; مجلة العربي ماضية فيما عودتنا عليه | مجلة المجتمع

العنوان مجلة العربي ماضية فيما عودتنا عليه

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1976

مشاهدات 10

نشر في العدد 322

نشر في الصفحة 35

الثلاثاء 26-أكتوبر-1976

  • الاستطلاع الرئيسي:

تركيز على تعرية المرأة وأشقائها:

فالاستطلاع الرئيسي فيها والذي أعده اسمان معروفان، جاء على نفس النهج المألوف عنهما.. تركيز على التناقضات.. وإيهام أن الإسلام مرتبط بالتأخر ولو بشكل غير مباشر، نفس النهج بشكل غير مباشر وإشادة بإخراج المرأة وتعريتها ودعوتها للسفور والفجور وتصوير المسلمة المحافظة تصويرًا يثير السخرية..  إلخ. 

ويلاحظ أنهما يكيلان المدح للبلدان- سبها وغان ومرزق- ويصفانها بالكرم وعدمه ويصنفانها بقدر ما يحققان من فوائد خاصة- على ما يبدو..  ولعل هذا مثل من أسباب حملتهما على بلدية سبها على الرغم من أنهما ملآ الاستطلاع عن مظاهر النهضة فيها وهذا نهج معروف وإن غاب عن بعض المسئولين..  فعدا عن المبالغ الباهظة التي تتكلفها رحلات المستطلعين، والأجور الإضافية اليومية السخية التي تبذل لهم، ولكنهم لا يقنعون ولا يشبعون..  بل يقومون على ما يبدو بعمليات مساومات ملتوية ويقبضون ثمن إبراز أمور وقد يدفعون أخرى إذا لم يتقاضوا الثمن المناسب.

  • المقال الرئيسي: 

في رسم يحاول سلب الصبغة الدينية عن الصراع بيننا وبين أعدائنا:

هذا وعلى الرغم من أن العدد الأخير من «العربي» احتوى على بعض المقالات الإسلامية والمعلومات المفيدة..  فإن المقال الرئيسي جاء فيه بشكل أقل ما يقال في صاحبه «رئيس التحرير»، إنه أراد أن يحسن فأساء. 

هذا إذا أحسنا النية.. 

ولكننا نعلم أن السيد أحمد بهاء الدين قد ذكر في حديثه مع أحد ملاحق السياسة في الشهر الماضي أنه جاء لرسالة وأنه يريد- «التنوير والتقدم- ويتذرع لذلك بالصبر وطول البال وقد وردت بعض المغالطات في كلامه آنذاك مما دفع الأستاذ أحمد السقاف أمين رابطة الأدباء ليرد عليه ردًا ساحقًا. 

فبعد العدد الذي قبل الماضي والذي بأكثر من ثلثه بمناسبة عيد الاستقلال الأمريكي وأشاد بالأم الكبرى للصليبية العالمية المعتدية..  جاء من هذا العدد ليحاول التغطية على بعض مواقفه وليكتب مقالًا رئيسيًا منافيًا بعنوان «نحن نعيش الحرب الصليبية العاشرة» ، وهذا القول مبدئيًا صحيح..  ونحن نوافقه فيه..

ولكن إذا ما قرأنا المقال خرجنا بنتيجة وهي أن المقال محاولة لنفي الصفة الدينية عن الحروب الصليبية وكذلك عن الحرب اللبنانية والصراع الحالي بيننا وبين الغرب والشرق كافة. 

هذا عدا عن وصف تركيا بالاستعمار وظلمها وتصغير دورها إذ إنها حمت عالمنا العربي والإسلامي من الاحتلال الأوروبي الصليبي قرونًا عدة.

