العنوان ملاحظات حول الجلسة الأولى لمحاكمة الشبيبة الإسلامية المغربية
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 10-يوليو-1979
مشاهدات 8
نشر في العدد 453
نشر في الصفحة 12
الثلاثاء 10-يوليو-1979
لنا حول المحاكمة التي تأجلت لأجل غير مسمى عدة ملاحظات موضوعة نود إبداءها مساعدة للهيئة القضائية المكلفة بالنظر وإصدار الحكم.
وملاحظاتنا هذه توخينا فيها الموضوعية بحيث لا نظلم ولا ندع للظلم أن يقع على إخواننا أعضاء الشبيبة، ويمكن تلخيص هذه الملاحظات فيما يلي:
أ- يبدو أن هناك تساهلًا كبيرًا في تطبيق المسطرة مع الشيوعيين المطالبين بالحق المدني فقد كان المفروض أن تنظر المحكمة في الصفات قبل أن تنظر في الجوهر ولكن المحكمة لم تعر أهمية لهذا وأعطت صفة الادعاء بالحق المدني لمن ليس له هذه الصفة. ذلك أن الحزب الاشتراكي وأبناء أرملة بنجلون من زوج ثان غيره ليس لهم أن يدعو بالحق المدني، فليس هذا الحق حسب القانون إلا لمن له اتصال مباشر ومصلحة مالية شخصية ناتجة عن القضية المعروضة وإلا فإن الدعاء بالحق المدني يكون غير مقبول.
ب- مسارعة المحكمة إلى استجابة طلب النيابة العامة بتأجيل المحاكمة لم يكن له ما يبرره. ذلك أن إجراء المحاكمة في الظروف الراهنة لا يناسب الشيوعيين سياسيًا، فهم في حالة عدم وفاق مع الدولة بسبب الإضرابات والمظاهرات التي شنوها طيلة هذه السنة، والتي شلت الحياة الاقتصادية والعلمية وكانت ضربة قاصمة للجبهة الوطنية الداخلية التي يسعى ملك البلاد إلى ترميمها لمواجهة حرب الصحراء والمؤامرات الخارجية والداخلية المحدقة بالمغرب.
ج- كان السبب الذي اعتمدته المحكمة للتأجيل هو عدم حضور بعض الشهود وقد اضطرت النيابة العامة للاعتذار عن عدم حضورهم بأن وقتًا طويلًا قد مضى من بدء التحقيق حتى هذه الجلسة مما جعل عناوين بعض الشهود تتغير، وتعذر معه أن يقوم معاونو المحكمة بتبليغ الاستدعاءات إليهم، فاضطرت النيابة العامة إلى الاستعانة بالشرطة، وهذا الاعتذار نفسه اعتراف بأن الإجراءات قد طالت أكثر مما ينبغي، وأن القضية لم ينظر فيها بجدية، وأن المعتقلين قد نالهم من عقاب السجن قبل المحاكمة ما لا يجبره الحكم ببراءتهم.
وقد كان المفروض قبل تحديد الجلسة أن تقوم النيابة العامة بتهيئة القضية للنظر بإعداد الملف كاملًا وبإعلان الشهود، أما التعلل بعدم إمكان العثور عليهم فيبدو أن المقصود به فقط هو تبرير تأجيل النظر في القضية، وقد صادف هذا القرار هوى في نفوس الشيوعيين وممثليهم ومن يؤازرهم من المحامين.
لا سيما وهم في هذه الظروف لا يريدون أن تصفى هذه القضية كي تبقى في أيديهم وسيلة للضغط الإعلامي، والاستغلال الانتهازي الديماغوجي والابتزاز السياسي.
