العنوان من أعلام الحركة الإسلامية المعاصرة .
الكاتب المستشار عبدالله العقيل
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أبريل-1993
مشاهدات 20
نشر في العدد 1047
نشر في الصفحة 39
الثلاثاء 27-أبريل-1993
- الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي
دولة الدكتور محمد ناصر علم من أعلام الإسلام المعاصرين، ومجاهد من مجاهديه خاض المعارك الشرسة مع الخصوم في كل صعيد بما فيه حمل السلاح للتصدي للأعداء المستعمرين وكان من رجال السياسة المحنكين، اقتعد المناصب العليا في بلاده أندونيسيا حيث كان رئيس الوزراء فيها فترة من الزمن بذل قصارى جهده ليأخذ الإسلام مكانه كنظام حكم لإندونيسيا كلها، وقاوم من أجل ذلك كل المتصدين للإسلام من دعاة العلمانية والشيوعيين وعملاء الشرق والغرب على حد سواء.
ولقد كانت لكلمته الرائعة في البرلمان الإندونيسي التي كانت بعنوان «اختارو إحدى الطريقين الإسلام أو اللادينية» أبلغ الأثر في نفوس النواب وجماهير الشعب الإندونيسي المسلم.
لقد خاض الدكتور محمد ناصر الميدان السياسي فكان المحنك الداهية، واشترك في المعارك فكان القائد الشجاع، وناظر الخصوم بالكلمة المسموعة والمقروءة فكان الفارس المجلى في ميدان العلم والدعوة.
أحبه كل من عرفه وتعلق به كل من عمل معه لأدبه الفاضل، وتواضعه الجم وبساطته وحسن معشره، وكان الاهتمام بقضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان هو الشغل الشاغل له بالليل والنهار، وبالسفر والترحال حيث جاب العالم العربي والإسلامي مدافعًا عن مبادئ الإسلام، معالجًا لمشكلات المسلمين مشاركًا في كل مؤتمر أو ندوة أو عمل فيه مصلحة للإسلام والمسلمين، وفي أول زيارة لي إلى إندونيسيا في مارس 1965م لحضور المؤتمر الإسلامي في باندونج حرصت على مقابلته، ولكن فوجئت بأنه في السجن مع قادة المجاهدين من «ماشومي» حيث غدر بهم سوكارنو الذي باع نفسه للشيوعيين وصاروا يحكمون البلاد من خلاله ويحاربون الإسلام ودعاته، ثم زرت إندونيسيا بعد ذلك أربع مرات التقيت بها جميعًا بالدكتور محمد ناصر رئيس المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية (ديوان الدعوة الإسلامية) بعموم إندونيسيا حيث استفدت الكثير من علمه وخبرته وتجاربه.
ودولة الدكتور ناصر كان مهتمًا غاية الاهتمام بقضية فلسطين فقد قام برحلات مع بعض الدعاة العرب لمقابلة المسئولين من قادة الدول لاستنهاض هممهم للدفاع عن فلسطين، وذلك في أعقاب نكبة سنة 1967م.
كما كان يولي أمر الدعوة الإسلامية في إندونيسيا جل اهتمامه ويواصل العمل في الليل والنهار ويجول مختلف المناطق وفق خطط مبرمجة ومناهج مدروسة ودعاة من إخوانه وتلامذته يعرفون واجبهم ويدركون مسئوليتهم ويبذلون قصارى جهدهم.
وقد كان التبشير النصراني على أشده وبخاصة بعد سقوط سوكارنو في أكتوبر سنة 1965م حيث ضاعفوا جهودهم وأخذوا يقيمون الكنائس وينشرون الإنجيل وينشئون المدارس التنصيرية بل أقاموا المطارات والموانئ لأغراض التنصير حيث كانوا يطمعون إلى تنصير إندونيسيا كلها خلال سنة 2000 للميلاد.
ورغم التسهيلات التي يجدها النصارى من أعوانهم في الداخل والأموال الضخمة التي ينفقونها والإمكانات المتوفرة لديهم، فإن جهود الدكتور محمد ناصر وإخوانه وتلامذته كانت تقف عقبة أمام نشاط هؤلاء المبشرين وتحبط الكثير من مخططاتهم ومؤامرتهم الخبيثة؛ لأن الإخلاص في العمل والنية الصادقة والأخذ بالأسباب وفق مقتضيات الشرع كانت المفتاح لأعمال الخير التي أخذت تتسع دائرتها في جميع أنحاء إندونيسيا، وأقبل الشعب الإندونيسي على الدعاة المسلمين ليعلموه حقيقة الدين ويعرفوه دوره في الحياة ورسالته في نشر دعوة الإسلام والالتزام بتعاليمه، فانتشرت الصحوة الإسلامية في أوساط الطلاب الجامعيين والثانويين وسائر طبقات المثقفين، وقامت المؤسسات الطلابية والشبابية بدورها في حمل رسالة الإسلام ونشر دعوته بين الناس والذود عن حياضه والتصدي لأعدائه.
وكان للدكتور محمد ناصر الدور الكبير في توجيه هذه المؤسسات الشبابية للعمل بحكمة وبصيرة ووعي وإدراك لتنهض بمسئوليتها على ضوء الكتاب والسنة وما أجمع عليه سلف الأمة الذين أخذوا الإسلام كنظام وتشريع وعقيدة وتوحيد وعلم وعمل وجهاد ودعوة وجيش وفكرة وعبادة صادقة لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي له ملك السموات والأرض.
ولا يتسع المجال ولا تكفي الصفحات للحديث عن هذا العالم الجهبذ والمجاهد الصابر والداعية الحكيم الذي طبقت شهرته الآفاق وعرفه القاصي والداني من رجال الفكر والدعوة والسياسة والجهاد. وكانت له دراساته الدعوية وبحوثه الفكرية التي نشر بعضها باللغة العربية مثل «فقه الدعوة» و«اختاروا إحدى السبيلين» وغيرهما.
كما كانت له محاضراته وبحوثه ومقالاته باللغة الإندونيسية وهي أكثر من أن تحصر، فضلًا عن اضطلاعه بمسئولية المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة الإسلامية الذي استطاع أن يجمع كل المسلمين على المنهج الواضح الأصيل وأن يرسم خطط العمل الدعوي المبني على الدراسات الميدانية التي من خلالها تصاغ البرامج ويربى الدعاة على الأسلوب الأمثل لنشر الإسلام وتفنيد دعاوى خصومه وإزالة الشبهات والعقبات التي يثيرها أعداء الإسلام.
هذا بالإضافة إلى عضويته في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي والمجلس الأعلى العالمي للمساجد بمكة المكرمة ومؤتمر العالم الإسلامي بباكستان.
رحم الله القائد المجاهد والعالم العامل والداعية الموفق، وعوض الله المسلمين من ينهض بدوره ويؤدي مهمته من إخوانه وتلامذته في إندونيسيا المسلمة، والله الموفق لكل خير.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل