; مكتبة المجتمع (العدد 70) | مجلة المجتمع

العنوان مكتبة المجتمع (العدد 70)

الكاتب محمد المجذوب

تاريخ النشر الثلاثاء 27-يوليو-1971

مشاهدات 20

نشر في العدد 70

نشر في الصفحة 24

الثلاثاء 27-يوليو-1971

                                         مكتبة المجتمع

تأملات في المرأة والمجتمع

بطل إلى النار

بقلم الاستاذ محمد المجذوب

    

 كتاب من الحجم المتوسط يقع في ٢٦٢ صفحة، يتحدث عن أوضاع المرأة والمشاكل التي يثيرها الناس حولها في هذا القرن من الزمان، ويصدر في نظرته إلى كل أمر من أمور المرأة عن الإسلام في أسلوب جذاب، تختلط فيه القصص والتجارب مع النظر الثاقب والفكر المنير، والكاتب يقدم كتابه هذا إلى الثلة المرموقة من فضليات هذه الأمة، اللواتي استطعن الاحتفاظ بالبقية الغالية من تراثها الخلقي الكريم، على الرغم من ضغط التيارات الهائلة الموجهة اقتلاعها والقضاء على حماتها ودعاتها،

· وخلاصة ما يراه الكاتب في هذا الكتاب أن المرأة العربية المسلمة قبل نصف قرن كانت معزولة عن حركة المجتمع، لا تكاد تحس بما يجري خارج حدود بيتها، فلما استمر الاحتكاك بين الوطن العربي ومحتلية من زبانية الغرب وجدت نفسها تواجه عجلة التطور الحضاري، دون تخطيط ولا إعداد، وما هي إلا سنوات حتى كان هنالك خلاس من نسوة لا يحملن من أثر الإسلام وقيم العروبة الأصيلة سوى نسبة على هوية، وفي رأي المؤلف أنه ليس من شك في أن الوضع الذي كانت تعيشه المرأة العربية والإسلامية في أواخر عهود الانحطاط لم يكن مما يرضي العقل أو يساعد على التطور الصاعد، فكان لزاما على المفكرين أن يبحثوا عن الحل الصالح لتغيير الواقع السيئ، فكتبوا وخطبوا ونظموا، ولكنهم على اختلاف اتجاهاتهم العقلية لم يخطر في بالهم قط أن ينتهوا بالمرأة إلى هذا المجال الجديد، الذي أضاع شخصيته، وصرفها عن حقيقتها، وبعد أن يرينا المؤلف الأثر السيء الذي يتركه التقليد الأعمى على شخصية الأمة ومقومات وجودها، يقول:

· إن المرأة العربية وصلت إلى مطلع عصر النهضة مصونة الفطرة من الانحلال، على الرغم من كل ظروفها السيئة، ولكنها ما إن أطلت على مفاسد الغرب حتى اجتالتهم شياطينه، فإذا هي تتخبط في مستنقع لا تجد مستقرا ولا تهتدي طريقا، لقد راعها من الغرب بريق مصانعه وطرافة منتجاته، مما لا تجد له مثيلا في شرفها، فحسبت حياته كلها على هذه الصورة من القوة والتكامل، فأمنت بلا حياة إلا حياته، ولا طريق إلا طريقه، وهكذا رضيت بالسير وراء الهابطات من نسائه، نتبع آثارهن في كل زي ومسلك، حتى أصبحت لا ترضى عن ثوبها إلا بمقدار انطباقه على نماذجهم الواردة في «كتالوجات» هوليوود وباريس!

 وقال المؤلف إن هذا الاجتياح من الأزياء والتقاليد والأخلاق الغربية لم يسلم منه إلا القليل جدا من البيوت المحافظة بإسلامها، ثم يضيف قائلا: هذا الواقع الرهيب لا بد من تشخيصه واستقصاء منابعه ونتائجه، إذا كان يهمنا مصير وطننا وأمتنا، فليس طبيعيا أن نفكر بأشكال أحذيتنا، وألوان ثيابنا، وأصناف طعامنا، ثم ندع لأزواجنا وبناتنا وأمهاتنا أن يجرفهن تيار التقليد الأعمى دون أن نعلم شيئا عن العواقب التي يشرفون عليها، والمزالق التي سيسكن أبناءنا وأحفادنا إليها،

