العنوان المجتمع ثقافي.. العدد 1533
الكاتب : مبارك عبدالله
تاريخ النشر السبت 04-يناير-2003
مشاهدات 23
نشر في العدد 1533
نشر في الصفحة 48
السبت 04-يناير-2003
المعركة على اللغة العربية جزء أصيل من المعركة ضد الأمة
الأدلة العلمية تقطع بعربية الأرقام المشرقية
وسط حمى تقسيم البشر إلى أعداء وخصوم وتحت عجلات الهيمنة وسحق الآخرين، كان مؤتمر اللغة العربية في التعاون الدولي تأسيسًا وترويجًا للتعارفية التعددية اللغوية، وتصحيحًا للأفكار السوداوية التي ينشرها أعداء الإنسانية عن العرب ولغتهم ودينهم ورسالتهم، وبمشاركة وفود تمثل عشرين دولة، وتحت رعاية جامعة الدول العربية عقدت جمعية لسان العرب بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية مؤتمرها السنوي التاسع الذي أنهى أعماله مؤخرًا، عقب عشرين جلسة ناقشت أكثر من ستين بحثًا عالجت قضايا التعريب والمعالجات اللغوية تحت بؤرة التقنيات الحديثة مع مدارسة بعض الآليات الرياضية حول تقويم اللسان العربي وأثره في التقانة الدولية.
تناول الدكتور عاطف نصار رئيس كلمته مخطط هذه المؤتمرات الذي المؤتمر في بدأ بخطر اللغة في تكوين الهوية، وواقعها في تخطيط التنمية البشرية، ثم تدرج إلى وضع ميثاق في رعاية اللغة العربية، وتحديد أفاق العمل العربي المشترك.
وأوضح دور اللغة في تحويل التعددية إلى إيلافية، مبينًا أثر اللغة في التعبير بالشكل والصورة والرقم محذرًا من موات لغة أمة على أي صورة من الصور، لأن في ذلك موت الأمة نفسها، فبقدر تمسك الأمة بدينها يكون تمسكها بلغتها، مبينًا أثر لغتنا في بناء الحضارات وامتزاج الثقافات، وهو مناط التنمية البشرية والتفاهم بين الشعوب من كل لون وجنس ودين.
وألقى د. إبراهيم بركات رئيس قسم اللغة العربية بجامعة السلطان قابوس بحثاً موسعًا حول التعريب والتعليم باعتبار اللغة عالمًا يقابل عالم الموجودات والمتخيلات والمكنونات، وهي المداد الحضاري لمستقبلنا الذي تتضافر ضده المخططات وتحيط به المؤامرات مما يستدعي بناء الشخصية وتكوين الذات من أعتابها الأولى في اللسان والزمان والمكان. ومن ثم فالتعريب ضرورة قومية، ومهمة وطنية، وفريضة دينية ورسالة حضارية، وليست لدينا مشكلة في ضوء الغني العريض للغتنا من إقراض واقتراض ودخيل ومولد ومحدث، وذلك حتى لا تذوب الشخصية العربية في الشخصية العالمية السائدة لغويًا الآن.
«تشومسكي، وأصالة ابن يعيش»
ثم أظهر عبد المنعم حسين الغروري منهج التأصيل العربي الذي بنى عليه تشومسكي منهجه الرياضي في التحويل Transformation من الأبنية العربية العميقة للفظ إلى الأبنية السطحية للفظ الأعجمي، وتتلخص في القواعد الخمس القائمة على التحويل بالإسقاط أي الحذف DELETE والتحويل بالقلب المكاني للأحرف
وأطلقت عليه المعاجم الإنجليزية لفظ -METATHE SIS والتحويل بالنحت للاختصار وأطلقت عليه المعاجم الإنجليزية اللفظ AGGLUTINATE ثم التحويل بالإبدال SUBSTITUE ثم فك الحروف المزدوجة وإرجاعها إلى أصولها. وأثبت الغروري إلى جانب العلامة المغربي-محمود عبد السلام شرف الدين أن ما قاله العلامة اللغوي ابن يعيش هو ما يقوله اليوم تشومسكي، بنظريته التحويلية ثم وضح أن العقل يقوم بتحويلات ذهنية إلى جانب التحويلات اللغوية مؤكدًا بذلك منهج التأصيل العربي وريادته في هذا الباب وضرب الغروري عشرات الأمثلة العلمية مبينًا أصالة أسماء المئات من الكلمات التقنية عربيًا، فعرض لكل مصطلحات إسحاق نيوتن والمصطلحات الصناعية الأمر الذي أكده بحث الدكتور علي حلمي موسى في ضرورة خروج المعجم العربي الآلي التاريخي للنور، وهو عبارة عن قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على الألفاظ العربية كما هو مدون في المعاجم قديمها وحديثها، حيث لا يوجد شعب آخر يحق له الفخار- إذا استثنينا الصين-بوفرة كتب علوم لغته سوى العرب، فقد كانوا أصحاب شعور مبكر بحاجاتهم اللغوية وتنسيق مفرداتها بحسب أصول وقواعد. وقدم الدكتور علي موسى عدة دراسات إحصائية لجذور معجم لسان العرب وتاج العروس، كما قدم للمؤتمر دراسة عملية تكنولوجية لألفاظ القرآن الكريم مبينًا طرق الإفادة من هذه الدراسات في النحو الحاسوبي والإملاء الحاسوبي.
