; مطالعات في الصحافة الإسلامية | مجلة المجتمع

العنوان مطالعات في الصحافة الإسلامية

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 21-مارس-1978

مشاهدات 14

نشر في العدد 391

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 21-مارس-1978

  • من نبوءات الرسول التي تتحقق في هذا العصر

في العدد الأخير من مجلة - البعث الإسلامي

 كتب الأستاذ محمد الحسني تحت عنوان «من الألفاظ إلى ما وراء الألفاظ»، فقال:

 لقد صور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الأمة، وتتنبأ بمختلف الوقائع والأحداث في أزمان متأخرة لم يحددها، والمفهوم الشائع عند الناس والمتبادر إلى أذهان العامة، أن كل ما تنبأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعده عند يوم القيامة، وليس الأمر كذلك فهذه الأخبار والآثار جاءت لمختلف المراحل والأدوار التاريخية والنفسية التي تمر بها هذه الأمة، وقد وصفها وشرحها - صلى الله عليه وسلم - ليكون المسلمون، من تلك المحن والفتن، على حذر، ويعرفوا موقفهم ومسؤوليتهم وداءهم ودواءهم بدقة وضبط.

 من هذه النبوءات الهامة والأخبار المتفق عليها حديث جاء فيه عن ثوبان رفعه: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: من قلة نحن يومئذ؟ فقال أنتم يومئذ كثيرون، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، ويقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت». (رواه أبو داود) ـ

وهو من الأحاديث التي تنطبق حرفيًا على الأوضاع السائدة في العالم الإسلامي المعاصر، وتركز بالضبط على هذا الحديث، فإن نظرةً فاحصةً واحدةً في صحيفة سيارة - بشرط ألا تكون شيوعية ماركسية أو بعثية - تلقي الضوء على ما يواجه العالم الإسلامي من ضغط شديد واختناق، وتطويق عسكري مكشوف، أو فكري مستور، في مختلف الأرجاء وفي مختلف الصور والأشكال..

ولكن إعجاز الحديث النبوي الشريف لم يظهر بمثل ما ظهر في السنوات الأخيرة، حتى تحول النفط إلى قصعة كبيرة وقع عليها الأكلة من كل جانب، تصور تهالك الدنيا على هذه المادة التي صارت وريد الحياة في هذا الزمان، ثم انظر كيف تتحالب أفواه البلاد المتقدمة والنامية، والغنية والفقيرة على هذه الثروة، وكيف تنظر بشره ونهامة إلى هذه القصعة الكبيرة من الذهب الفائض في السعودية، في الخليج، في ليبيا، وكيف يحاول كل من هب ودب أن يدلي في هذه البئر بدلوه، ويغرق في هذه القصعة أصابعه، بل يحاول أن يهبط فيها ليغرق فيها إلى آذانه، كل دولة تريد أن تستغل هؤلاء العرب الأقحاح الذين أكرمهم الله بالقلب السليم والعقل السليم، وبالأريحية والشهامة، وتتعامل معهم كسذج، وتريد أن تمتص ثرواتهم في أقرب فرصة، وبأنجح وسيلة، وهكذا اجتمعت هذه الأصابع الطامعة في الخيرات، أصابع الدول الكبرى والصغرى، حتى اختفت القصعة عن الأنظار، وبقيت الأيدي العاملة والأصابع.

 هذا الحديث في هذه المرحلة الدقيقة الهامة يذكر الشعوب العربية وحكامها وقادتها أن يتذكروا ما تنبأ به نبيهم - صلى الله عليه وسلم - فيمسكوا بأطراف الموقف ولا تذلهم هذه الثروة الأرضية وتهالك الناس عليها، ويمروا بها كمرحلة عابرة من غير أن يفقدوا شخصيتهم وهويتهم، ويتذكروا أن رسالتهم العالمية الأخيرة، ومكانتهم القيادية في الشعوب وتجديفهم سفينة الإنسانية، وحمل نور الإسلام إلى أرجاء العالم البعيدة، الغارقة في ظلمات الجهل والبدعة والضلالة أو الإلحاد والفساد، أروع وأغلى وأنفع وأبقى مما في داخل أرضهم، وأن ما تحمل جوانحهم أثمن مما تحمله آبارهم وحقولهم، وأن العالم الحديث الذي يريد أن يستغل هذه الطاقة الهائلة مكرًا وخداعًا أو احتلالًا وإذلالًا، عالم مريض بأنواع الأسقام والآلام.. وهو في حاجة إلى إسعاف روحي بشعلة الإيمان أكثر من حاجته إلى إسعاف مادي بأنابيب البترول، لذلك يجب عليهم أن يجعلوا هذه الطاقة الهائلة في خدمة الإيمان، ويجعلوا من هذه الخامات الطبيعية قوة حية متحركة تهدي إلى الله، ونورًا ينتشر في الآفاق، وأفواجًا تدخل في دين الله، وشعوبًا حائرة ترجع إلى الرشد، وشبابًا ضائعًا يعود إلى الحق..