· وينبه المؤلف إلى اليد الصهيونية التي تكمن وراء قضايانا الاجتماعية بعامة، وقضية المرأة العربية والإسلامية بخاصة! ويقول: إن ثمة توجيها خفيا يستهدف وضع المرأة من أمهاتنا وأزواجنا وبناتنا وتلميذاتنا في ظروف مقصودة، تسلبهن الثقة بأنفسهن وكل مقوماتهن، ولا جرم أن الهدف من وراء ذلك خطر رهيب أنه تحطيم السدود الروحية التي حفظت لهذه الأمة حتى الآن مشاعر الحرية والعزة الدافعة إلى النضال، ثم اجتثاث الجذور التي تربطنا في أعماق التاريخ برسالة المجد الإلهي، التي جعلت من أمتنا خير أمة أخرجت للناس، ويرى المؤلف أن نجاح هذا التوجيه جعل المرأة المسلمة في مهب الأعاصير؛ فليس من الحكمة أن يترك زمام المصادفات تقذف به حيث يشاء أولو الأهواء، ولا ريب في أن الواجب يضع على كل عاتق نصيبه من المسؤولية، لا يستثنى من ذلك صغير ولا كبير، ولا حاكم ولا محكوم، ويقول: إن مصلحة الأمة تهيب بالمسؤولين أن يضغطوا على كابح القاطرة قبل أن تصير إلى حافة الهاوية.

 أين موضع هذا الكابح؟! إن لم يكن في التشريع الذي يفرض على المرأة أن توقف جنون السباق، الذي تمارسه في حلية التقليد الأعمى، التشريع الذي يقول معاول الهدم من أصحاب الفنون الهابطة: ارتفعوا... أو دعوا، فليس في حياة الأمم المكافحة مجال الرافعات السفهاء وثرثارات السخفاء، التشريع الذي يقول للمرأة: مهلا، لقد ملأت بتهتك دروب الناس ألغاما، فاقني حياءك، وألزمي حدود الحشمة التي حتمتها تعاليم الإسلام.

هذه إشارات موجزة بين يدي هذا الكتاب؛ لتكون بمثابة تلخيص يعرف القارئ بمضمونه على وجه الإجمال.

 

بطل إلى النار

هذه المجموعة من القصص كانت قد طبعت قبل هذه الطبعة من رضى القراء ما كتب لها النفاد، ولو جرت الأمور في طريقها لكان من الطبيعي أن يعاد طبعها حتى الآن أكثر من مرة، ولكن الأحداث مرهونة بأوقاتها المقدرة.

 وقد انتهز المؤلف أول فرصة متاحة ليقدمها إلى القراء في حلتها الجديدة ومع بعض الزيادات المفيدة، والمجموعة عبارة عن إحدى عشرة قصة أولها قصة تاريخية بعنوان بطل إلى النار، وقد اختار المؤلف هذا العنوان للمجموعة كلها وتقع المجموعة في سبع وستين ومائة صفحة من القطع المتوسط، جمع فيها المؤلف بين القصة التاريخية والقصص الاجتماعية، وتنتقل بالقارئ بين البلاد المختلفة لينقل إليه أوضاعا اجتماعية معينة يعيشها مسلم في هذه البلاد غريب، أو مواطن فتارة في بلجيكا، وأخرى بين رودس وبروكسل، وثالثة من «تشاد»، ورابعة من «إرواد» في سورية، وهكذا ينقلنا معه ليرينا نماذج حية من حياة الناس وتصرفاتهم وأفكارهم وانفعالاتهم في أسلوب قصصي جميل، يشد القارئ ويستهويه فلا يبدأ في قصة حتى يصر على الانتهاء منها، فتغريه الثانية بالقراءة، وقد اشتهر كاتبنا بهذا النوع من الكتابة القصصية، ولعل شبابنا المتفتح على الحياة أحوج الناس إلى مثل هذا الأسلوب المشرق الجذاب، الذي يعرض عليهم العقيدة صافية نقية دون لجوء إلى الوعظ والإرشاد المباشرين، وبطريق الدخول إلى القلوب، وإضاءتها وإلى النفوس؛ لتشرق من جديد.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

فلسطين

نشر في العدد 2

2493

الثلاثاء 24-مارس-1970