ومما لاشك فيه أن تهيئة لغتنا العربية للمعالجة الآلية الجديرة بأن تمنحها ارتقاء وكفاية ومنطقية على المستويين النظري والتطبيقي، إلى جانب دعمها بعوامل القوة والصمود لتقلبات الزمن.
وبخصوص المحور الثاني للمؤتمر حول المعالجات الحاسوبية للغة العربية دارت بحوث د سلوى حمادة ود. محمد عبد الله الشامي ود فايزة يعقوب ود. عبد الرحمن السمان حيث تناولت هذه الأبحاث دور اللسانيات الحاسوبية علميًا وأدبيًا في عمليات التحليل والإحصاء وتوفير الوقت والجهد، خاصة في المناهج النصية التي تعتبر الإحصاء عاملاً فاعلاً في نقد النصوص، وكذلك في مجال تحقيق التراث ونشره، كما أن الترجمة الآلية هي إحدى ثمرات المعالجة التطبيقية الآلية، للخروج بنا من عزلتنا وتقوقعنا الثقافي، إلى التفاعل والتحاور مع الآخرين، ومحاولة ردم الفجوة العلمية الهائلة بيننا وبينهم.
ثم تطرقت جلسات المؤتمر إلى منهج التأصيل العربي في شجب الأرقام الغربية وإقامة الأدلة العلمية القاطعة على عربية رسم الأعداد المشرقية واستعراض ظواهر الاحتكاك اللغوي والاقتراض وواقع العربية بين اليهود، والعبرية بين العرب في فلسطين المحتلة، حيث أثبتت الدراسة التي أعدها نفتالي كنبرح، ورفائيل تلمون، وترجمها وعلق عليها بجلسات المؤتمر د. أحمد مصطفى أبو الخير ود . أحمد فريد عبد الشافي أن اليهود في تاريخهم الطويل لم ينسوا ثلاثة أشياء منها اللغة العبرية.
وأثبتت هذه الدراسة اللغوية أن العرب أمة أساسها اللسان العربي، أما اليهودية فأساسها دين، كما قال ديورانت، في قصة الحضارة وليس بيننا وبينهم عمومة وكل ما هنالك أن منهم قلة عاشت بين العرب أو انحدرت من أصول عربية. ويلاحظ أن معظم معلمي العربية في الجامعات العبرية (بار، إيلان، حيفا، تل أبيب) ليسوا عربًا وأن تعليم العبرية يؤخذ بكامل الصرامة والجدية ورغم إجادة 74% من الطلاب العرب للعبرية إلا أن عربيتهم لم تتأثر أو تتأكل.
التعريب ومعركة الوجود
الأبحاث التقنية تؤكد أصالة لغتنا وريادتها
وحول محور التعريب دارت أبحاث د رشيدة الزاوي من كلية التربية بالرباط التي تناولت تجربة تعريب المصطلح العلمي في التعليم العام بالمغرب من خلال الدراسات الميدانية التي أظهرت بعض الأخطاء النحوية والصرفية في تعريب المصطلحات، إلى جانب بعض الخلل الوظيفي في رؤية وتداول المصطلح المعرب، ومن ثم تقترح د. رشيدة الزاوي خطة تشريعية عربية تعاونية تربوية لإصلاح البناء اللغوي المعرب وتطويع الحاسوب الآلي للمناهج التعليمية.
وعلى هذا المحور تواكبت أبحاث د. حسناء بنت عبد العزيز ود. عبد الرحمن السمان و د. رشاد محمد سالم حول التعريب كضرورة حضارية، لضمان دخول أجيال العرب الجديدة علميًا وتقانيًا وحضاريًا القرن الحادي والعشرين بأهلية تطبيقية من اللغة والدين، حيث تمثل السيادة اللغوية والثقافية أساسًا داخليًا وخارجيًا لسيادة الدولة سياسيًا .
