; مصر.. المعتقلون بين التأهيل والتمويل | مجلة المجتمع

العنوان مصر.. المعتقلون بين التأهيل والتمويل

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 26-أكتوبر-1999

مشاهدات 16

نشر في العدد 1373

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 26-أكتوبر-1999

عقدت في القاهرة مؤخرًا ندوة حوار في شكل مائدة مستديرة كان عنوانها وموضوعها «خلف جدار النسيان»، كيف يمكن للمجتمع المصري أن يتعامل مع مصير آلاف المعتقلين من المنتمين لجماعات العنف أو المشتبه في انتمائهم لها، وما التاثيرات السلبية للاعتقال على أسرهم، وما وسائل إعادة تأهيل كل من المعتقلين والأسر بحيث تتلاشى أو تقل آثار الاعتقال المتكرر على المجتمع؟

اللافت للنظر أن اللواء فؤاد علام المدير الأسبق لجهاز أمن الدولة كان مدير الندوة، الأمر الذي أثار حولها بعض علامات الاستفهام أو التعجب، وقد عبر بعض من تلقوا الدعوة للمساهمة في الندوة عن استنكارهم لتولي أحد كبار «الجلادين» السابقين إدارة الحديث الإنساني عن ضحايا الاعتقال، وبصفة خاصة لمشاركة عدد ممن اعتقلهم علام بنفسه عندما كان في الخدمة.

الآراء التي طرحت واستمع فؤاد علام إليها بإصغاء ملحوظ، دارت حول استعراض معاناة المعتقلين وأساليب التعامل المأمول معهم أو الإفراج عمن حكم القضاء بالإفراج عنهم أكثر من مرة دون أن تنفذ الداخلية هذه الأحكام، وتحدث أكثر من مشارك عن الأوضاع السيئة في السجون، من حالات المرض وإهمال العلاج، مما يؤدي إلى القتل البطيء، وأشار البعض إلى رفض سلطات السجون مواصلة المعتقلين دراستهم أو التقدم للامتحانات، كما أشار آخرون إلى انتهاك أبسط قواعد حقوق السجناء بمنع الزيارات في كثير من الأحيان، كما تطرق بعض المتحدثين إلى تضييق حرية العمل السياسي أمام بعض من أفرج عنهم ويرغبون في الانخراط في بعض الأحزاب.

ولوحظ أن فؤاد علام، لم يقاطع أحدًا من المتحدثين، وذكر الجميع أن الحوارات التي دارت داخل السجون في أثناء مدة خدمته مع الوزير الأسبق حسن أبو باشا، تمت على يديه، وأكد أنه لا يزال على صلة مباشرة بالأمن المصري، وأنه لا يزال يدرب ضباط أمن الدولة في نطاق تخصصه وخبراته.

في نهاية الندوة قرأ فؤاد علام على الحضور التوصيات التي توصل إليها المتحدثون، ومن المفارقات أن الذي تولى صياغة تلك التوصيات النائب الإخواني على فتح الباب - عضو مجلس الشعب عن جنوب القاهرة - ولم يعترض علام على أي توصية، على الرغم من أنها جميعًا تمثل وجهة نظر نقدية لسياسات وممارسات الحكومة، في التعليم والإعلام وقضية الهوية الإسلامية وحقوق الإنسان.

دلالات

إذا أخذنا في الاعتبار شخص مدير الندوة وتأكيده على استمرار صلاته المهنية بجهاز الأمن المصري، وإذا عرفنا أن الداعي للندوة «جماعة تنمية الديمقراطية» المعروفة بصلاتها «الطيبة» بالنظام، وإذا تذكرنا أن توقيت الندوة يأتي إبان الحديث عالي الصوت لرموز من الجماعة الإسلامية حول اتجاههم لنبذ العنف ولتأسيس حزبين سياسيين، نقول: إذا أخذنا كل ذلك في الاعتبار، فإن هذه الندوة يمكن اعتبارها إشارة من النظام للمجتمع وللإسلاميين وللجماعة الإسلامية، ولأسر المعتقلين.

ومما يؤكد هذا الاحتمال، ما ورد في مشروع الدراسة أو الورقة التي وزعتها جماعة تنمية الديمقراطية على المشاركين قبل أسبوعين من موعدها، وذلك بغرض المناقشة والتقييم والإضافة على حد قول واضعيها.

وتقوم الدراسة على التحليل العلمي لعينة مكونة من 400 حالة من حالات الاعتقال المتكرر، أجريت على المعتقلين وأسرهم، وهي على حد علمنا أول دراسة إحصائية دقيقة يجري طرحها علانية، وعلى نطاق واسع لاستعراض الأوضاع السيئة لمعتقلي جماعات العنف في مصر.

وفيما يلي أبرز ما توصلت إليه الإحصاءات:

المعتقلون من هم؟

أولًا: التركيب العمري والمستوى التعليمي للمعتقلين:

بقراءة استمارات البحث التي أعدها مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء نجد أن فئة الشباب «18 - 35 سنة» تمثل 77 % من عينة البحث، فمن إجمالي 400 معتقل شملهم الاستطلاع، بلغ عدد الشباب 308 أشخاص، منهم 124 شخصًا ما بين 21 و 30 سنة.

كما تشير الاستمارات أيضًا إلى ارتفاع نسبة المتعلمين بين المعتقلين الذين شملتهم، حيث نجد أن 61 % من عينة البحث من الحاصلين على مؤهلات عليا ومتوسطة، و 16,25 % من العينة ما زالوا طلابًا في جميع مراحل التعليم، بل تشير الاستمارات إلى أن غالبية المعتقلين كانوا جادين ومتفوقين في دراستهم العلمية.

وحسب التوزيع الجغرافي كان 75% من أفراد العينة من الوجه القبلي، والباقون من القاهرة والوجه البحري.

ومن المخالفات الشائعة التي كشفت عنها الدراسة أنه من بين 400 حالة لم يقدم الضباط المكلفون بعملية القبض على الأفراد ما يثبت شخصيتهم سوى في حالتين فقط، كما لم يتم إبراز قرار الاعتقال أو أمر النيابة سوى في حالتين فقط، أما الطلبة فلم يسمح إلا لنسبة 23 % منهم «عدد 65 طالبًا» بأداء الامتحانات.

وعن الأوضاع الاجتماعية للمعتقلين المتزوجين تبين أن 94,8 % من الزوجات لم يطلبن تغيير أوضاعهن في حين طلبت نسبة أقل من 1 % الطلاق، وتفكر نسبة 4,3 % أخريات في الانفصال.

وتحظى جماعة تنمية الديمقراطية التي نظمت الندوة بدعم 11 جهة أجنبية معلنة تنتمي إلى الولايات المتحدة وهولندا وألمانيا والدانمارك والنرويج وبريطانيا وإيرلندا وفنلندا وبعضها جهات رسمية كسفارات هولندا والدانمارك وبريطانيا وفنلندا بالقاهرة.

الرابط المختصر :