العنوان ملف أفغانستان.. القضية واحدة بين أفغانستان وفلسطين
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 31-مايو-1983
مشاهدات 17
نشر في العدد 623
نشر في الصفحة 36
الثلاثاء 31-مايو-1983
• المجاهدون الأفغان يقولون: وطننا الإسلامي واحد، ومعركتنا واحدة في فلسطين وأفغانستان.
• هل يعيد الفلسطينيون صفوفهم على أساس الجهاد الإسلامي، كما يفعل الأفغان؟
يخطئ الذين يعتقدون أن قضية أفغانستان منعزلة عن فلسطين، باعتبار الأفغان ليسوا عربًا، وباعتبار الروس يزايدون على العرب، ويصل الخطأ إلى ذروته حين يصل الأمر عند بعض المنتمين إلى هذه الأمة، حين ينفضون أيديهم جملة وتفصيلًا من القضيتين معًا، انطلاقًا من انتماءات إقليمية محلية.
ولعل هذه الاتجاهات إنما هي نتاج تخطيط مدروس لأعداء الإسلام، وتنفيذ مرحلي متشعب الأطراف، استطاع أن يمزق هذه الأمة في وجدانها وعقيدتها الإسلامية بإحلال عقائد وضعية ضالة مضللة أفرزت دويلات هزيلة عاجزة تابعة تطلب النصرة والعون من أعداء الله، وهي بذلك تظن أنها تحقق الطمأنينة والتقدم والرخاء.
وإذا كانت فلسطين لا تتحرر إلا بالمسلمين، وإذا كان المسلمون لا عزة لهم إلا بزوال إسرائيل، فقد أدرك هذه الحقيقة أعداء الإسلام، فبذلوا كل جهودهم لعزل قضية فلسطين عن مجالها الإسلامي، وعزل المسلمين عن قضيتهم في فلسطين، ومن نتيجة هذا العزل المزدوج ضاعت فلسطين، وذل المسلمون، وستظل فلسطين ضائعة، وسيظل المسلمون أذلاء مادام هذا العزل قائمًا، ومن يستقرئ الأحداث يجد مصداقًا لقولنا هذا. «ولقد مَنَّ الله على إخواننا المجاهدين في أفغانستان بنفاذ البصيرة بعد أن هداهم إلى الصراط المستقيم، فانطلقوا باسم الله مجاهدين في سبيله؛ من أجل تحرير بلادهم من الاستعمار الروسي الشرس، ولم يفصلوا قضية الجهاد في أفغانستان عن قضية جهاد المسلمين المستضعفين في كل مكان وخاصة في فلسطين».
يقول أحد قادة المجاهدين في أفغانستان مجيبًا عن سؤال عن العامل المشترك بين قضية أفغانستان والقضية الفلسطينية، العامل المشترك هو أن عدو الإسلام أينما كان عدو واحد، الكفر ملة واحدة، فنحن لا نجزئ قضايانا، فآمالنا وآلامنا واحدة، المسجد الأقصى هو مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو من الأجزاء التي نحبها ويحبها العالم الإسلامي كله.. الأرض الإسلامية أينما كانت ترتبط بالمسلمين كلهم، فنحن لا نفرق بين فلسطين وأفغانستان، فوطننا الإسلامي وطننا أينما كان لاسيما بالنسبة لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، نحن نحسب أنفسنا جنود معركة الإسلام، سواء كانت في فلسطين أو في أفغانستان، فأرجو من إخواننا الفلسطينيين أن يشعروا بنفس الشعور بأنهم ليسوا وحيدين في الميدان، وأن قضيتهم ليست قضية فلسطينية أو قضية عربية، بل قضية إسلامية، واليهود أعداؤنا وأعداء المسلمين، والشيوعيون أعداؤنا وأعداء الفلسطينيين، فعدونا مشترك، وآمالنا واحدة، فتآمر اليهود على فلسطين، مثل تآمر الشيوعيين على أفغانستان، الهدف الأساسي هو الذي يقول عنه القرآن الكريم: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾ (البقرة: 217)، هذا هو هدف الكفر أينما كان.
