العنوان مسلمو جنوب نيجيريا في أكبر معاقل التنصير بأفريقيا
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 27-مارس-2010
مشاهدات 14
نشر في العدد 1895
نشر في الصفحة 20
السبت 27-مارس-2010
يعاني المسلمون في نيجيريا من أنشطة التنصير المدعومة خارجيًّا بمئات الملايين من الدولارات منذ مرحلة الاستعمار البريطاني، الذي أقام في المدن النيجيرية قبل انسحابه دويلات مسيحية داخل الدولة، وحوّل جنوب نيجيريا إلى أكبر معاقل التنصير في أفريقيا.. وقد بدأت حركات التنصير الدولية واتحاد الكنائس العالمي في تنفيذ مخططات تنصير المسلمين بالقوة، وكانوا يروجون أن نيجيريا ستتحول إلى دولة مسيحية قبل عام 2000م، لكنهم فشلوا تمامًا، ولا سيما عندما أعلنت الولايات الشمالية تطبيق الشريعة الإسلامية.
وبدأ مسلمو الجنوب يطالبون بتطبيق الشريعة في ولاياتهم؛ الأمر الذي أدى إلى تزايد قلق حركات التنصير العالمية والمنظمات الغربية المعادية للإسلام.
وتبلغ نسبة المسلمين في جنوب نيجيريا أكثر من 40٪ من السكان، والباقون مسيحيون ووثنيون. أما نسبتهم في ولايات قبيلة «يوربا» السبع فتصل إلى أكثر من 65%.. وولايات «يوربا» هي: لاجوس، وأوبو، وأوشن وأوغن، وأيكيتي، وأوندو، وكوارا.
ثلاثة أخطار
وهنا أخطار عدة تهدد أمن وسلامة المسلمين في الجنوب من أهمها:
1- الحركة الانفصالية في قبيلة «إيبو» لتأسيس دولة «بيافرا» الصهيونية وقادة هذه الحركة يعتبرون المسلمين أشد أعدائهم ويتهمونهم بالتعاون المباشر مع الحكومة لتعويق جهود إقامة دولتهم الانفصالية... وتحصل الحركة على دعم مالي هائل من الكيان الصهيوني، ومن كبار السياسيين المسيحيين في الولايات المتحدة الأمريكية.
2- حركة (OPC) اليوربوية المتطرفة أسسها مسيحي قومي متعصب اسمه «فاسيون»، وهي من أخطر الحركات المسلحة في الجنوب على الإسلام والمسلمين، وتدعو إلى إحياء عبادة الأوثان.. كما تحارب بقوة السلاح تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا، وتدعو إلى إقامة دولة منفصلة لقبيلة «يوروبا»، وتعتبر مسلمي شمال نيجيريا أشد أعدائها، وتعتقد أن الإسلام هو سبب انقسام القبيلة.
3- حركة «جيش المسيح» وهي أقوى الحركات المسلحة في الجنوب، وتحتفظ بأسلحة متطورة منها الدبابات والصواريخ وتتلقى الدعم المالي من الكنائس النيجيرية ومن الخارج، ومن بعض المسؤولين المسيحيين
في الحكومة.
وقد دعت «جماعة تعاون المسلمين» في الجنوب إلى نزع أسلحة هذه الحركات، لكن الحكومة لم تبال حتى الآن بهذا النداء.
سيطرة مسيحية
وتتركز نشاطات المنصرين على جنوب البلاد، لا سيما في الآونة الأخيرة، وخلال فترة الرئيس المسيحي السابق «أولوسيجون أوباسانجو»، الذي استخدم فترة حكمه لتقوية شوكة المسيحيين، ولإعدادهم اقتصاديًّا وتعليميًّا وإعلاميًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، وكأنه يستخدم أساليب بريطانيا في استعمارها لفلسطين وتقوية المنظمة اليهودية تمهيدًا لإقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين!!.. ويتضح هذا في الحقائق التالية:
- الاقتصاد: يسيطر المسيحيون على جميع الشركات والمؤسسات المالية الحكومية في جنوب نيجيريا، فيتعسر على أي مسلم أن يحصل على وظيفة في هذه الشركات باسمه الإسلامي إلا إذا تنصر، كما يسيطرون تماماً على جميع البنوك الحكومية وغير الحكومية.. كما أن 90% من موظفي الشركات البترولية في نيجيريا من المسيحيين، أغلبهم من كنيسة رديم»، وكنيسة «بابتيست» التي ينتمي إليها الرئيس السابق «أوباسانجو».
