; مداد القلم | مجلة المجتمع

العنوان مداد القلم

الكاتب أ.د. حلمي محمد القاعود

تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1993

مشاهدات 12

نشر في العدد 1047

نشر في الصفحة 66

الثلاثاء 27-أبريل-1993

  • البوسنة والهرسك والدور الروسي القبيح!

حاولت أجهزة الدعاية الغربية التعليم على الدور الشرير والإجرامي لروسيا في البوسنة والهرسك وغيرها من البلاد الإسلامية المجاورة، إلا أن هذه الأجهزة لم تستطع إخفاء ما أعلنته روسيا نفسها مؤخرًا عن صفقات التسليح الضخمة التي عقدتها مع مجرمي الحرب في صربيا والبوسنة والهرسك.

كذلك لم تستطع هذه الأجهزة التستر على ما تعلنه جهات عديدة في روسيا عن نواياها العدوانية تجاه المسلمين في البوسنة والهرسك، والتعبير عن هذه النوايا عمليًّا بإرسال المرتزقة والمتطوعين للقتال في جانب الصرب الأرثوذكس القتلة. 

لقد ظهر أثر التآمر الروسي مؤخرًا في ذلك القتال الإجرامي الشرس الذي أدى إلى سقوط مدينة «سريسكا» البوسنية المسلمة التي تقع شرق البوسنة في قبضة الصرب وهروب أكثر من عشرين ألفًا من المسلمين خوفًا من الموت والتعذيب الفاجر الذي يقوم بها أوغاد الأرثوذكس ضد النساء والأطفال والرجال.

كما ظهر أثر التآمر الروسي المجرم مؤخرًا في سقوط أكثر من ضاحية من ضواحي «سراييفو» العاصمة البوسنية المحاصرة في قبضة الصرب، مما يهدد بسقوط المدينة وإغلاق ملف البوسنة والهرسك عمليًّا في مجال التفاوض والأمم المتحدة والرأي العام العالمي ليبدأ عصر بكاء الأندلس الثالثة، التي ضاعت في ظل النظام الدولي الجديد! 

منذ تفكك الاتحاد السوفياتي ووريثته القيصرية لم تدخر جهدًا في الإعلان عن صليبيتها الدامية ضد المسلمين وحدهم، فقد سلمت للجمهوريات ذات الأصل النصراني واليهودي بكل حقوقها، ولم تتدخل في شئونها، ولم تضع العقبات في سبيل بناء نظامها «مولدافيا، ليتوانيا، ليستونيا، أرمينيا، أوكرانيا... إلخ»، ولكنها وضعت كل ثقلها لقهر المسلمين، وتسليط الحكام الشيوعيين «!!» على مقدراتهم، وساندتهم بالسلاح والرجال والمال لاغتيال الحقوق الإسلامية.

والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، فقد ساعدت أرمينيا النصرانية ضد أذربيجان المسلمة، وتدخلت عسكريًّا في طاجيكستان لتسقط الحكم الإسلامي الذي أرادته جماهير شعبها، وتقيم حكمًا شيوعيًّا عميلًا يطرد قرابة مليون مسلم طاجيكي خارج الحدود ودعمت نظام الحكم الشيوعي في كازاخستان، وحرمت الشعوب الإسلامية داخل الاتحاد الروسي نفسه من التعبير عن إرادتها ومقدراتها كما جرى للشيشان والشركس وغيرهم. 

وإزاء ذلك، فإن المرء ليعجب للسكوت العربي والإسلامي على ما تقترفه روسيا القيصرية في أواخر القرن العشرين من جرائم ضد الإسلام والمسلمين. إن روسيا لها مصالح ضرورية في عالمنا الإسلامي، وهي تحتاج إلى هذا العالم أكثر من احتياج العالم إليها، ومع هذا لا تسمع أحدًا يقول للروس كفوا عن صليبيتكم، وارفعوا أيديكم عن المسلمين، ولا تساعدوا القتلة والسفاحين هنا وهناك. 

لقد وقفت روسيا ضد التدخل العسكري للأمم المتحدة في البوسنة من أجل حل المشكلة ووقفت في التفاوض غير المتكافئ إلى جانب القتلة، وأيدت الحل الذي يحاول الوسيطان الدوليان فرضه على المسلمين يسلبهم أرضهم ودولتهم، ومكافاة المعتدين والقتلة، واليوم تسفر عن وجهها الصليبي القبيح بتسليح الصرب الأوغاد.. فهل من سبيل إلى الوقوف مع روسيا وقفة مؤثرة ورادعة، ونحن نملك هذه الوقفة وأكثر منها؟ 

یا لیت...!!

الرابط المختصر :