ثم طرحت الدكتورة طيبة صالح الشذر من جامعة الكويت رؤية لوجهة نظر لغوية في النحو العربي، مبينة أن الصعوبة المدعاة بشأن النحو العربي ليس النحو سببها، إنما تعزى إلى فساد السليقة، والجهل باللغة، والقصور في إتقان القواعد، وإهمال التكامل اللغوي (النحوي والصرفي والصوتي والدلالي) ومدى ضرورته في تنمية قدرة الدارس على الفهم والتواصل والتحليل في دعوة لبناء نمط لغوي أدائي متكامل يعزز دور الطالب كقارئ للنص، ويقدم له سلوكًا لفظيًا متكاملًا يكشف له عن تراكيب اللغة ويقدم له وعاء ثقافيًا متكاملًا يساعد الدارس على تذوق اللغة والتألف معها وبناء الحس اللغوي السليم لديه.
وانتهى المؤتمر إلى عدة توصيات بشأن تعليم العربية لأبناء الجاليات العربية بالخارج لاستمرار لغتهم بعروبتهم ودينهم، وضرورة التعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والحكومية في هذا الشأن، وحتمية صدور قرارات سياسية ملزمة بشأن التعريب وربط التعريب والترجمة بالأبحاث العلمية وترقيات أساتذة الجامعات، وحماية عروبة فلسطين كأساس ديني ووطني وواجب لغوي معاصر يمثل أحد أهم ركائز البقاء في معركة الوجود.
واحة الشعر
فتى طوباس
شعر: محمد أبو دية
«طوباس»، بلدة في الشمال الشرقي من نابلس يعيش فيها أكثر من عشرة آلاف نسمة.. أحد فتيان هذه البلدة انضم إلى كتائب القسام منذ كان عمره ١٤٠ عاماً، وظل مطاردًا طيلة خمس سنوات حتى سقط شهيدًا بأيدي المستعربين اليهود يوم الأربعاء الأخيرة من شهر شعبان عام ١٤٢٣هـ.
جريء للفدا نسبــا |
| ويوم الجد ما لعبــا |
يحب المسجد الأقصى |
| يحب القدس والعــربا |
يحب الأمة الكبرى |
| ويروي الشعر والخطبا |
ويسمع صيحة القدس |
| ولم يرفض لهــا طلبا |
إذا نادى مناديهـا |
| إلى ميدانهــا وثبا |
ويصحب إخوة صدقوا |
| ويخلع كل من كذبـا |
يهاجم كل طاغيـــــــــة |
| ويوجع كلمــــــــا ضربـا |
يدك عدوه دكـا |
| يشق العظم والعصبـا |
وتتبعه ذوات الريش |
| تذهب حيثمـا ذهبـا |
فتشبع من فرائسه |
| وترقص حولـه طربـا |
فتى في كل موقعــــــة |
| يذيق عدوه العطبـا |
ويرهب أمة ظلمت |
| فيملأ قلبهــا رهبـا |
يبيت بكل معتمة |
| يعلم وحشهـا الأدبا |
تظن خياله جنا |
| إلى الغايات منسربا |
يعاتب كل ذي كسل |
| يثور بوجهه غضبا |
ويعلو كل شاهقـــــــة |
| يسامر فوقها الشهبا |
كهوف بلاده حصن |
| وتحميه من الغربا |
قليل الزاد يكفيه |
| ولا يشكو لنــا سغبا |
ويشكو خصمه تعبا |
| ولا يشكـو إذا تعبا |
ويشرب من عيون الصخر |
| أحبب بالذي شـربا |
تقول الأم يا ولـدي |
| هجرت النوم واللعبا |
هجرت القرية الخضراء |
| والتفاح والعنبا |
ونمت على صخور القدس |
| للرحمن محتسبــا |
دفعت عن الحمى شرا |
| وناراً أرسلت لهبا |
وحولك إخوة صبروا |
| ومن يصبر فقد غلبا |
طلائع أمـة سبقوا |
| خميس الأمة اللجبا |
ستطلع شمس أمتنا |
| بنور يشبه الذهبا |
تنير المسجد الأقصى |
| تجـدد شهره رجبا |
وهبت العمر يا ولدي |
| وخير شبابنا وهبا |
وهبت العمر للقدس |
| ولم ترفض لها طلبا |
فنم في روضة الشهداء |
| لن تلقى بها تعبا |
وحولك إخوة صدقوا |
| ومن يصدق فقـد غلبا |
أجابوا صيحة القدس |
| وقالـوا نصرها وجبــــــــــا |