هذا هو المفهوم الإسلامي للمجاهد الأفغاني، فقضية فلسطين قضيته، وهكذا يجب أن يكون مفهوم المجاهد الفلسطيني، فقضية أفغانستان قضيته، ولا يغرنه التأييد المزعوم من الاتحاد السوفيتي، مثلما لم يغتر المجاهد الأفغاني بالتأييد المزعوم من الولايات المتحدة، فلا الاتحاد السوفيتي يريد لفلسطين أن تتحرر من اليهود، ولا الولايات المتحدة تريد لأفغانستان أن تحكم بالإسلام، وإنما هو تأييد -إن صح- لتحقيق مآرب الدولتين الكبريين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصل إلى مستوى طموحات شعب فلسطين في تحرير فلسطين، ولا إلى طموحات شعب أفغانستان في طرد الروس، وإقامة حكم الإسلام، وكل من الهدفين تحرير فلسطين، وتطبيق الإسلام، يؤدي إلى الآخر، ويمهد إليه، وفي هذا الخطر كل الخطر على مصالح الدولتين الكبريين، بل على وجودهما المادي العلماني الملحد.
ولذلك، فكلما اقترب الأفغان من تحقيق أهدافهم سارعت أميركا في محاولة لقطف الثمر عن طريق حل وسط يخرج الروس من أفغانستان ويبعد الإسلام عن الحكم، وهي في قرارة نفسها تقول: حكم شيوعي، ولا حكم إسلامي، والاتحاد السوفييتي، الذي يطمع في ضم أفغانستان، كما ضم من قبل بخاری وسمرقند يتصور أن تعيين شيوعي عميل على سدة الحكم في أفغانستان، يمكن أن يحقق له هذه الغاية، ولعله لم يدرس التاريخ، ولم يتعظ بالهزيمة المرة التي لقيتها بريطانيا على أيدي الشعب المسلم في أفغانستان، أما الآن فهو يحاول أن يخرج من الورطة دون أن يقال عنه إنه هزم.
لقد ظن قادة الكرملين أن أفغانستان أسهل بكثير من المجر وتشيكوسلوفاكيا، وها هم يحصدون ثمار الوهم العلماني المادي الماركسي اللينيني، الذي لا يعرف الإيمان وتأثيره في النفوس، ولا يعرف أن الله ينصر عباده الذين آمنوا، ويمدهم بالملائكة يقاتلون معهم.
لقد تنبه المجاهدون الأفغان إلى ألاعيب أميركا، فوحدوا صفوفهم، وكشفوا ونبذوا كل عميل مندس صنعته أميركا ولمعته، ولم يساوموا على المبادئ ولم يطلبوا النصر من غير الله، ولذلك سخر الله لهم الطيور تنبئهم بوقوع الغارات قبل وقوعها، وسلط على أعدائهم العقارب تلدغهم، فتقتلهم وتجليهم وقذف في قلوب أعدائهم الرعب، وأمدهم بجند لا نراهم، وذلك تحقيقًا لوعد الله.
وهم قد بدأوا متفرقين، وأصبحوا الآن متحدين، وكان بينهم المنافقون، فتخلصوا بعون الله منهم، واعتمدوا على الله فأعزهم الله، ووثقوا أن الله لا بد مانحهم النصر أو الشهادة، وكلاهما الفوز العظيم في الدنيا والآخرة.
وإخواننا كانوا في فلسطين قد بدأوا حركة واحدة هي «فتح» بمجموعة مؤمنة في مجملها خرجت من مدرسة الشهيد حسن البنا -رحمه الله- ولكن سرعان ما تحرك المفسدون في الأرض؛ ليصنعوا منظمات عدة، ثم ليدسوا أتباعهم أدعياء الثورة أعداء الإسلام وأعداء فلسطين، ولم يتنبه الفلسطينيون المخلصون أو لم يستطيعوا دفع البلاء، فوجدوا أنفسهم يتجهون بسفينة الثورة الفلسطينية إلى بحور من المؤامرات للإجهاز على هذه الثورة من خارجها أحيانًا، ومن داخلها أحيانًا أخرى باسم فلسطين وتحرير فلسطين.
إن غاية الأعداء واحدة أينما كانوا، وهي القضاء على المقاومة بنزع البندقية من أيدي أبنائها سواء عن طريق الإبادة الجماعية، أو الجري وراء الحلول الاستسلامية، فهل وعى القائمون بأمر الثورة الفلسطينية هذه الحقائق؟ وهل آن الأوان ليكون الإسلام هو العقيدة وهو المنهج ليكون الخلاص لفلسطين من اليهود والمسلمين من المذلة والهوان؟!
رقم حساب المجاهدين
وللمجاهدين الأفغان حساب في بيت التمويل الكويتي تحت رقم (۱۹۲۰) نرجو من جميع المسلمين في العالم التنبه إلى التزامهم نحو إخوانهم الأفغان المجاهدين، الذين لا يجدون إلا ما يمن به الله عليهم من تأييد إخوانهم لهم.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل