العنوان بطرس غالي.. ومذابح المسلمين في البوسنة والهرسك.
الكاتب عبدالقادر بن محمد العماري
تاريخ النشر الأحد 31-مايو-1992
مشاهدات 691
نشر في العدد 1003
نشر في الصفحة 50

الأحد 31-مايو-1992
﴿وَمَا
لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ
الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا
أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن
لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا﴾ (النساء:٥٧).
مآسي
المسلمين حلقة متواصلة لا تعد ولا تحصى، ومأساة المسلمين في البوسنة والهرسك هي
جزء من هذه المأساة الكبرى التي تعانيها الأقليات الإسلامية في أوروبا وآسيا،
فحملة الإبادة في بورما، ومآسيهم في جنوب الفلبين، واضطهادهم في بلغاريا، وتجويعهم
في ألبانيا، وكذلك معاناتهم في الهند، كلها حلقات متصلة، تمثل مأساة المسلمين في
هذا العصر الذي تجلس أمريكا على عرشه، ويتربع الغرب على قمته، ونحن المسلمين الذين
ليس لنا أي دور مؤثر في هذا العالم بعد أن أصبحنا غثاء كغثاء السيل، مكانتنا في
قاع هذا العالم، وفي قمره السحيق، ففي ظل النظام الدولي الجديد، وفي وضح النهار،
وعلى رؤوس الأشهاد، يذبح المسلمون ذبح النعاج في البوسنة والهرسك، فهناك تجري أفظع
المذابح؛ حيث يقوم أفراد الجيش اليوغسلافي والميليشيات الصربية بسفك دماء
المسلمين، والتمثيل بجثثهم بعد موتهم، وركلها بأرجلهم كما تركل الكرة، ولم ينج من
ذلك النساء والأطفال والشيوخ، فالحقد الصليبي، والحقد الشيوعي امتزجا عند الصرب
الأرثوذكسيين، وقد كانوا يتقاتلون مع الكروات الكاثوليك، ولكنهم الآن تحالفوا
تحالف الإخوة الأعداء ضد المسلمين لتقاسم أراضي المسلمين، وتمت المؤامرة بمباركة
أوروبية. وصمت دولي، وقد وجد الكاثوليك من يحميهم من هيمنة الصرب، وجدوا
الفاتيكان، ووجدوا كافة الدول الأوروبية التي تدين بالمذهب الكاثوليكي، أما
المسلمون فلم يجدوا أحدًا يحميهم، ولم يجدوا عدالة في العالم تمنع الظالم، وتعاقب
الظالم.
ومن
المؤسف أن يقف الأمين العام للأمم المتحدة، وهو الذي صفق له العرب وفرحوا عندما
تولى الأمانة العامة، واعتبروا ذلك فخرًا لهم، ونصرًا لقضاياهم- يقف موقفًا مشينًا
من قضية المسلمين في البوسنة والهرسك، ذلك الموقف الذي استنكرته منظمة المؤتمر
الإسلامي، واعتبرت تصريحه بعدم إمكانية تدخل الأمم المتحدة لحفظ السلام في البوسنة
والهرسك يعني إبلاغ رسالة خاطئة إلى الصرب من شأن ذلك أن يحرضهم على مواصلة حربهم
الوحشية ضد المسلمين، وقد لاحظ المراقبون أنه بعد تعيين بطرس غالي أمينًا عامًا
للأمم المتحدة استقبل في مكتبه في القاهرة قبل تسلمه لمنصبه ممثل الصرب في الحكومة
الاتحادية قبل تفككها واسمه (بول سيلاف يوفتن) وإن أول مسؤول استقبله بطرس غالي
بعد تسلمه منصبه في نيويورك وجلوسه على كرسي الأمين العام كان وزير خارجية صربيا،
بينما لم يستقبل وزير خارجية البوسنة والهرسك دكتور حارث، الذي وصل مطالبًا بوقف
الحرب، واستقبله بيكر وزير خارجية أمريكا، وقد كان بطرس غالي يبعث الممثلين عنه
لدرس الوضع هناك، ثم بعد ذلك يتعلل بعدم توافر الإمكانات المادية لدى هيئة الأمم
المتحدة لنشر قوات حفظ السلام، وخرج بعد ذلك بتصريح يفتي فيه بأن جميع الأطراف مسؤولة
عن الحرب، وليس هناك طرف لا يتحمل المسؤولية، وأن جميع الأطراف تريد الحرب في
الوقت الذي يعلن فيه شعب البوسنة وحكومته رفض الحرب، ويطلب الاستغاثة من العالم
لإيقاف المجزرة الحاقدة التي تتعرض لها النساء والأطفال والشيوخ، ويعرف الدكتور
غالي أن اتفاقية وقف إطلاق النار تخرق باستمرار من جانب الصرب، وأصدر دكتور غالي
أوامره بنقل المراقبين الدوليين من عاصمة البوسنة والهرسك إلى بلغراد معللًا ذلك
بأن قوات حفظ السلام وضعت في سراييفو للفصل بين الصرب والكرواتيين، وليست لمراقبة
الأوضاع في البوسنة والهرسك التي يتعرض فيها المسلمون للقتل!
كيف
ينسى الدكتور غالي أنه كان شديد الحماس لنشر قوات الأمم المتحدة في كمبوديا؟ وقد
رفض بكل إصرار نشر قوات بين بنغلاديش وبورما لحماية المسلمين الذين يهربون من
المجازر التي ترتكب ضدهم، وقبل ذلك قال: إن قرار هيئة الأمم المتحدة رقم (٢٤٢)
الخاص بفلسطين غير ملزم لإسرائيل، مما أفرح إسرائيل وأعطاها الحجة بأن القرار غير
ملزم لها، فالقرارات لا تكون ملزمة إلا إذا كانت ضد المسلمين.
نحن لا
نطالب الدكتور غالي أن يقف إلى جانب العرب والمسلمين، ولا نطالبه أن يتخلى عن دينه
أو مذهبه الأرثوذكسي، ولكن الذي نطالبه به أن يكون محايدًا باعتباره أمين الأمم
المتحدة، وأن يتقيد بقوانين الأمم المتحدة، ويلتزم جانب الحق، وإذا لم يستطع فعليه
أن يستقيل ليعطي من فيه المقدرة على ذلك كسلفيه ديكويار وكورت فيلد هايم.
لقد
تداعت علينا الأمم المتحدة كما تداعت الأكلة إلى قصعتها، ليس سبب ذلك قلتنا، كما
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكننا قد أصبحنا كغثاء السيل، وأذهب الله
المهابة من قلوب أعدائنا، ودخل في قلوبنا الوهن، وهو حب الدنيا وكراهية الموت، لقد
فقدنا روح الجهاد، ولم نعتصم بحبل الله، وتسلط علينا الأعداء، فما الذي يمنع
الأعداء أن يذبحوا المسلمين في عقر دارهم؟
إنه لن يمنعهم شيء إلا إذا تكاتف المسلمون ورجعوا إلى دينهم الذي يأمرهم بالجهاد في سبيل الله، وصد العدوان الذي يتعرض له المسلمون في كل مكان من الحاقدين ﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (البروج: 8).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل
قيادات إسلامية وفلسطينية بأوروبا لـ»المجتمع»: هذه رؤيتنا الإستراتيجية لحراك مسلمي أوروبا الداعم لفلسطين والقدس
نشر في العدد 2115
87
الاثنين 01-يناير-2018

داعية وناشط أوكراني لـ»المجتمع»: أطلقنا حملة للتعريف بفلسطين والقدس على «فيسبوك»
نشر في العدد 2115
92
الاثنين 01-يناير-2018