وقد كان في وسع المحكمة لو أنها أرادت النظر في القضية -خاصة وأن المتهمين معتقلون منذ حوالي أربع سنوات- أن تحدد جلسة في أجل أقصاه خمسة عشر يومًا طبقًا لقانون المسطرة الجنائية المغربية، إلا أنها أعادت القضية للنيابة العامة دون تحديد موعد للجلسة المقبلة، وهذا يعتبر وضعًا للقضية على الرف وتجميدًا لها مرة أخرى مدة لا ندري كم ستطول، وذلك في الوقت الذي رفضت فيه المحكمة مطلب محامي الأخ كمال بالسراح الموقت له ... وهو مطلب صار التقدم به تقليديًا من قبل المحامين وأصبح رفضه أيضًا تقليديًا من قبل المحكمة، لكثرة ما قدم ورفض ونحن نعتبر أن الاحتفاظ بالأخ كمال في السجن دون محاكمة وتأجيل الجلسة لأجل غير مسمى خدمة مجانية تقدم للشيوعيين.
د- في هذا الوقت نفسه يبدو واضحًا أن هيئة المحكمة متشددة بشكل غريب إزاء مطالب الإسلاميين الخاصة بالتعجيل، فقد رفض طلب الإسراع بالبث في القضية وتعيين موعد لاستئناف المحاكمة طبقًا للمسطرة المغربية، كما رفض طلب السراح المؤقت للأخ كمال.
وفي الوقت الذي برهن فيه الدفاع ممثلًا في الأستاذ الإسماعيلي عن منتهى التسامح مع المحكمة بموافقته على التأجيل إذا كان في ذلك مصلحة التحقيق، نجد أن هيئة المحكمة لم تقابل هذا الموقف إلا بمزيد من التشدد إزاء الإسلاميين والتسامح إزاء الشيوعيين. ولعل هذا الموقف منها راجع إلى ضعف التيار الإسلامي وهوانه على الناس، وإلى قوة التيار الشيوعي وهيمنته وتسلطه وخوف الناس منه.
ه- لوحظ أن السلطات القضائية المغربية قد منعت المحامين الإسلاميين المتطوعين من خارج المغرب (مصر وباكستان والكويت)، وهذا يعتبر تحاملًا لا مبرر له ففي الوقت الذي سمحت هذه السلطات للشيوعيين في عدة محاكمات باستقدام محامين شيوعيين من الخارج إذا بالإسلاميين وحدهم يحرمون هذا الحق. ولا شك أن هذا الإجراء مضر بهم ومؤثر على موقفهم لا سيما إذا تأكدنا أن المحاكمة عقائدية بالدرجة الأولى وتعتبر أول محاكمة من نوعها في المنطقة ... ويراد لها أن تكون محاكمة للدعوة الإسلامية وعقيدة التوحيد وزجرًا لأهلها عن مواصلة طريق الحق والهدى...
و- لوحظ أن المحكمة أعطت للاشتراكيين أكثر من حقوقهم بكثير فقبلت حضورهم بثلاث صفات: صفة المدعي بالحق المدني التي ليست لهم، وصفة الشاهد التي لا يجوز أن يقوموا بها بصفتهم خصومًا حاقدين على الإسلاميين، وصفتهم الصحفية. ونحن نعجب لهذه الأدوار المتعددة التي أعطيت للاتحاد الاشتراكي، فبالإضافة للمناداة عليه كصاحب حق مدني، سمح للمسمى القرشاوي أن يمثل جريدة المحرر لسان الاتحاد الاشتراكي (وهو الحزب الشيوعي المغربي التابع لليسار الفرنسي) وفي نفس الوقت اعتبر شاهدًا في القضية ... وملاحظاتنا في هذا الموضوع كالتالي:
- إذا كان للمحكمة أن تسمح للقرشاوي بالتغطية الصحفية لصالح الشيوعيين بحكم كونه أجيرًا لديهم وكان لها تجاوزًا أن تقبل الشيوعيين ممثلين للادعاء المدني، فليس لها أن تقبله كشاهد في القضية، وذلك للأسباب التالية:
1- القرشاوي هذا مسؤول عن تحرير الجريدة الناطقة باسم الشيوعيين المغاربة (الاتحاد الاشتراكي) وكل ما نشرته جريدتهم يدل على أنه يحقد على الشبيبة الإسلامية حقدًا أعمى جعله يفقد الموضوعية والنزاهة في كل ما يكتب حول القضية، فقد وصف المتهمين بالمجرمين ووصف المحامين الإسلاميين بمؤازري المجرمين...
2- من أسباب هذا الحقد عداء موضوعي يحمله للاتجاه الإسلامي، بحكم كونه شيوعيًا همه الأول التآمر على الإسلام والمسلمين وتشويه سمعتهم، ثم إنه كان عريفًا مؤقتًا بإحدى مدارس الدار البيضاء الابتدائية مدة طويلة وفشل في امتحان ترسيم العرفاء عدة مرات إلى أن طرد من عمله حين استغنت نيابة التعليم عن حملة الشهادة الابتدائية وهو منهم، والآن الأخ مطيع كان مفتشًا للتعليم آنذاك فقد حقد عليه لهذا السبب. وبعد طرده من عمله ظل مدة من الزمن عاطلًا إلى أن تلقفه الاتحاد الاشتراكي وأنقذ حياته الاقتصادية بتفريغه للعمل الحزبي الشيوعي.
3- من مظاهر هذا الحقد على الإسلاميين ما ملئت به صحيفة المحرر من دس رخيص ومحاولة إساءة وتشويه دنيئة فهي لم تتورع عن الكذب على قرائها عندما نشرت في أول 1396ه أن الأخ كمال اعتقل وهو يحاول الفرار من المغرب مع أن الواقع والثابت في محاضر الشرطة أنه اعتقل وهو داخل إلى المغرب وراجع من إسبانيا، ولم تجشم (المحرر) نفسها مشقة تكذيب هذا الخبر. كما أن حرص المحرر على التمويه على قرائها وإيهامهم أن التحقيق يسير بجدية جعلها تخبر قراءها -كذبًا- أن المتهم النعماني قد اعتقل في آخر سنة 1396ه، ولحد الآن ثبت أنه لم يعتقل، ولم تجشم المحرر نفسها أيضًا مشقة تكذيب الخبر، مع أنه مر على نشرها لهذين الخبرين الكاذبين قرابة ثلاثة سنوات. شخص هذا أسلوب تغطيته الصحيفة وطريقة نشره للأخبار الكاذبة وهذه عواطفه نحو الإسلاميين وهذه عقيدته نحو الإسلام لا يستسيغ منطق أو عقل أو قانون أو شرع قبوله شاهدًا ضد الإسلاميين.
ز- لم تصدر المحكمة أي قرار خاص بالمستندات المفقودة التي أثارها محامي الشيوعيين، علمًا بأن القاضي سبق أن طلبها، كما أن المدعين بالحق المدني تقدموا ببلاغ ضد مجهول سرقها، وتتضمن هذه الوثائق محضر استنطاق الأخ كمال ومرفقاته، ورغم أن حضور الأخ كمال يلغي الحاجة الملحة إلى هذه الوثائق فإنه كان من الواجب القيام باللازم من أجل معرفة مصيرها، لا سيما والعثور عليها قد يلقي أضواء على خلفيات المؤامرة على الشبيبة الإسلامية والدعوة إلى الله بالمغرب، ويبين المتآمرين على حقيقتهم، وشبهة افتقاد وثائق من الملف دون تتبع هذا الادعاء وتبيان وجه الحق فيه لن يفيد إلا الشيوعيين الذين دأبوا على التدجيل والكذب والبهتان والتأويل الشيطاني في صحيفتهم. «المحرر»
وفي آخر هذه العجالة لا يفوتنا أن نخاطب في أعضاء المحكمة وازعهم الديني وضميرهم القضائي وأن نهيب بهم ألا يسقطوا في شباك الابتزاز الشيوعي المقيت، كما نهيب بهم أن يقنعونا ويقنعوا الرأي العام الإسلامي بأن هذه القضية ينظر فيها نظرًا سليمًا وعادلًا وغير متحيز للشيوعيين.