العنوان معركة العالم الإسلامي أمريكا. . تدول المعركة. . وتوسع نطاقها عالميًا
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 16-أكتوبر-1973
مشاهدات 45
نشر في العدد 172
نشر في الصفحة 24
الثلاثاء 16-أكتوبر-1973
الرد. . تدويل المعركة. . على امتداد العالم الإسلامي
عقائديًا، هذه الحرب هي حرب العالم الإسلامي بأكمله.. والعالم الإسلامي ملزم مبدئيًّا بمقتضى الإيمان والانتساب الديني إلى خوضها بقلب كامل وانحياز شامل.. فالطرف الآخر فيها هم اليهود.. أشد الناس عداوة للذين آمنوا.. والحركة الصهيونية بما فيها أنصار اليهود من قدامى المستعمرين والإمبرياليين الجدد.. هذه الجبهة هي جبهة العداء التقليدي للإسلام.. وهي ملة الكفر الواحدة التي نجابهها في كل وقت وفي كل مكان.. عبر التاريخ الإسلامي وعبر الأرض الإسلامية من الشرق إلى الغرب.
شعب من صميم الأمة الإسلامية.. هو الذي يتصدى لهذا العدوان الكافر المنسق في هضبة الجولان وشط القناة ويتحمل في سبيل ذلك أحقاد الكافرين التاريخية وثارات خيبر وضغائن الصليبية.
محور المعركة الذي تدور حوله هو أرض مقدسة.. تعيش في أعماق كل قلب غشيه نور الإسلام، هناك حيث المسجد الأقصى ثالث الحرمين ومسجد الصخرة. . وحيث صلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- مع أنبياء الله والمرسلين ثم عرج إلى السماء في ليلة مقدسة احتفل بذكراها عالم المسلمين من أقصاه إلى أقصاه منذ أسابيع قليلة. . حيث المسجد الإبراهيمي الشريف الذي أصبح رمزًا للجرح الإسلامي ومسرحًا للإهانة والاستفزاز.
هذه الحقائق – في سنة الإسلام لیست باعثًا على استثارة المشاعر وسكب الدموع. . لكنها نفير للجهاد المقدس وبذل الدماء. وإن تقريرها هو المبرر الكافي لتدويل الحرب على نطاق العالم الإسلامي خاصة والغزو الكافر يتدفق من مصادر دولية. . بشر من كل صقع وجد فيه يهودي أو مرتزق وسلاح من جميع مصانع الغرب ومال تجود به جيوب اليهود وأنصارهم حيثما كانوا. .
من ناحية المصلحة العامة.. فإن «التجربة الاسرائيلية» في حد ذاتها تشكل ظاهرة خطيرة على دول العالم الثالث الإسلامي.. ويعني تبلورها وترسيخها.. أن نوعًا جديدًا من التهديد قد استقر في جنب العالم الثالث ليعمل بشكل دائم ومستمر في زعزعة الأمن والاستقرار وإعاقة التقدم القومي لشعوبه.
في ضوء هذه البديهيات.. نقف على طبيعة هذه الحرب وعلى المسئولية الكبيرة التي يواجهها العالم الإسلامي.
إذا كانت هذه الحرب تعني في حجمها الإقليمي، محاولة إسرائيل والأمريكان توجيه ضربة قوية لتحطيم القدرات العسكرية في مصر وسوريا ومن ثم تحطيم إرادة القتال لدى الشعوب العربية.. حتى يصبح استلابها لا يكلف ثمنًا.
فإنها على مستوى العالم الإسلامي تعني أن أعداءه الذين شطروا باكستان وأقاموا المذابح في الفلبين يستطيعون أن يأخذوا ما يريدون من أرض وأن يؤدبوا كل شعب تكون له إرادة الدفاع عن النفس.
إن معركة مصر وسوريا. . هي رمز الصراع بين أعداء الإسلام والمسلمين. . وإن العالم الاسلامي أرادت له حكوماته أم لا هو طرف في الصراع. . ينهزم وينصر بقدر انتصار سوريا ومصر أو هزيمتهما لا سمح الله.
أكثر من أي وقت مضى. . تشارك الجيوش العربية في المعركة. . في حزيران ٦٧ لم يتحرك جيش عربي واحد إلى الجبهة سوى جيوش دول المواجهة وبعض القوات الرمزية. . والآن تشارك جيوش من المحيط إلى الخليج في قلب القتال. . هذا المد الإيجابي شمل العالم الإسلامي أيضًا. . فالجيش اليوغندي يحارب الآن. . ومشاعر الرئيس عيدي أمين مختلفة الآن عنها في عام ٦٧. . أفريقيا الإسلامية التي كانت مقطوعة الصلة بالعالم العربي. . وارتبطت اقتصاديًّا وفنيًّا بإسرائيل تقف الآن بجميع دولها إلى جانب العرب وتقطع علاقاتها مع إسرائيل. حتى دولها غير المسلمة تقف بإجماع من خلال منظمة الوحدة الأفريقية مع الحق العربي.
الوحدة العسكرية العربية التي تحصل تلقائيًّا أثناء القتال هذه المرة ترجع إلى المناخ السياسي الجديد. . فقد توقفت -نسبيًّا- حرب البسوس العربية التي كان يشنها «تقدميون» ضد «رجعيين»
.. لم تكن هناك مأساة حرب اليمن. وما من عاقل يستطيع أن ينكر أن التفاهم الأخوي بين الرياض والقاهرة. . كان عمادًا أساسيًّا في الموقف العربي
ومن ناحية أخرى فإن السياسة العربية مطالبة باتخاذ خط مماثل مع دول العالم الإسلامي وإذا كانت الأحقاد هي التي حالت دون إشراك العالم الإسلامي في حرب حزيران بنسف جميع الجهود الرامية إلى تعزيز التضامن الاسلامي. فإن الوحدة الإسلامية قطعت شوطًا بعيدًا هذه المرة. . والمطلوب هو تعزيزها والمضي بها إلى مرحلة أكثر فعالية. . إن استمرار البرود في العلاقات العربية الإيرانية - والعلاقات العربية التركية هو إحدى سلبيات التضامن الإسلامي. .