  • أعداؤنا يفسدون أجيالنا ويخفون الطبيعة الدينية للصراع:

لا ينكر بالطبع أن الغزاة الصليبيين- قديمًا وحديثًا- يريدون أهدافًا قد لا تكون لها صلة بالدين..  ولكن لا بد أن نعلم أن المحرك الأساسي لهم قديمًا وحديثًا هو كوننا مسلمين وأن الإسلام إذا عز وانتصر واجتمع عليه أهل هذه المنطقة- العالم الإسلامي وخاصة قلبه- العالم العربي وتركيا- أصبح من جهة مستعصيًا على أطماعهم ومؤامراتهم، ومن جهة أخرى- خطرًا يهددهم- كما يعتقدون- ويهدد بانتشاره في شعوبهم..  ولذا عمدوا إلى تشويهه في مناهجهم وإعلامهم وفي نظر أجيالهم مما أرجع إليه الكاتب الفاضل عبارة غورو لصلاح الدين ولو أنصف لاعتبرها إشارة واضحة إلى الحقد الصليبي الدفين..  وفاضحة لما يضمره الذين جاءونا في الحرب العالمية الأولى باسم التحرير وتعاون معهم المشبوهون والنصارى سرًا وعلنًا قبل الاحتلال ضد الخلافة العثمانية التي تصدعت وضعفت فسهلت الإطاحة بها وفتكت بها المؤامرات الصليبية واليهودية الداخلية والخارجية.

«العربي»: ومع ذلك فالطابع الصليبي واضح:

كما نضيف إلى معلومات الكاتب «والقارئ» كلمة أكثر صراحة هي كلمة الجنرال اللنبي حين دخل القدس سنة ١٩١٧ في الحرب العالمية الأولى وقد عاد إلى ذهنه دخول الصليبيين الأول إليها سنة ۱۰۹۹ حين ذبحوا فيها سبعين ألف مسلم الشمس وعما قاله الراهب نسطور وخاضت خيلهم في دماء المسلمين إلى ما فوق الركب..  ولكن الغيرة الإسلامية عادت فاستخلصتها منهم..  ولكن اللنبي يبدو مطمئنًا هذه المرة فقد قال بصراحة:

«الآن انتهت الحروب الصليبية».

أي سقطت القدس نهائيًا بيد ريكاردوس الصليبيين الإنجليز وانتهت مقارعة الخلافة الإسلامية العثمانية للغرب النصراني عامة وروسيا القيصرية خاصة خلال نحو خمسة قرون وهي تذود عن الإسلام، بل أصبحت حينًا خطرًا يهدد الغرب من مشرقه- بعد فتح القسطنطينية وتوغل القوات العثمانية الإسلامية والهدي الإسلامي في أوروبا حتى بلغ أسوار فينا وضفاف الدانوب وكاد يسترجع الأندلس من المشرق وقد فقدناها من المغرب قبيل ذلك.. ففزعت أوروبا واتحدت واستغلت الأقليات وحاكت المؤامرات ولم تنم حتى انتهت الحرب الصليبية بسقوط القدس في يد الإنجليز سنة ۱۹۱۷ كما قال جنرال اللنبي، ولا نريد أن ننكر أن أعداءنا يستفيدون من التاريخ.. فقد رأوا كيف يتجمع المسلمون بعد أن يظن أنهم انتهوا إلى الأبد ويتجمعون لسببين:

 ١- أن الحرب التي شنت عليهم حرب دينية واضحة يستهدف فيها دينهم قبل كل شيء.

٢- أنهم بالرغم من كل ما نخر في مجتمعهم من فساد.. فلا زالت فطرته سليمة لم تلوث ولديه استعداد للوحدة واليقظة.

ومن هنا ترك لهم لويس التاسع وصية صريحة قال لهم إذا هاجمتم المسلمين مرة أخرى فلا تهاجموهم باسم الدين.. تظاهروا بأي شيء آخر..  فإنه لا يجمعهم شيء كالدين..  فهي التجربة.. ويؤيدها قول العالم الاجتماعي المسلم المشهور ابن خلدون، «إن العرب لا يجمعهم إلا عصبية أو دين» والعصبية المقصودة هي العصبية القبلية الخاصة.

