العنوان مسرحية إسلامية من فصل واحد
الكاتب محمد سلامة جبر
تاريخ النشر الثلاثاء 29-أغسطس-1972
مشاهدات 13
نشر في العدد 115
نشر في الصفحة 28
الثلاثاء 29-أغسطس-1972
نص المسرحية التي قام بأدائها فريق التمثيل بمركز خالد بن الوليد لتحفيظ القرآن على مسرح جمعية الإصلاح الاجتماعي في الحفل الختامي للدورة الخامسة لتحفيظ القرآن .
المنظر : «عبد الله مطرق على مكتبه ، حزين يفكر ، ثم يرفع رأسه ببطء قائلا» .
عبد الله : «بألم» واأسفاه .. واأسفاه على مجدنا الغابر ، واحسرتاه على ملكنا الضائع ، ابعد عز ومنعة ، وملك وسلطان ، نصبح أذلاء مستضعفين ، لا نستطيع دفع الضر عنا ولا الأذى ، ويلاه .. ماذا دهانا ، وما الذي بدل حالنا ؟ ألسنا نحن حطمنا ملك قيصر ، ألسنا نحن الذين دمرنا إيوان كسرى ؟ ألسنا الآلي اجتاحوا الدنيا بأسرها وامتلكوا العالم شرقيه وغربيه ؟ ألم نكن منبر الهدى والرشاد ومصدر النور والعرفان ؟ فما الذي بدلنا وغير حالنا ؟ أين أنتم أيها المسلمون ؟ أين عزتكم وأنفتكم ؟ أين بأسكم وجبروتكم ؟ واحسرتاه عليكم ، واحسرتاه عليكم ..
«ثم يطرق باكيا .. ويدخل يوسف وحسن»
حسن : علام تتحسر يا أخي ..؟
يوسف : وفيم الحزن والالم ..؟
عبد الله : كنت أتلو قوله تعالى ﴿ كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ ﴾ (آل عمران : الآية 110) فرجعت بخيالي الى ذلك الماضي المجيد . وتلك العظمة التليدة ، أيام كنا سادة الدنيا وأساتذة العالم ، ثم فتحت عيني على حاضرنا الأليم ، لأرى تلك العظمة قد ولت ، وأرى دول الشرك قد قامت وتغلبت ، فأخذني من ذلك هم عظيم ، واستبدت بي احزان هائلة .
حسن : أخي .. لقد أيقظتني الساعة على حقيقة مؤلمة والله ، فلقد كنا وما أحد يجرؤ على حمانا ، اما الان ، فلقد تغير الحال ، وتبدل الزمان ، وأصبحنا غثاء كغثاء السيل ، فضاعت منا بلاد ، وولت عنا أمجاد فهذه فلسطين تئن وتتوجع ، وتلك باكستان تستغيث ولا من يسمع ، وفي الفلبين أنين وجراح ، وفي تركستان أحزان وأتراح .
يوسف : «بحزن» لقد اثرتما كامن أشجاني أيها الإخوة ، ومزقتما كبدي مما حكيتما ، لقد ذكرتماني بامجادنا السابقة ، وبطولاتنا السالفة ، ذكرتماني بفتوحات خالد وبسالة سعد وأبي عبيدة ، ودهاء عمرو وعبقرية عمر ، فأين نحن من تلك الأمجاد الغابرة ، أين نحن من أولئك العباقرة الأفذاذ ؟ أترى سيوجد فينا أمثالهم ؟ أترى ينبعث المسلمون من جديد ليستعيدوا مفاخر ماضيهم ؟ رباه .. رباه .. أنقذ عبادك يا الهي ..
«يدخل شيخ وقور»
للشيخ «بشفقة» علام البكاء والنحيب يا أبنائي ؟
الثلاثة : على ديار المسلمين الضائعة ، وهيبتهم الزائلة ..
الشيخ : أومن أجل هذا تبكون ؟
عبد الله : نعم .. ومن هو ذلك المسلم ، الذي يقارن بين عزنا بالأمس ، وذلنا اليوم ، ثم لا يتصدع فؤاده من الحزن والالم ، على مثل حالنا فلتبك العيون ، على ذلنا فلتتمزق الأكباد .. اه .. ليت أمي لم تلدني ، ليتني لم أشهد هذا اليوم الذي أرى فيه بلاد المسلمين نهبا للطغاة والغاضبين .
الشيخ : «يقترب من عبد الله ويربت على كتفه ويقول» بارك الله فيك يا بني وفي أصحابك ، وأصلح بكم حال الامة ، ونصركم ونصر الحق بكم ، فوالله لو كان المسلمون في مثل غيرتكم وحرصكم ، لتغير تاريخ الأمة ، ولتحول بكم مجرى الأحداث ، ولكن .. أيها الشباب .. أدركوا موضع الداء ، وتبينوا طريق الشفاء ، يهون عليكم الخطب ويسهل العلاج .
حسن : وكيف ذلك أيها الشيخ ؟
الشيخ : ألم تقرءوا قول الله تعالى ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ ﴾ (سورة الرعد : الآية 11) ألم تسمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم « مازلتم منصورين على أعدائكم ما دمتم متمسكين بسنتي ، فإن خرجتم عنها سلط الله عليكم من يخيفكم ثم لا ينزع الخوف من صدوركم حتى تعودوا إلى سنتي» .
أيها الشباب ، اعلموا أن ما أصابنا لم يكن ليصيبنا لو استمسكنا بكتاب ربنا وسنة نبينا ، اعلموا يا شباب أن مجدكم لن يعود الا بعودتكم الى كتاب ربكم وسنة نبيكم ، أيها المسلمون : أقيموا دولة الإسلام في صدوركم تقم في أرضكم .
حسن : «صائحا» الله أكبر .. الله أكبر .. اهتديت وربي وأدركت سبيل النجاة جزاك الله عنا خيرا أيها الإمام ، وأبقاك مرشدا لنا وناصحا ، وإني أعاهد الله العلي القدير ، أن أجاهد في سبيل إعلاء كلمة الله واسترداد بلاد المسلمين المغصوبة حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين .
يوسف : وأنا كذلك أيها الامام ، أعاهد الله أمامكم أن أكون عاملا على نصرة الإسلام ، وإعلاء كلمة الرحمن لا اتوانى ولا أكسل ، ولا اتضعضع ولا أستكين ، حتى يعم هدينا الدنيا بأسرها ، ويخضع لحكم الله الشرق والغرب ، أو أموت في سبيل ذلك ميتة الشهداء المجاهدين في سبيل الله .
عبد الله : أيها الامام .. بارك الله فيك وأصلح بك حال المسلمين . فلقد والله أنقذتنا من حفرة اليأس القاتل التي كدنا نتردى فيها لولا أن هدانا الله اليك ، وهداك الينا ، فلا تبخل علينا بنصحك وارشادك ، واجعلنا من تلاميذك وأعوانك .
الشيخ : بارك الله فيكم يا أبنائي ، وإني لأفخر بأن بين المسلمين من هم مثلكم ، وثقوا بأن النصر للإسلام العظيم ، ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ *بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾( الروم: 4-5 ) .
ستار
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل