; مشاهدات مراسل المجتمع في كابل | مجلة المجتمع

العنوان مشاهدات مراسل المجتمع في كابل

الكاتب عبدالله بركات

تاريخ النشر الأحد 10-مايو-1992

مشاهدات 21

نشر في العدد 1000

نشر في الصفحة 18

الأحد 10-مايو-1992


·       المجاهدون يسيطرون على كافة الأوضاع والمنشآت والمؤسسات والميليشيات خارج كابل

انطلقت بنا الطائرة العسكرية بعد ظهر يوم الجمعة الموافق الأول من مايو من مدينة بيشاور الباكستانية إلى مدينة كابل كنا في حالة من القلق والخوف الذي لم نستطع إخفاءه وخصوصًا حينما مرت الطائرة بمطب هوائي فقد كنا نتوقع أن تنطلق صواريخ الحزب الإسلامي نحونا وأن نرى كابل ركامًا وبيوتًا مدمرة وسيارات محترقة وبركًا من الدماء.. وهكذا الصورة التي نقلها لنا الإعلام قبل رحلتنا هذه، ولكن ما إن حطت الطائرة بأرض مطار خواجه رواش العسكري حتى تبدد الخوف وتحول إلى سرور عظيم، وخلال جولة سريعة لنا في العاصمة كابل أسجل المشاهدات التالية من خلال الواقع والمعايشة والبحث وبكل صدق وتجرد بعون الله تعالى.

سيطرة المجاهدين على الأوضاع

فالمجاهدون من كافة التنظيمات الجهادية -ما عدا الحزب الإسلامي- يتولون إدارة وحراسة جميع المراكز الحساسة والهامة كالإذاعة والتلفزيون، وجميع الوزارات وقصر الرئاسة والقصر الجمهوري والسفارات والفنادق والبنوك والمؤسسات الهامة.. إلخ، لا يشاركهم في هذه المهمة أي جهة سواء الجيش السابق أو الميليشيات، ولا يوجد عنصر واحد من الميليشيا في المراكز الحساسة، وفقط يمكن مشاهدة الميليشيات بأسلحتهم الخفيفة وبعض قذائف آر بي جي في السوق وأطراف المدينة ويركبون سيارات شحن، وهم يحاولون جاهدين كسب ود المجاهدين حتى يرضوا عنهم وفي غالبيتهم أناس بسطاء وفلاحون لا يفقهون في المبادئ الشيوعية وغيرها شيئًا إنما استغلوا وخدعوا وها هم يستغلون ثانية ولكن لصالح الجهاد والإسلام بعون الله تعالى، كما أن وزير الدفاع أحمد شاه مسعود أكد لنا في مقابلة خاصة أنه لم يعط أي وعد للميليشيا وقيادتها أكثر من العفو عنهم إذا استمروا في سلوكهم السوي.

عودة الحياة الطبيعية

الحياة عادت بشكل طبيعي وأسرع مما هو متصور وخصوصًا في أعقاب حرب طاحنة استمرت أربعة عشر عامًا، فقد عادت الكهرباء والماء إلى كابل منذ الثاني من مايو وفتحت الأسواق، وحركة المرور طبيعية وتوفرت كافة السلع التجارية، كما أن القائد العسكري بكابل الدكتور عبد الرحمن أصدر أمره بتخفيض أسعار كثير من السلع التجارية والتي توفرت في السوق وخصوصًا الخبز حيث كان ثمن الرغيف مائة روبية أفغانية أي ما يعادل 6 روبيات باكستانية إلى حوالي ربع دولار السعر إلى 10 روبيات أفغانية أي ما يعادل ستة بيسات فقط باكستاني، كذلك تم تخفيض الأجرة وعادت بعض شركات الطيران تواصل رحلاتها إلى كابل وبدأ يعمل قسم الجوازات ووزارة الاتصالات السلكية واللاسلكية والكل يعرب عن سروره من الوضع حيث قابلت بعض التجار ومنهم غير المسلمين وكانوا يقولون إننا نشعر أن المستقبل مشرق إن شاء الله.

جولة في قصر الرئاسة

تجولنا في قصر الرئاسة ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية ومراكز الأمن وبيوت نجيب الله وفي معظم أجزاء كابول ولم نر أثرًا لأي تدمير أو آثار للرصاص ولكن فقط هناك تدمير حول قلعة بلحصار التي تتمركز فيها بعض المجموعات التي كانت تدعي أنها الحزب الإسلامي وفي الحقيقة هي مجموعات خلقية «من حزب خلق» وحاولنا جاهدين أن نعثر على ما يدل أن هناك آثارًا لقصف أو اقتتال ولم نجد إلا رصاصًا فارغًا يطلقه إخواننا الأفغان تعبيرًا عن الفرح وربما أطلقوا بعض القذائف أيضًا في الجبال وذلك بعد المغرب من كل ليلة وقد صدر أمر من مسعود مؤخرًا بمنع هذه الظاهرة وخفت بشكل كبير.

الإعلام لا ينقل الحقيقة

في الوقت الذي كان الإعلام العربي والغربي يتحدث عن سقوط الصواريخ على كابل في الثاني والثالث من هذا الشهر ويحدد مواقع سقوطها حول قصر الرئاسة وبعض الوزارات ويتحدث عن قطع حكمتيار للطريق ومنعه لقوافل الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية والحبوب على الطريق الرئيسي بين جلال آباد وكابل. كنت ومجموعة من الصحفيين العرب ضمت مراسلي جريدة الشرق القطرية وجريدة السودان الحديث ومجلة درع الإسلام وجريدة الحياة كنا نتجول في تلك المناطق ولم نسمع أي صوت لإطلاق الرصاص فضلًا عن إطلاق صواريخ كما يزعمون كذلك كنت أقابل سائقي الشاحنات التي وصلت إلى كابل لتوها وعددها حوالي 170 شاحنة وأسألهم عن مدى صدق ما أذاعه الإعلام فكانوا يؤكدون لي أنه لم يعترضهم أحد أبدًا ولكن سوء الطريق وهطول الأمطار والدمار الذي لحق بالجسور كان سببًا في قطع مسافة الطريق في حوالي يومين لذا يؤكد قادة المجاهدين على المسلمين عدم أخذ الأخبار من الإذاعات الغربية وخصوصًا ما نقلته وكالات الأنباء الهندية والفرنسية وصوت أمريكا والبي بي سي ونرجع في كل الأخبار إلى مصادرها الحقيقية وهي «المجاهدون والإعلاميون الإسلاميون»

مبالغة إعلامية

هناك ملاحظتان حول ما تتناقله وسائل الإعلام أن الحزب الإسلامي يطلق صواريخ على كابل: إن هذه الأخبار مبالغ فيها ويبدو أن الإعلام فيما يتعلق بهذه القضية يتعامل بمبدأ «الحسنة بعشر أمثالها» لو صحت مثل هذه الأخبار فإنها مفتعلة من قبل جهات أخرى تعمل على تأجيج الصراع بين الحزب وباقي المنظمات الجهادية وتحاول عزل الحزب شعبيًا وسياسيًا هذا وقد نفى الحزب ما نسب إليه من أنه أطلق صواريخ على كابل، وهذه الجهات لا تخفي أطماعها في أن تحقق بعض المكاسب السياسية من خلال إيجاد بعض المتناقضات والخلافات.

وصول قادة المجاهدين إلى كابل

وصل يوم الاثنين قادة الجهاد الشيخ سياف -ورباني- ومحمد نبي محمدي وغيرهم، إلى كابل في موكب مهيب ضم المئات من السيارات للمجاهدين ووسط فرحة غامرة عمت جميع المناطق التي سار فيها الركب من بيشاور إلى كابل واصطف آلاف المجاهدين والأفغان على طول الطريق يحيون هؤلاء القادة ويؤدون الشكر لله سبحانه على هذا النصر المبين.



الرابط المختصر :