; معارضة الترويح السياحي للأصول التربوية | مجلة المجتمع

العنوان معارضة الترويح السياحي للأصول التربوية

الكاتب د. عبدالله سليمان العتيقي

تاريخ النشر الثلاثاء 10-يوليو-1979

مشاهدات 13

نشر في العدد 453

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 10-يوليو-1979

قال تعالى:

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (النور: 19).

حين مروري على إحدى المكتبات لفتت نظري مجلة اسمها «الترويح السياحي» فالتقطتها لأطلع على ما بها وسرني الحديث النبوي الذي وضع على الغلاف وهو معزو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم القائل «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت» لكن ساءني وساء كل مسلم أن يكتب هذا الحديث الشريف وتوضع تحته وعلى نفس الغلاف الخارجي صورة لإحدى النساء العارية الكتفين سافرة الوجه وحاسرة الشعر ومتبرجة الوجه، فأي استهزاء بالإسلام وقيمه أبلغ من هذا الاستهزاء يا أيتها اللجنة العليا للترويح السياحي في وزارة الإعلام والمشرفة على المجلة؟!

وبالاطلاع على برنامج الأسبوع للترويح السياحي وهو من تاريخ السبت 30-6 إلى الجمعة 6-7 نجد أنه خلال هذا الأسبوع فقط عرض على عامة الشعب وفي الحدائق المختلفة هذه الأفلام:

1- حبيبة غيري!

2- أميرة حبي أنا!

3- ليلة لا تنسى!

4- الأيدي الناعمة!

5- عاشق الروح!

6- لا عاقلة ولا مجنونة!

7- دائرة الانتقام.

8- مجانين بالوراثة!

9- مغامرات في إسطنبول.

10- قصر في الهواء.

علاوة على كثير من الفقرات الملهية للناس والقاتلة لأوقاتهم والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا تشاع الفاحشة على عامة الناس بواسطة هذه الأفلام غير الهادفة إلا إلى هدم الشباب والشابات وإثارة الغرائز الكامنة والتي تفرغ بعد ذلك بالجرائم والاغتصاب والاتجاه إلى شرب الخمر وتعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة والاتصالات التلفونية المشبوهة والتي ابتلي بها تقريبًا كل بيت في هذا البلد فهل هذا هو هدف الترويح السياحي؟

إن هذا الاتجاه الإفسادي للترويح السياحي في الكويت مخالف لبديهيات أصول التربية في البلاد الحديثة والمتحضرة ولأصول التربية الإسلامية التي هدانا إليها كتاب الله عز وجل.

فالمعروف بداهة أن كل مجتمع تقوم أصول تربيته على أهداف وقيم هذا المجتمع فإن كان المجتمع رأسماليًا مثلًا كانت جميع الأهداف والوسائل التعليمية منصبة لغرس المفاهيم الرأسمالية، وإن كان شيوعيًا استخدمت الوسائل الإعلامية والفكرية لغرس المفاهيم الشيوعية وهكذا ولم نسمع يومًا ما أن وسائل الإعلام في مجتمع شيوعي أخذت تنشر المذهب الرأسمالي وتروج له أو أن وسائل النشر في مجتمع رأسمالي أخذت تنشر الفكر الشيوعي وتؤيده.

وإليك أخي القارئ قول عالمين أمريكي وروسي يؤكدان أهمية استقلالهم التعليمي عن أي مبدأ يخالف تصورهم:

يقول الدكتور الأمريكي كنت في كتابه التعليم والحرية:

إن عملية التعليم ليست عملية تعاط وبيع وشراء، وليست بضاعة تصدر إلى الخارج أو تستورد إلى الداخل، إننا في فترات من التاريخ أكثر مما ولجنا باستجداد نظرية التعليم الإنجليزية أو الأوروبية إلى بلادنا.

ويقول عالم روسي اسمه غفرن:

إن العلم الروسي ليس قسمًا من أقسام العلم العالمي، يشتغل في البلاد السوفياتية إنه قسم منفصل قائم بذاته يختلف عن سائر الأقسام كل الاختلاف، فإن سمة العلم السوفياتي الأساسية، أنه قائم على فلسفة واضحة متميزة وإن أساس علومنا الطبيعية الفلسفية المادية التي قدمها ماركس وإنجليز ولينين وستالين، أننا نريد أن نخوض في معترك العالم الطبيعي ونصارع جميع التصورات الأجنبية التي تناهض المادية الماركسية بكل عزم وقوة.

إذا كانت هذه الدول تصارع جميع التصورات الأجنبية التي تناهض فلسفتها فلماذا لا تصارع لجنة الترويح السياحي في بلدنا الكويت جميع التصورات المخالفة فلسفتنا كمسلمين؟!

أليس لدى اللجنة تصور واضح عن أهداف المجتمع المسلم الذي تعيش فيه فإن كان لديها هذا التصور فلماذا إذًا تسمح بعرض أحد عشر فيلمًا سينمائيًا لا يخرج مضمونها عن الحب والعشق والغرام أو السرقة والإجرام أو اللهو وإيتاء الحرام فيتربى أبناؤنا على ذلك الانحراف منذ الصغر، وتفرض على الناس ما لا يرضون.

أما إذا كان ليس لدى اللجنة التصور الكافي لفلسفة المجتمع المسلم وأهدافه فهذه طامة كبرى ويجب إعادة النظر في تشكيلها من جديد أو إعطاؤها التصور السليم حتى تسير عليه. فلماذا وإلى متى نظل في فوضى تعليمية وفي تناقض ومصارعة بين العقائد والحقائق التي نؤمن بها كمسلمين وبين أنظمتنا التي نطبقها والنظريات التي نستوردها، ولعل الأستاذ أبو الحسن الندوي يجيب على تساؤلنا ذلك بقوله: وذلك لا يكون إلا بإنشاء الجيل المؤمن المثقف الذي يجمع بين العقيدة والعلم ويؤمن بخلود رسالته وصلاحيتها لكل جيل وعصر، فهل من مدكر؟

الرابط المختصر :