العنوان معركة الوجود بين القرآن والتلمود «الحلقة الثامنة والأخيرة»
الكاتب الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد
تاريخ النشر الثلاثاء 03-يوليو-1979
مشاهدات 20
نشر في العدد 452
نشر في الصفحة 34
الثلاثاء 03-يوليو-1979
سؤالان خطيران
يبقى لنا في هذه الدراسة سؤالان خطيران:
السؤال الأول:
كيف يصح الحكم على اليهود جميعًا حكمًا عامًا تدفع به أجيالهم على امتداد التاريخ: غابرة، وحاضرة، وقابلة؟!
أوليس هذا مخالفًا لمنطق القرآن نفسه ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ﴾ (سورة الأنعام: 164)
الجواب:
إن الذي حكم عليهم بهذا العموم هو العليم الخبير، الذي لا يظلم أحدًا، ولا تأخذه سنة ولا نوم، ولذلك كان يستثنى منهم دائمًا القلة الصالحة النادرة.
وسبب هذا التعميم أن اليهود يشكلون أمة واحدة، متماثلة الخصائص أو النقائص النفسية والخلقية، وتفيض لؤمًا وغدرًا، وتطفح حقدًا وكيدًا، وتتمادى طغيانًا وكفرًا كما رأيناهم عبر تاريخهم كله!!
نتاج التلمود:
وقد تواطأت أجيالهم على تحريف الوحي، واختراع أخلاق وشرائع تجسمت في «التلمود» الذي جعلوه دينًا، وطبعهم على لون واحد من التربية الضالة، وشكل سلوكهم وأخلاقهم فجاءت لذلك متشابهة رغم اختلاف العصور والظروف، لأنها تستقي من مستنقع واحد!!
جاء اليهودي رافع بن حريملة
«المولود في يثرب، بعد جيل موسى عليه السلام بنحو 20 قرنًا» يقترح على النبي محمد صلى الله عليه وسلم الآيات عنادًا، ويطلب أن يكلمهم الله «عز شأنه» فنزلت الآية الكريمة:
«البقرة : ۱۱۸».
﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (سورة البقرة: 118) فهذا كلام خطير يتكرر مع أجيالهم المتباعدة، والسر في ذلك هو ما تحمله هذه الجملة المعجزة: «تشابهت قلوبهم» من تشخيص قاطع فيه فصل الخطاب، ومفتاح الجواب.
السؤال الثاني:
كيف يوصم اليهود بالجبن والحرص على الحياة على وجه التعميم مع أن ظاهر اليهودي المعاصر يخالف ذلك! ودليل ذلك أنهم زرعوا لأنفسهم دولة بالقوة، وقهروا المسلمين بقوة السلاح والحرب، وكانوا أكثر منهم نفيرًا في كل مجال.
والجواب:
لإن هذا الظاهر المشاهد، لا ينافي الحقيقة التاريخية المعروفة عن اليهود والمقررة في القرآن العظيم.
إن «ميلاد اليهودي المحارب» «كما قال بيجن في كتابه!» لهو أمر عجيب حقًا، ولكن فتشوا عن الأسباب:
إن «هذا اليهودي المحارب» لم يولد في أرضنا إلا في غيبة الإسلام عن ساحة الحكم والتوجيه والجهاد!
أجل: ولد اليهودي المحارب، ونشأ وترعرع في ظل العلمانية الجاهلية، والاشتراكية، والقومية، والإلحاد والإباحية، فلما انتصر اليهودي على دعاتها وأتباعها كان ذلك إيذانًا خطيرًا بأمور:
1- أن هذه الأنظمة والدعاوى قد بلغت غاية الخور والتعفن، لأنها قامت ابتداء وأسست على «شفا جرف هار» -كما قال القرآن- فانهار بها في ذل الدنيا، ولعذاب الآخرة أشق.
2- ولأنها حين تركت دينها ومنهج ربها لم تتقن دنياها- كما فعل اليهود- فكان ميلاد اليهودي المحارب، المنتصر على دعاة الجاهلية هو أقرب الأشياء إلى سنة الله في الكون، حيث ينتصر العلم المادي على الجهل المطبق، ودقة التخطيط والإعداد، على الإهمال والارتجال...
3- لأن هذه الأمة هي حاملة الأمانة الدينية، والحفيظة على وحي الله لعباده فليس من حقها قط أن تختار غير الإسلام، فلما فعلت ذلك كانت مرتكبة لجناية مزدوجة النتائج:
ضيعت نفسها حين استبدلت بالحق الباطل.
وضيعت الناس من ورائها حين حجبت عنهم بلاغ الرسالة بسوء القول والعمل جميعًا!
وهذا هو سبب الأسباب جميعًا!! إن الله أراد أن يؤدب القطيع الشارد عن طريقه الصحيح، النابذ لكتابه ودينه، المتلاعب برسالة وجوده ومصيره!!
ومن ثم كان «حبل الله» في يد إخوان القردة والخنازير اليوم، ليؤدب القطيع الشارد بأخس أنواعه، عسى أن يرعوي، ويعود إلى حمل رسالته العظمى في الأرض.
ولقد فعل الله تبارك وتعالى مثل هذا تمامًا مع بني إسرائيل أنفسهم من قبل، حين خانوا رسالة الوحي وأمانته، وفجروا في الأرض، فسلط الله عليهم كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعدًا مفعولًا!!
تحت راية القرآن
ومن ثم فتفوق اليهود اليوم سيظل مهمازًا حتى يؤوب المسلمون إلى راية القرآن العظيم شرعة ومنهاجًا، وحينئذ يعود اليهودي إلى طبعه وحجمه، ويعوذ بحصنه وجحره، ويرتد إلى كيان يجسد كل أوصاف القرآن له، حتى يأتي في نهاية المطاف وعد الله الحق فلا ينفع اليهودي حينئذ في الأرض شيء، ولا ينجه حصن ولا حجر، ولا يحميه سلاح ولا شجر، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، وحتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر يا مسلم هذا يهودي خلفي تعال فأقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود» - «متفق عليه من حديث أبي هريرة مرفوعًا».
وهذا النداء العظيم «يا مسلم» هو محور القضية، ويوم يستحق المقاتلون هذا الوصف، سيرون من عجائب قدرة الله عز وجل، ما يحقق هذه البشرى القادمة من عالم الغيب، وإنها لوعد حق.
﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (سورة الروم: 4)
وليوقن دعاة الجاهلية من قومنا أنهم لن يروا نصرًا على اليهود ما داموا يصرون على ألقاب الضلالة من، قومي، أو وطني، أو بعثي، أو اشتراكي، أو ناصري، أو علماني فضلًا عن شيوعي!!
فإن هذا الركام كله هو شجر الكفار، ونبت الشيطان، وهم الذين يحجبون نصر الله عن هذه الأمة، ويمدون في حبال اليهود.
وليوقن دعاة الإسلام أن معركتهم مع هؤلاء لا تقل ضراوة عن المعركة مع اليهود، فعليهم أن يتقوا الله تعالى، وأن يلزموا العروة الوثقى ليكافأوا بمدد الله كثرة عدوهم من الداخل والخارج:
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (سورة الحج: 40)
اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين وجندك الغالبين....
وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
تمت بحمد الله
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلثمانون عامًا بحثًا عن مخرج.. رواية رمزية هادفة تأليف الشهيد: صلاح حسن
نشر في العدد 88
13
الثلاثاء 22-فبراير-1972