; مصلحـــون رحلــوا في أغسطس .. الدايل والعجمي وكمال الدين وغوشة | مجلة المجتمع

العنوان مصلحـــون رحلــوا في أغسطس .. الدايل والعجمي وكمال الدين وغوشة

الكاتب عبده دسوقي

تاريخ النشر الثلاثاء 01-أغسطس-2023

مشاهدات 38

نشر في العدد 2182

نشر في الصفحة 60

الثلاثاء 01-أغسطس-2023

 

تعيش الأمة الإسلامية واقعاً تحتاج فيه لجهود كل مصلح؛ ليتحرك بصلاحه وعلمه وفهمه الشامل لمعاني الإسلام؛ حتى يعيش واقع أمته ويترجمه لسلوكيات يقتفي أثرها الجميع؛ فيستيقظ العاصي، وينتبه الغافل والمقصر، وتعظم شعائر الله تعالى، وتموت البدعة.

 

الشيخ عمر عبدالرزاق الدايل.. الصادع بالحق

في أسرة محبة للعلم، ولد العم عمر عبدالرزاق محمد الدايل بمدينة الزبير بالعراق، أواخر عشرينيات القرن الماضي، حيث تعود جذور أسرته إلى قبيلة الدواسر بالسعودية، وعرف والده بقسمة التركات وتحرير الوثائق الشرعية للأهالي.

تعلم في مدرسة النجادة بالزبير، قبل أن يصبح واحداً من معلميها عام 1950م، فكان معلماً للرياضيات، وعضواً بهيئة إدارة مكتبة الزبير العامة ومفهرس محتوياتها.

انتقل إلى الكويت (قبل أن ينتقل أواخر حياته إلى الرياض)، وكان من جيل الرواد بجمعية الإصلاح الاجتماعي، ومديراً تنفيذياً لها حين التأسيس عام 1963م، واستمر لسنوات طويلة، وتخرج على يديه كوكبة من الكفاءات، وكانت له عناية بنشر الكتيبات الإسلامية والشرعية التي توجه أبناء الجيل.

وقد شهد له بالفضل كل من عمل معه في تلك الفترة، وصاحب رؤساء مجالس الإدارة المتعاقبين، كما يُعد من أبرز المشايخ والعلماء في الخليج، وجاءت وفاته بعد حياة عامرة بخدمة الإسلام وتربية الأجيال والعمل لهذا الدين العظيم، وظل كذلك حتى وفاته يوم السبت 13 أغسطس 2022م، وصلي عليه بعد عصر يوم الأحد بجامع الراجحي في الرياض، ودُفن في مقبرة النسيم(1).

الشيخ ناصـر  العجمـي..  حمامة المسجد

على أرض الكويت ولد وترعرع وتعلم حتى أصبح أحد دعاتها ومصلحيها الذي لم يقعده العمل الرسمي في وزارة الأوقاف وكخطيب لمسجد الإمام الشوكاني بأم الهيمان عن الانطلاق بين الناس بالدعوة والموعظة الحسنة، وتفقد أحوال الفقراء والمحتاجين، وتفقد أحوال الحيارى من الشباب.

انضم منذ وقت مبكر إلى جمعية الإصلاح الاجتماعي والعمل بين صفوفها، حتى عرفه الجميع بحسن خلقه، وعلو همته، وابتسامته الدائبة رغم اشتداد المرض عليه أواخر عمره، وقد وصفه من عاشره كونه من الدعاة الطيبين بأنه صافي القلب، متواصل مع إخوانه، يدعو للخير في كل مكان يكون فيه، حين تجلس معه تجد الطمأنينة والراحة والثقة بالله والرضا بقضاء الله وقدره.

كان الشيخ العجمي مقدَّراً ومحبوباً من الجميع، حريصاً على الدعوة إلى الخير بعيداً عن اللغو، وله مواقف بطولية ووطنية إبان الغزو العراقي للكويت؛ فقد ظل في الوطن مدافعاً عنه، متفقداً أحوال الجميع، متعاوناً على توفير المواد للمواطنين، صادعاً بالحق ضد الغزو، مطالباً أبناء وطنه بالتوحد لمقاومة المحتل العراقي.

مرض الشيخ العجمي في أواخر حياته، ومع ذلك لم ينقطع يوماً ما عن الدعوة والعمل في سبيلها، حتى صعدت روحه إلى بارئها يوم 7 أغسطس 2022م(2).

د. حسين كمال الدين.. العالم الطبوغرافي

في مدينة القاهرة عام 1332هـ/ 1913م، ولد د. حسين كمال الدين أحمد إبراهيم لأسرة نزحت من الحجاز إلى مصر واستقرت بمدينة بلبيس بالشرقية في البداية، قبل أن تستقر بالقاهرة بجوار الجامع الأزهر، حيث كان والده أحد العلماء.

وتخرج في كلية الهندسة مع مرتبة الشرف من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) عام 1938م، قسم الهندسة المدنية، واختير معيداً بها، حتى حصل على الماجستير عام 1943م في المساحة التصويرية، ثم حصل على الدكتوراة في نفس التخصص عام 1950م.

عمل في بداية حياته مدرساً في جامعة القاهرة وما زال يترقى في الدرجات العلمية حتى بلغ مرتبة الأستاذ (1953 - 1961م)، وكان من أنصار تدريس العلوم التجريبية والتطبيقية باللغة العربية، وقد نادى بضرورة التعريب في كل مناسبة، وألف عدداً من الكتب العلمية في موضوع تخصصه باللغة العربية، وكان رئيساً لقسم المساحة في كلية الهندسة، وانتقل للعمل في أكثر من جامعة حتى استقر به المقام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

وضع الخطوط الأساسية لإنشاء أطلس جديد يسمى «الأطلس المكي»، ويمتاز بإظهار موقع مكة المكرمة بالنسبة إلى القارات الأرضية، واستعمال الإسقاط المكي للعالم في إنشاء خرائط هذا الأطلس وبيان خطوط اتجاهات الصلاة على هذه الخرائط.

وأثبت أن مكة المكرمة تتوسط الكرة الأرضية، واستطاع أن يتوصل إلى معادلات وبرامج تمت الاستفادة منها في تصنيع ساعة تضبط مواقيت الصلاة وتعطي إشارة صوتية عند حلول وقت الصلاة حسب البلد الذي يُحدد في الساعة، وهي في الوقت ذاته تحدد اتجاه القبلة في أي مكان من الأرض.

تعرف إلى الشيخ حسن البنا منذ الثلاثينيات؛ فقربه إليه لما تميز به من صفات قيادية، واختير عضواً في مكتب إرشاد جماعة الإخوان، وعضواً بالهيئة التأسيسية للجماعة عام 1945م، وكان له دور عظيم في نشر الدعوة بالعراق بعدما انتقل للعمل فيه بداية الأربعينيات.

تعرض للاعتقال في أكثر من مناسبة سواء في العهد الملكي أو ما بعد ثورة يوليو، وحكم عليه بالسجن المؤبد عام 1954م، لكنه تم الإفراج عنه لحاجة النظام المصري لجهوده العلمية خاصة في معالجة بعض مشكلات السد العالي.

سافر للسعودية واستقر بها حتى اشتد عليه المرض، فعاد لوطنه، ووافته المنية يوم الخميس 12 من ذي الحجة 1407هـ/ 7 أغسطس 1987م، ودفن بالقاهرة(3).

إبراهيم غوشة.. بين القلم والبندقية

إبراهيم غوشة، أحد أعلام الحركة الإسلامية في فلسطين (حماس) والناطق الرسمي باسمها في الفترة 1991 - 1999م.

ولد في مدينة القدس، في 26 نوفمبر 1936م، حيث الثورة القسامية التي أشعلت روح الجهاد في قلب كل عربي وفلسطيني.

تخرج في كلية الهندسة جامعة القاهرة، وتخصص في قسم الهندسة المدنية عام 1961م، وبعد تخرجه عمل مهندساً في قناة الغور الشرقية بالأردن في الفترة 1961 -1962م، قبل أن يسافر إلى الكويت، ليعمل في بلدية الكويت في الفترة 1962 - 1966م، ثم عاد إلى الأردن ليعمل في مشروع سد خالد على اليرموك 1966 - 1971م، ثم عاد مرة أخرى إلى الكويت حيث عمل في أبراج الكويت لمدة عام واحد فقط 1971 - 1972م.

وظل يعمل في مكتب الهندسة حتى تفرغ للعمل في حركة «حماس» عام 1989م بعد مساهمته في تأسيسها ويصبح المتحدث الرسمي لها.

أُبعد عن الأردن إلى قطر ضمن عدد من قيادات «حماس» عام 1999م، لكنه عاد بعد عام ليكون محور تقارب بين «حماس» و«فتح».

ظل غوشة على عهده لدينه وحركته حتى توفاه الله يوم الخميس 18 المحرم 1443هـ/ 26 أغسطس 2021م، وشيعت جنازته يوم الجمعة بالأردن(4).

____________________

الهوامش

(1) حسن الأثري: وفاة الشيخ الدايل أحد كبار الدعاة بالسعودية والكويت، جريدة الأمة، 14 أغسطس 2022م.

(2) سامح أبو الحسن: وفاة الداعية الشيخ ناصر عبدالله العجمي، مجلة «المجتمع»، 7 أغسطس 2022م.

(3) عبدالله العقيل: من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة، الطبعة الثامنة، دار البشير للنشر والتوزيع، طنطا مصر، 2008م.

(4) المهندس إبراهيم غوشة على درب الجهاد: إخوان ويكي، 28 أغسطس 2021م.

 

الرابط المختصر :