; مداد القلم.. دعاة التطور ودعاة التدهور | مجلة المجتمع

العنوان مداد القلم.. دعاة التطور ودعاة التدهور

الكاتب سلمان مندني

تاريخ النشر الثلاثاء 25-مايو-1993

مشاهدات 20

نشر في العدد 1051

نشر في الصفحة 66

الثلاثاء 25-مايو-1993

أي عاقل يرفض الحضارة لمجرد الرفض، وأي عاقل يرفض التطور بما يعطيه للحياة من تيسير وراحة ومتعة وسعة. فإنما العقل وهبنا الله إياه للتمييز بين الخير والشر وبين الحق والضلال وبين الرشد والغي. فلا تعطيل لدوره فالمؤمن لا يعطل عقله وإنما يتعطل عند السكران والمجنون والجاهل.

إن الذي نرفضه وبإصرار ذلك الخلط الفاضح بين الحضارة العلمية بصورتها الرائعة ودورها في خدمة الإنسان.

 وبين استغلال الحضارة هذه في القضاء على الإنسان وتعريته من إنسانيته وإظهاره بالصورة الحيوانية والتي هي الجنس والابتذال والتفسخ الأخلاقي والغرق في حمأة الرذيلة، تحت دعاوى كثيرة مثل التحرر والانطلاق ونبذ الماضي والتمتع بمباهج الحياة التي وهبنا الله إياها!!

إن هذا خلط نكد، فيه التلبيس والتضليل والخداع. فما كان العلم قرين العري في يوم من الأيام. وما كان الاكتشاف والابتكار والتحديث ترب التحلل من الأخلاق والتفسخ. فيا دعاة التطور والحضارة هاكم أيدينا نمدها إليكم ولنمسك بأيديكم بقوة لنشق طريق الحياة الجديدة لا نتلكأ ولا نتقاعس ولا نتردد. ولكن في إطار الإسلام بكل ما يحمله من قيم وأخلاق ونظافة وستر. في إطار الكلمة الطيبة ذات الجذور الضاربة في أعماق التاريخ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. فما نريده هو حضارة البقاء لإحضاره الفناء حضارة الباطن المتصل بالله مع الظاهر الملتزم بأوامره فمن رفض الحضارة بدعوى أنها من كافر فليس من الإسلام في شيء. فإنما هو جاهل. إنما الإسلام يقبل أخذ الحضارة والتطور من كافر وملحد وعدو. لكن بضوابط الإسلام الشرعية. التي لا يتنازل عن شيء منها، فليس الانفتاح الكلي يقابله تنازل جزئي. وإنما انفتاح كلي على باب الحضارة بمصراعيه وفق ضوابط الشرع التي لا تقبل إلا ما فيه خير الناس جميعًا ولا ترفض إلا ما فيه شر الناس جميعًا، وليكن بعد ذلك ما يكون من زراعة كلى أو غرس قلب أو ولادة في أنبوب- وليكن بعد ذلك ما يكون من تلفاز أو راديو أو فيديو أو غير ذلك. وليكن بعد ذلك ما يكون من نظريات وفلسفات وأفكار وتوجيهات... وليكن ما يكون.. فإن الإسلام لا يخشى القادم لأنه متمكن غير مضطرب أو مهتز وإنما ثابت في أصوله وأسسه ومنهجه وفيه من المرونة ما فيه من الثبات، يتسع بصدره الرحب ليسع الحياة بجديدها وتطورها. ولا التفات لمن شمخ بأنفه رافضًا كل شيء لا لشيء إلا لمبدأ الرفض. نقول إن الإسلام ليس فلانًا وعلانًا. وإنما الإسلام دين الرحمن الذي نظر إلى الكون من عليائه فأنزل عليهم ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ (المائدة: 3).

الرابط المختصر :