- التعليم: يوجد في جنوب نيجيريا آلاف المدارس الابتدائية والإعدادية الحكومية والأهلية التي أسسها المسيحيون.. ولهم سيطرة كاملة على الجامعات الحكومية حيث لا يتجاوز عدد الطلبة المسلمين في جامعات الحكومة الجنوبية 20٪، والباقون من المسيحيين.
-الإعلام: وهو من أخطر الوسائل التي تستخدمها الجمعيات التنصيرية للتغريب والتنصير ولتشويه صورة الإسلام والمسلمين في نيجيريا عامة وفي جنوبها خاصة..
ويسيطر المسيحيون على محطات الإذاعة والتلفزيون الحكومية وكذلك على جميع الجرائد والمجلات التي تصدر في الجنوب... كما يملك المسيحيون 20 معهدًا لإعداد وتدريب الصحفيين، بينما لا يملك المسلمون معهدًا واحدًا.
- الصحة: جميع المستشفيات الحكومية في الجنوب بأيدي المسيحيين، فضلا عن مئات بل آلاف من المستشفيات الأهلية التابعة للكنائس المسيحية في كل المدن النيجيرية لاستخدامها في تنصير أكبر عدد ممكن من مرضى المسلمين.
- الدفاع والأمن: سيطر المسيحيون بدعم الرئيس المسيحي المتطرف «أوباسانجو» على جميع المناصب العليا في المؤسسات العسكرية الحكومية وعلى وزارة الدفاع النيجيرية.. وقد استخدم المسيحيون فترة حكم «أوباسانجو» لجمع الأسلحة والاحتفاظ بها في كنائس جنوبية، وهذا في علم جهاز المخابرات النيجيري وفي علم الحكومة الفيدرالية.
- السياسة: استخدم «أوباسانجو» الفترة الثانية من حكومته لوضع المسيحيين المناصب الحساسة بالحكومة الفيدرالية؛ مما أثار غضب المسلمين في الشمال والجنوب، الذي كاد أن يؤدي إلى حرب أهلية لولا تدخل بعض الشخصيات الإسلامية في الشمال ولكن حتى الآن لم يحدث أي تغيير يذكر.
حقائق جديرة بالذكر
وهناك بعض الملاحظات يمكن تسجيلها في هذا السياق، كما يلي:
- لا تهتم الدول العربية والإسلامية ومؤسساتها بمسلمي جنوب نيجيريا فيركزون جهودهم الخيرية على الشمال فقط.
- لا يوجد في الجنوب مؤسسات خيرية عدا «مؤسسة الحرمين»، وقد أغلقت مكاتبها، ويوجد في الشمال العشرات منها مع أن المسلمين في الجنوب يحتاجون إلى هذه المؤسسات بصورة أكبر، وإلى الدعم المالي للمشروعات الإسلامية.
- انتشار الفقر الشديد بين مسلمي الجنوب.
- قلة الوعي الديني في أوساط المسلمين.
- غياب الإعلام الإسلامي.
- قلة الثقافة وكثرة الجهل نتيجة الغزو الفكري طويل المدى من قِبل المستعمرين، والمحاربة المستمرة للمدارس العربية والإسلامية والضغوط المتواصلة على تعليم المواد الإسلامية في المدارس الحكومية من قِبل الحركات التنصيرية.
- ضعف النشاطات الدعوية والتعليمية والاجتماعية والخيرية نتيجة للفقر الشديد في أوساط المسلمين.
- شبه انفصال جنوب نيجيريا عن العالم العربي والإسلامي نتيجة لسيطرة المسيحيين على جميع وسائل الإعلام المرئي والسمعي.
وقد أتاح غياب الدعم العربي والإسلامي لمسلمي الجنوب الفرصة كاملة لهذه الحركات التنصيرية حيث يتنصر المستسلمون من فقراء وأيتام المسلمين والأرامل والمساكين والغارمين والمرضى والمحتاجين.. ولعل وجود جمعيات إسلامية وجهود فردية قليلة وضعيفة، ورفض الكثير من المسلمين بيع دينهم ببعض المال هو السبب الأهم لبقاء الإسلام في عدد من المدن الأخرى.. كما يعد انتشار الجهل والأمية بين المسلمين في الجنوب والشمال المشكلة الثانية.
والظاهرتان المذكورتان فرضتا على الكثير من المتحمسين والدعاة تأسيس جمعيات ومراكز إسلامية لحفظ المسلمين من التنصير، وحماية المدن الإسلامية من تحويلها إلى الفاتيكان وإعادة المتنصرين من المسلمين إلى الإسلام، ومحاربة البدع والانحرافات الفكرية وتربية الشباب المسلم على المنهج الإسلامي الصحيح، القائم على فهم الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.