هل هي أمنية..؟

يقول كيمون:

الحل النهائي:

إبادة ثلثي المسلمين

ونفي الثلث الباقي

ونقول: أريحوا أنفسكم فشريعة الله زاحفة..

وكتبت مجلة - الاعتصام - القاهرية تحت عنوان «هل هي أمنية دينية» تقول:

...والمثير للأسف والاستنكار؟ أن يكتب واحد باسم الإسلام في إحدى الصحف اليومية - الأخبار في ١ - ۹ – ۱۹۷۷م، ويقول منكرًا من القول وزورًا: - لا تمتع بحرية... ولا تحرر من الفزع...

ما دام هناك إفتاء بقتل المرتد؟ - هكذا - ﴿قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِۦٓ إِيمَٰنُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾. (البقرة: 93).

ولولا أن هذا السيد المغوار لا يعترف بالسنة النبوية الشريفة - كما جاء في مقاله من قوله بأن هذا الحد لم يرد في القرآن الكريم؟ ثم عاد ليشكك ويقول بأن الأحاديث المروية في شأن الردة أحاديث أحاد؟ ومنها ما رواه البخاري ومسلم رضى الله عنهما. فهل يعرف سيادته من هما؟ أقول لا، لولا هذا لقلنا له بحديث أمام الهدى - صلوات الله وسلامه عليه - عن معنى الحرية.. إذ يقول فيه: «أن قومًا ركبوا سفينة فاستهموا فصار لكل منهم موضع، فنقر أحدهم موضعه بفأس، فقالوا له ما تصنع؟ قال هـو مكاني أصنــع ما أشـاء...

فإن هم أخذوا على يده نجا ونجوا، وإن تركوه هلك وهلكوا». وقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يده، أوشك أن يعمهم الله بعذاب». إن الأحاديث النبوية بهذا الشأن صحيحة.. ويبدو أن الكاتب يتصور أنه أحاط بالإسلام كله.. لكنه ترك قوله تعالى: ﴿وَمَاۤ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُوا۟ۚ﴾. (الحشر: 7). ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾. (النجم: 3).

إن كثيرًا من الدول، والشيوعية منها خاصة، تصدر قوانین تجرم كل من يتناول نظامها السياسي الوضعي بالنقد ولو همسًا؟ و- لينين - طاغوتهم يقول: «لا يهم أن يفنى ثلاثة أرباع العالم، ولكن الشيء الهام أن يكون الربع الباقي شيوعيًا».

وطاغوت آخر من ناحية الغرب - الفيلسوف الفرنسي كيمون – يقول: - حسمًا لخطط التخلص من خطر المسلمين: «الحل النهائي هو إبادة ثلثي المسلمين ونفي الثلث الباقي، وهدم الكعبة، ونقل قبر الرسول - صلى الله عليه وسام - إلى متحف اللوفر». ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾. (الأنفال: 7). 

لكن قرآننا الكريم يقول: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾. (البقرة: 256). ﴿ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلدِّینُ ٱلۡقَیِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾. (الروم: 30).

 فهل الحرية عندكم أيها الناس هو أن نترك الأبواب مفتوحة على مصراعيها للدب الأحمر الماركسي وتابعيه المخدوعين المضللين للعمل بحرية المادة ١٢٤ من الدستور الشيوعي التي تكفل حرية محاربة الدين؟

هل الحرية عندكم أن يكون الإسلام نهبًا مشاعًا وفريسة سهلة لذئاب الفكر الإلحادي، والتشكيك في الدين.. شرائع ثم شعائر؟ وخلع أثواب الحياء من قيمه؟

أيها الناس الكاتبون باسم الإسلام، اسمعوا:

﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. (البقرة: 229).

﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾. (الأحزاب: 70).

﴿إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِـَٔاخَرِينَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا﴾. (النساء: 133).

إننا لسنا بدعًا ولسنا معتدين.

يا قومنا أريحوا أنفسكم.. فشريعة الله زاحفة مهما كانت العوائق.

الرابط المختصر :