يقظة الطبيعة الدينية للحرب:

وهكذا فقد حرص الصليبيون الجدد «من عهد الصراع مع الدولة العلمانية وحتى الآن وخصوصًا في قضية فلسطين» على تغطية الدوافع الصليبية الحقيقية لحربهم ضدنا فظهرت في فلتات ألسنتهم كما ورد عن غورو الفرنسي واللنبي الإنجليزي.. ومن شاء فليراجع المراجع الأوروبية وليطلع على وسائل إعلامهم في كل صراع  معنا حتى في قضية «بيافرا» إلى أن يصل إلى /البنان/ ليرى كيف ينظرون إلينا نظرة صليبية حاقدة.

ولا حاجة بنا إلى سرد الأدلة فكل يوم تؤكد الشواهد وخاصة في الحرب اللبنانية.

  • الغزو من الداخل.

أمر آخر حرص عليه الصليبيون استفادوه من الحروب الصليبية هو غزونا من الداخل واحتلال أنفسنا بمبادئ تبعد ناشئتنا عن الإسلام.. كما قال القس زويمر في أحد مؤتمرات المبشرين «إن هدفنا هو إبعاد المسلمين عن دينهم ثم ليكونوا بعد ذلك ما يشاءون». 

ومن هنا فلا يستغرب التنسيق بين الشرق والغرب والشيوعية والرأسمالية لضربنا والاستيلاء علينا وامتصاص خبراتنا ومنع نهضتنا على أساس الإسلام الذي يمنع كل ذلك ويوقف كل مؤامراتهم..  ومن هنا فقد لعبت التيارات الحزبية دورًا رئيسيًا ناب عن الاستعمار في محاربة الإسلام وعمل التبشير كذلك عمله المؤثر، وتعاون معهما الإفساد وموجات الانحلال المستوردة.. 

كل ذلك لإبعادنا عن الإسلام لتسهيل السيطرة علينا.

أما ما مثله الصليبيون قديمًا وحديثًا حول بيت المقدس فهو لضمان مصالحهم وادعاء منهم بحماية بيت المقدس وطريقها.. 

  • القضاء على الإسلام في أنفس أهله خاصة من أهم وسائل نجاح المؤامرات المعادية:

إلا أن من صلب مهمة الصليبيين تحقيق كل هذه المصالح المادية وما دامت لا تتسنى إلا بالقضاء على الإسلام..  فهو المطلوب، ولكن بدون تصريح بذلك؛ إننا نعلم أهدافهم.. ولكن من الغفلة أو الضلالة أن ننساق معهم فيما يريدون..  فهم يريدوننا أن نعتقد أن ديننا ليس مستهدفًا بالحرب.. وهم يعلمون أنه إذا أحست الشعوب أنها تحارب في دينها ضحت بكل شيء في سبيله وتجمعت عليه كما فعلت من قبل فقضت على الصليبيين والتتار معًا بالرغم من فساد كثير من حكام المسلمين آنذاك وتفككهم وتصارعهم ومن وجود الأقليات الحاقدين باطنية وصليبية وغيرها وتعاونها مع المعتدين الغزاة.. 

  • لا نصر إلا بالإسلام:

وهكذا فإن وضع الأمور في نصابها الصحيح يقتضي أن نعلن لجميع المسلمين بصراحة..  أن الحرب صليبية حقًا..  وأن الإسلام هو المستهدف فيها أصلًا- لأنه السلاح الوحيد الذي يوقف كل المؤامرات، ويجمع ويرفض الاحتلال الظاهري والباطني الداخلي والخارجي.. 

والإسلام وحده هو الذي يحقق التحرر الحقيقي بجميع أشكاله، ولا يكتفي بشعارات يطلقها قوم استعبد الاستعمار الشرقي والغربي قلوبهم وظنوا أنفسهم ينتصرون بمجرد شتم للاستعمار.. وهم يساهمون في نصرته بمساعدته في إبعاد الأمة عن دينها، وإحباط أهم الحوافز الكفاحية والدوافع القتالية لديها، ألا وهو الإسلام.. 

فإلى الإسلام والعمل به والاجتماع عليه إن أردنا العزة والنصرة.. وإلا فنقولها بصراحة مؤلمة: لا نصر بلا إسلام.

﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْۖ (آل عمران: 160)

﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7)

أبو محمد

الرابط المختصر :