العنوان محاكمة «بشارة» كشفت عنصرية النظام السياسي الصهيوني
الكاتب وسام عفيفة
تاريخ النشر السبت 09-مارس-2002
مشاهدات 16
نشر في العدد 1491
نشر في الصفحة 26
السبت 09-مارس-2002
■ بشارة نوايا مبيتة لمحاكمتي ضمن مؤامرة سياسية بالاتفاق بين جهاز المخابرات «الشاباك»
كشفت محاكمة عزمي بشارة زعيم حزب التجمع الوطني الديموقراطي، والنائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي عن العنصرية والكراهية والعدوانية التي تسيطر على الكيان العبري، الذي بقي منذ عام ١٩٤٨م يمارس التفرقة، وعدم المساواة بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والمحتلين اليهود.
وقد يصبح بشارة أول برلماني يسجن لإدلائه بتصريحات، وهي المرة الأولى التي ترفع فيها الحصانة عن عضو بالكنيست بسبب كلامه لا أفعاله، فبشارة الذي يحاكم في الناصرة، منهم بالتحريض على العنف، من خلال تصريحات أشاد فيها بمقاتلي حزب الله، وطالب الفلسطينيين بمقاومة الاحتلال.
محاكمة عزمي بشارة جعلت النظام السياسي الصهيوني في قفص الاتهام، وصعدت من حدة التوتر بين اليهود البالغ عددهم 4.6 مليون نسمة، وفلسطينيي ١٩٤٨م البالغ عددهم 2.1مليون نسمة، الذين يعانون من تعصب تدعمه الدولة، ولا يزالون ينتظرون نتائج التحقيقات في قتل ١٣ منهم على يد الشرطة في الأيام الأولى من انتفاضة الأقصى.
متهم بالتحريض والعصيان
وتتهم تل أبيب بشارة – ٤٦ عامًا - بالتحريض على العصيان، إثر تصريحات دعا فيها إلى المقاومة الشعبية خلال احتفال أقيم في سورية في عام ۲۰۰۱م، بحضور مسؤولين من حزب الله اللبناني، كما أنه متهم بتنظيم رحلات للأسر العربية من داخل الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨م إلى سورية.
كما يلاحق بشارة بتهمة الإشادة بحزب الله، وتقول إحدى وثائق الاتهام: إن بشارة أعلن في الخامس من يونيو ۲۰۰۰م في أم الفحم بشمال فلسطين المحتلة أن حزب الله قد انتصر، وأننا للمرة الأولى منذ ١٩٦٧م تتذوق طعم النصر، وأن من حق حزب الله أن يفخر بنجاحه وإذلاله لإسرائيل، وكانت النيابة قد قررت محاكمة بشارة وفقًا لقانون الطوارئ الذي يعود لحقبة الاستعمار البريطاني.
تضامن شعبي
وبلغت مشاهد التضامن مع بشارة ذروتها عندما تقدم زعيم الحركة الإسلامية الشيخ رائد صلاح لمعانقة بشارة، والسير إلى جانبه نحو باب المحكمة، ودفعت مشاعر التضامن هذه الحشود التي رافقت بشارة إلى المحكمة لرفع العلم السوري، وذهب مراسل التلفزيون العبري إلى القول: «هذه المرة الأولى التي يرفع فيها العرب علم سورية أمام مؤسسة رسمية إسرائيلية».
وحاول محامو الدفاع عن بشارة أن يلغوا المحكمة من بدايتها وعرض المحامي حسن جبارين الذي يرأس طاقم الدفاع أمام هيئة المحاكمة مقطوعات من الجرائد ومستندات تشير إلى أن دوافع غريبة وليست جنائية تقف وراء تقديم لائحة الاتهام ضد بشارة بينها تصريحات وتقارير للشاباك الإسرائيلي تتعلق بنشاط بشارة وتحركاته السياسية.
محاكمة سياسية وعنصرية
ويرى الدكتور بشارة أن محاكمته مؤامرة من جانب الحكومة الإسرائيلية؛ لنزع الشرعية عن النواب العرب بالكنيست، ومحاولة لضرب الحركة الوطنية والتيار القومي العربي.
ويقول: «كانت هناك نوايا مبيتة لمحاكمتي، فمن غير الطبيعي أن أحاسب على مواقفي السياسية؛ لأن تصريحاتي تدخل في جوهر عملي كتائب عن الشعب وممثل له».
وأضاف: إن طاقم المحامين الذي يترافع في قضيته أثبت أمام المحكمة، أن هناك مؤامرة سياسية دبرت ضده بالاتفاق بين جهاز المخابرات الإسرائيلية، والمستشار القانوني للحكومة لضرب التيار الليبرالي.
وأشار بشارة إلى أن محاكمته على خلفية تأييده للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال أمر يثير العجب من حكومة تدعي أنها الوحيدة التي تنعم بالديمقراطية في المنطقة، موضحًا أن هذه المحاكمة مفضوحة؛ لأنها مبنية على حقد مسبق، وتتعامل بعداء وعنصرية.
وأوضح أن حكومة شارون تريد الانتقام من الفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨م بشكل عام، ومن الذين انتخبوه خاصة، وبين أن تاريخ الحكومة في التعامل مع الشعب الفلسطيني زاخر بالأمثلة التي تؤكد عنصرية إسرائيل وقادتها، بدءا من ابن جوريون، وصولًا إلى شارون.
يذكر أن تقارير الجهاز المخابرات الإسرائيلي «الشاباك» تتعلق بنشاط بشارة وتحركاته السياسية، قدمت ضمن ملف الاتهام.
ردود فعل:
من جهته اعتبر «إبراهيم أبو النجا» - نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني - «أن هذه المحاكمة ليست عادلة» داعيًا إلى «محاكمة شارون وحكومته التي ترتكب المجازر، وما زالت ضد الشعب الفلسطيني الأعزل».
وكان نحو ۸۰۰ من أنصار بشارة وأعضاء في برلمانات بريطانيا، والنرويج، والسويد، تجمعوا أمام المحكمة في مظاهرة احتجاج، كما خرجت مظاهرات مؤيدة لبشارة يوم ٢٦ فبراير في ٢٣ بلدة عربية داخل حدود الأرض المحتلة عام ١٩٤٨م، كما نظمت مظاهرات مؤيدة في دمشق وبيروت، وحظيت المحاكمة بتغطية شاملة من وسائل الإعلام العربية.
والدكتور عزمي بشارة أستاذ جامعي مسيحي، ينحدر من «الجليل»، وهو نائب منذ انتخابه في ١٩٩٦م، ويمثل الحزب العربي القومي في الكنيست درس الحقوق والفلسفة في القدس المحتلة، ثم حصل على درجة دكتوراه في الفلسفة من ألمانيا، وصار أستاذًا جامعيًّا، وله العديد من المؤلفات في الفكر العربي أهمها «مساهمة في نقد المجتمع المدني» و«الديموقراطية وأنماط الدين».
ثم انتقل من العمل التثقيفي إلى العمل السياسي التنظيمي، فأسس «التجمع الوطني الديموقراطي»، ورشح نفسه عام ١٩٩٩م لانتخابات رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وأثار بذلك نقاشات بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة في حين حاول هو أن يثبت ريف ديموقراطية الكيان الصهيوني.