تنظيمات عسكرية
وللمسيحيين تنظيمات عسكرية معروفة مدعومة من دول غربية وشخصيات مسيحية في نيجيريا، بالإضافة إلى كنائس كبرى ومشهورة في جنوب البلاد تحوّلت إلى مخازن للأسلحة ومعسكرات للتدريب على القتال.. وأشهر هذه التنظيمات وأكبرها «جيش المسيح».
وفي يوم الأربعاء 10 مارس 2010م، نشرت جريدة «بونش» The Punch النيجيرية خبرًا عن اعتقال خمسة من أساقفة كنيسة نيجيرية معروفة ومشهورة في مدينة لاجوس، بتهمة حيازة وتخزين الأسلحة وتأسيس معسكرات لتدريب المسلحين وامتلاك الملابس العسكرية الرسمية.. وتم كشف هذا المعسكر واعتقال المتهمين، وذلك عقب عملية سرية نفذتها الشرطة العسكرية التابعة للجيش النيجيري، بعد الحصول على معلومات استخبارية عن المكان.
وقد دعت جماعة تعاون المسلمين - مرارًا وتكرارًا - الحكومة النيجيرية إلى
نزع أسلحة المنظمات والمجموعات شبه العسكرية التابعة لكنائس نيجيرية، وتفتيش عدد من الكنائس الكبرى، لا سيما في مدينتي «لاجوس» و«إبادن»، وغيرهما من المدن الإسلامية في جنوب البلاد.
وسبق أن حذرت الجماعة من خطورة وجود علاقات متينة بين جهاز مخابرات خارجية وكنائس جنوبية، ووجود دعم مالي هائل لهذه الكنائس.
دويلات داخل الدولة
والحديث عن أوضاع المسلمين في شمال نيجيريا ليس كالحديث عن أوضاعهم في الجنوب؛ فالمسلمون في الشمال يسيطرون على الحكومات المحلية أو المدنية ويرأسون دائمًا حكومات الولايات، والعكس في الجنوب.. فقد نجح الرئيس السابق المسيحي المتطرف أوباسانجو، خلال فترة حكمه في تطوير القدرة التعليمية والإعلامية والاقتصادية للكنائس المسيحية وخاصة في الجنوب.. فهم الآن يشكلون دويلات داخل الدولة.
كما ساعدتهم دول ومؤسسات غربية في بناء القوة التعليمية والإعلامية والاقتصادية وغيرها حيث كان لجهاز الاستخبارات الأمريكية (CIA) الدور الرئيس في هذه الأمر، وكذلك مجلس اتحاد الكنائس العالمي، بالإضافة إلى كنائس أمريكية وبريطانية.
إنفاق بالملايين
أنفقت كنيسة رديم، حوالي 300 مليون دولار في عام 2005م للبناء والإعمار، وذلك لتوسيع مستوطناتها الموجودة بين مدينة لاجوس الاقتصادية ومدينة «إبادن»؛ حيث أسست الكنيسة مدينة كبيرة للمسيحيين يوجد فيها مطار صغير ومراكز للشرطة والعديد من المدارس الابتدائية والإعدادية والكليات، ومركز للتدريب التكنولوجي، وغير ذلك.
وفي عام 2008م أنفقت كنيسة «بابتيست» نحو 102 مليون دولار لبناء مباني جامعة بووين، التابعة للكنيسة، التي تعد من أكبر المشاريع التنصير المسلمين في مدينة «أيوو» أكبر المدن الإسلامية في جنوب نيجيريا.. والأمر كذلك عند بقية الكنائس.
مخطط انفصال الجنوب!
إننا نحذر من مشروع لتقسيم نيجيريا تسوّق له الصهيونية العالمية عبر جماعات تنصيرية تنشط في جنوب البلاد، على غرار ما يحدث في السودان.. وهناك ماض أليم وحروب أهلية من أجل إيقاف أو منع قيام دولة« بيافرا» المدعومة من الكيان الصهيوني، والواقع يؤكد مدى كراهية وبغض المسيحيين للمسلمين.
فالانفصاليون المسلحون في ولاية «نيجا دلتا» وغيرها ما زالوا يهددون وحدة نيجيريا وأمنها والحركة الانفصالية التي يقودها مسيحيون متصهينون يطالبون باستقلال قبيلة «إيبو» وقيام دولة بيافرا، ما زالوا يتحركون ويخططون ويتدربون ويستعدون المعركة فاصلة قادمة.