والدبلوماسية العربية مدعوة لتذويب هذا الجليد حالًا، وما دمنا قد نجحنا في أفريقيا فإن هذين الموقعين لأسباب تاريخية واستراتيجية يتطلبان جهدًا أكثر التحامًا.
الحرب الحالية. . نريدها أن تكون حربًا طويلة. . تلك هي طبيعتها. . ثم إن إسرائيل مهزومة لا محالة في الحرب الطويلة الأمد. . لأن قدراتها الاقتصادية والبشرية لا تؤهلها لمثل هذه الحرب. ونحن نستطيع خوض هذه الحرب.
لماذا؟
لأننا نزيد على مائة مليون لن نموت في حرب طويلة. . كما أن عمقنا بعيد يمتد غربًا إلى المحيط وشرقًا إلى الخليج وجنوبًا إلى وسط أفريقيا.
وحينما تتدخل أميركا إلى جانب إسرائيل في اللحظة الحاسمة نحتاج إلى عمق جديد وكلما طالت الحرب نحتاج إلى عمق أبعد. . والعالم الإسلامي هو ذلك العمق الذي سيبتلع إمكانات أميركا الحربية الهائلة.
إن المرحلة القصيرة الماضية في عمر الحرب أثبتت أن العرب لا يملكون فيما عدا دولتي المواجهة سوى ثلاثة جيوش يمكن أن تقدم دعمًا عسكريًّا فعالًا بمستوى المعركة. . ونحن نحتاج في المرحلة القادمة إلى طاقة عسكرية أكبر من ذلك. . والعالم الإسلامي يستطيع أن يوفرها لنا. . لقد قال بريجنيف: نحن لا نحارب معكم، ولكننا سندعمكم. . وذلك لأن الحرب حربنا وكل ما يجب أن نتوقعه هو المساعدة. . لكن الأمر يختلف مع العالم الاسلامي فإن الحرب هي حرب المسلمين جميعًا. . ولكل دولة إسلامية مبرراتها الكافية لخوض المعركة إلى جانبنا.
رؤساء البعثات الدبلوماسية في أميركا اجتمعوا وطلبوا من الرئيس نكسون أن يبقى بعيدًا عن هذه الحرب وألا يتدخل ضد العرب. . فلماذا لم تتحرك الأمانة العامة الإسلامية لحمل الدول الإسلامية على اتخاذ موقف موحد ضد أميركا؟. . لقد كانت أكثر الدول تحفظًا من الانحياز الكامل إلى الصف العربي هما: إيران، وتركيا، ومع ذلك فقد كان لإيران وتركيا موقفًا مشرفًا هذه المرة ووقفتا مع العرب بكل قوة ووضوح، حتى بنغلاديش يجتاحها حماس كاسح إلى القتال مع الإخوة المسلمين. إن الجو مهيأ لمشاركة إسلامية عالمية. . والمطلوب من السياسة العربية والتنظيمات الإسلامية بشكل خاص أن تتحرك لاستثمار هذا المناخ لتسجيل أكبر رصيد مساعد للصف العربي.
• العالم الإسلامي امتداد جغرافي للاستراتيجية العربية. . ونظرة واحدة للخارطة توضح هذه الحقيقة. وما دامت أميركا تسعى لتدويل الحرب فان ذلك يستلزم أن نغير الخريطة الحربية لتشمل المواقع الأميركية كذلك. . وذلك يتطلب إدخال العالم الإسلامي في المعركة.
* إذا حدثت المواجهة مع أميركا فإن دخول العالم الإسلامي يصبح ضروريًّا جدًّا لإكساب هذه المواجهة فعاليتها.
فإن النفط يتدفق على أميركا من بعد الدول العربية من دول إسلامية.
* في الهيئات الدولية وعلى رأسها مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة يكون دور الدول الإسلامية أساسيًّا خصوصًا وهي تمثل ثقلًا كبيرًا في العالم الثالث بأكمله.
* قطع دول العالم الإسلامي علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل جردها من شخصيتها العالمية وجعلها مجرد محمية أميركية صغيرة.
* دول العالم الإسلامي تلعب دورًا كبيرًا في الضغط السياسي خصوصًا على الدول التي ترتبط معها اقتصاديًّا وتجاريًّا.
* بعض الدول الاسلامية يمكن أن تقدم دعمًا حربيًّا فعالًا. . سواء أكان ذلك بإرسال المعدات الحربية أو الخبرات أو المقاتلين.
* الدعم المادي بالمال والإمدادات الطبية والغذائية. وهو ما أقدمت عليه بالفصل تركيا ويوغندا وغيرها.
ذلك بعض ما يمكن أن تقدمه الدول الإسلامية في هذه المعركة. . وكما رأينا فإن هذه الدول لا ينقصها الاستعداد أبدًا. . فهي ملتزمة مبدئيًّا و متعاطفة معنويًّا. . والأمر يعتمد على تحركنا نحن.
الفرار يوم الزحف جريمة بشعة
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِير﴾. ( الأنفال : ١٥– ١٦).
مثلهم!!
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين﴾. ( الجمعة : ٥).
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل