربة،
وخلافات مستعصية، وحروب طاحنة تجعل الحليم حيران، فهل يعود المسلمون ثانية إلى بر الأمان
فيتمكنوا بقرآنهم وسنة نبيهم؟