وهناك العديد من الجمعيات تتبع هيئات أمريكية متصهينة تسوّق للكيان الصهيوني وتدافع عن حق مزعوم لليهود في اغتصاب المسجد الأقصى المبارك، وتؤيد سياسات «إسرائيل» وتبرّر إجرامها.. وهذه الجمعيات تسعى لتأسيس دولة في الجنوب النيجيري تكون حليفًا للكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة؛ مما يعني محاصرة العرب والمسلمين في جنوب الصحراء الأفريقية.
مجزرة «جوس»
حاولنا في جماعة تعاون المسلمين إظهار الحقائق التي تخفيها وسائل الإعلام العلمانية والمسيحية عن ذبح المسلمين في مدينة «جوس»، وأعلنا للعالم أن المعلومات التي تنشرها هي الحقائق وما دونها مجرد أكاذيب اخترعها الإعلام المسيحي الحاقد وعملاؤه.. فعدد القتلى من المسلمين في مدينة «جوس»، يتراوح بين 500 و600 مسلم كلهم مدنيون ونساء وأطفال أبرياء، وتم تشريد أكثر من عشرة آلاف من سكان المدينة، ومن القرى المجاورة.
والحقيقة أن رفض جماعة متطرفة من الشبان المسيحيين إعادة بناء أحد المساجد في المدينة، تم تدميره في عام 2008م على أيدي المسيحيين، هو السبب الرئيس أو بداية الأحداث الأليمة.
وقد تحولت مساجد ومدارس إسلامية بمدينة «جوس» إلى أماكن ولادة، عقب المجزرة التي ارتكبتها عصابة مسيحية متطرفة؛ حيث تم وضع أكثر من عشرين مولودًا بالمساجد فضلا عن عشرة مواليد في ثلاث مدارس إسلامية لعدم تمكن النساء الحوامل من الذهاب إلى المستشفى.
ويعاني أهالي المدينة أشد المعاناة بعد فقدان منازلهم؛ حيث أصبح المأوى الوحيد لهم هو المساجد أو المدارس والتي وصل عدد المشردين فيها إلى نحو 1500 مسلم، لا يجدون طعامًا، فضلا عن إصابتهم بأمراض شديدة الخطورة.. كما يعاني 95٪ من الضحايا من عدم وصول مساعدات من أية جهة، رغم شدة الحاجة إليها في أسرع وقت ممكن!
انتقام بالمثل
وفي ليلة السبت 6 مارس 2010م، جاء الانتقام لمجزرة «جوس»، وذلك بعد شهر من وقوعها، دون ملاحقة مرتكبي المجزرة من الشبان المسيحيين المتطرفين، وصمت حكومة الولاية والحكومة الفيدرالية في «أبوجا» وعدم تلبية نداء بعض الحقوقيين ومطالب الجماعات الإسلامية بمعاقبة المجرمين.
والهجوم -أو ما تسميه وسائل الإعلام بالاشتباكات- نفذتها مجموعة تنتسب إلى قبيلة، فولاني المسلمة، وهي -حسب اعتقاد المهاجمين- انتقام لمقتل المئات من أبنائهم المسلمين واختطاف زوجاتهم واغتصاب المسلمات وقتل المصلين وتدمير المساجد والمدارس الإسلامية على أيدي مسلحين مسيحيين في عام 2009م، وكذلك قبل شهر من وقوع الهجوم الأخير.. ولأن الحكومة لم تلاحق القتلة من الميليشيات المسيحية المتطرفة لمعاقبتهم، نفذ المسلمون هذا الهجوم انتقامًا لمقتل المئات منهم.
جذور الفتنة
منذ إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية في عدد من الولايات الشمالية ظهرت دعوات عنصرية وطائفية تطالب بتصفية المسلمين ونزع السكان المسلمين، وهم يشكلون أكثر من 30٪ من مجموع سكان ولاية «بلاتو»؛ انتقامًا لفشل رابطة الكنائس النيجيرية في جهودها لإيقاف قرار تطبيق الشريعة الإسلامية في شمال نيجيريا.. وقد بدأ هذا الفشل برفض المحاكم النيجيرية إصدار قرار منع تطبيق الشريعة الإسلامية، كما فشلت سياسيًّا عندما رفض النواب الشماليون في البرلمان النيجيري التصويت ضد تطبيق الشريعة.
وكانت المنطقة قد شهدت سلسلة من الهجمات المسلحة من قِبل المتطرفين المسيحيين أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتدمير البيوت، وتشريد قرابة مليون شخص، أكثرهم من المسلمين!
(*) رئيس «جماعة تعاون المسلمين» في نيجيريا