العنوان من الحياة.. 1756
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر السبت 16-يونيو-2007
مشاهدات 13
نشر في العدد 1756
نشر في الصفحة 56
السبت 16-يونيو-2007
كيف نستثمر العطلة الصيفية تربويًّا؟ «2 من ٢»
د. سمير يونس
أشرت في المقال الماضي إلى طبيعة الإنسان التي فطره الله عليها، ورأينا أن الإنسان بطبعه لا يستطيع الثبات على حال واحدة، ومن ثم فهو في حاجة إلى الترفيه والراحة بعد الجد والتعب، كما ورد في هدي الحبيب ﷺ: «ساعة وساعة»، وعرضت لحكمة الشارع وسماحة ديننا القيم التي راعت إشباع حاجات الإنسان، حتى يعيش مستقرًّا سعيدًا، وهو مع ذلك -وبرغم أنه يشبع حاجاته، ويلبي رغباته- إذا نوى بذلك طاعة الله وتجديد نشاطه للعمل والعبادة.. فإنه يكون قد استمتع وحصد الأجر والمثوبة من ربه الكريم.
بيد أن واحة الصيف ملأى بثمارها التربوية العظيمة؛ حيث يستطيع الآباء والأمهات والمربون أن يستثمروا عطلة الصيف في تحقيق أهداف تربوية ثمينة ومفيدة، ومن ثم فالسؤال الذي يعرض نفسه الآن هو:
كيف نستثمر العطلة الصيفية تربويًّا؟
لا أزعم في مقال كهذا سأضع برنامجًا صيفيًّا كاملًا، فمساحة المقال لا تتسع لذلك. لذا فحسبني أنه أضع ملامح هذا البرنامج في صورة إرشادات وتوجيهات عملية، وعسى أن تحقق الاستفادة التربوية وجني الثمار التربوية للأنشطة الصيفية، سائلًا المولى عز وجل التوفيق والسداد والرشد والصواب، وفيما يلي تلك التوجيهات: أولًا: إشراك أفراد الأسرة في قرار السفر أو البقاء حسب إمكانات الأسرة، وليكن شعارك: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (الفرقان: 67).
ثانيًا: إذا كان قراركم البقاء في بلدكم فيرجى مراعاة الآتي:
1- أن تضع خطة عملية محددة الأهداف لك ولأولادك، توازن فيها بين حقوق الروح وحقوق الجسد، فتشتمل على الرياضة والتنزه واللعب والمشاركة في الأنشطة الثقافية والرياضية والفنية وغيرها بالنوادي الملتزمة التي تمتلك السمعة الطيبة، والبرنامج التربوي، وتتصف بالصدق والأمانة.
2- ألا تصرفك هذه الأنشطة عن العبادة والطاعات وذكر الله تعالى.
3- أن تشرك زوجتك وأولادك في وضع هذه الخطة، مستثمرين أماكن السياحة في بلدكم. ومن فضل الله تعالى أن مثل هذه الأماكن لم يحرم الله منها بلدًا.
4- مساعدة الأبناء لأبيهم في عمله إذا أتيح ذلك، ومساعدة البنت لأمها في أعمال البيت، وهي فرصة لإعدادها أمًّا للمستقبل، وتدريبها على أعمال البيت.
5- تحديد وقت للترفيه المنزلي، کمشاهدة التلفاز، أو استخدام الإنترنت، أو ممارسة بعض الألعاب الرياضية في المنزل، واحرص على أن تشارك زوجتك وأولادك فيها.
6- أن تتضمن الخطة قراءة بعض الكتب المفيدة أو التي يميل إليها أفراد الأسرة كل حسب ميوله القرائية، أو القصص المشوقة، على أن تخصص فقرة في لقاء الأسرة، ليعرض فيها كل فرد معلومة مثيرة وجدها، أو طرفة لطيفة، أو أشعارًا متميزةً، أو معلومات قيمةً... إلخ.
7 أحرصوا على أن تضمّنوا خطتكم صلة أرحامكم بالتقارب والتهادي، والتزاور والاجتماع في التنزه وعلى الطعام، فلذلك أثره في زيادة الحب والمودة ويجلب الثواب العظيم.
8- تبصير الزوجة والأولاد بأن الصيف -بما فيه من أوقات الترفيه- إنما هو جزء من العمر والحياة، وأن الله تعالى هو الذي وهبنا هذه الحياة، وأرشدنا إلى حُسن استثمارها حتى في أوقات الترفيه، فينبغي أن تكون له سبحانه، أي نعيشها كما يريد سبحانه وليس كما يريده هوانا وتمليه علينا شهواتنا، قال سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾(الأنعام: 162).
فمن لطف الله بنا أن أباح لنا الاستمتاع والترفيه والكيِّس من جمع بين الترويح عن النفس وتحصيل الأجر والثواب، وذلك يقتضي إحسان النية، فهناك فرق بين شخص يلعب؛ لأنه يريد أن يلعب وآخر يلعب بنية طاعة الله وتجديد نشاطه والترويع عن نفسه، ليعود حيويًّا نشيطًا لطاعة الله وعبادته وللعمل، فالأول لا له ولا عليه، أما الثاني فقد تمتع باللعب، وكتب له الأجر والثواب، مع أن كليهما لعب نفس اللعب، والفارق هنا هو النية، فيا لعظمة هذا الدين الجميل!!
9- استثمار العطلة الصيفية في تقرب رب الأسرة من زوجته وأولاده، تقول إحدى الطالبات في الصف الأول الثانوي: «طوال الأعوام الفائتة كنت لا أعرف أبي عن قرب بشكل كبير، كان بالنسبة لغارب الأسرة، يدخل في أوقات معينة، ويقوم بأعمال روتينية واعتيادية كل يوم تقريبًا، إلا أنني عرفته لأول مرة أكثر وبصورة أقرب وأضوح خلال رحلة عائلية لنا، زرنا فيه إحدى المدن.. حيث كنا نقضي معظم أوقات اليوم في جو عائلي يجمعنا كلنا، فعرفت خصالًا عظيمة كثيرة لم أكن لأشاهدها قبل ذلك.
ثالثًا: إذا قررتم السفر:
فبالإضافة إلى النقاط العشرة السابقة يرجى مراعاة ما يلي:
1- على ولي الأمر أن يشرك أفراد أسرته في وضع الخطة، وذلك بتحديد أهدافها وتحديد الزمن المناسب، والمكان الملائم، وأنشطة الرحلة، فذلك يدربهم على إبداء الرأي، وقبول الرأي الآخر، كما يحمسهم لبرنامج الرحلة، وينمي لديهم مهارات التخطيط، ويقوي فيهم روح التعاون ومهارات العمل في فريق.
2- تكليف كل فرد في الأسرة بمهام محددة، على رأسها تجهيز أدواته وملابسه الشخصية، وما يحتاج إليه الأسرة في سفرها، وفي ذلك دربة على تحمل المسؤولية والتبعات وتنمية الإيجابية.
3- ليحرص الأب على القرب من زوجته وأولاده في الرحلة، فكثير من الآباء منشغلون طوال العام، وتلك فرصة ثمينة ليراك أولادك في المطبخ مثلًا، تجهز الطعام أو تشارك في إعداده، فيعرفون جانبًا جديدًا من شخصيتك التي ربما ظهرت لهم قبل ذلك صارمة وروتينية، وهنالك سيزدادون لك حبًّا، ويتأثرون بتوجيهاتك، فيستجيبون لها.. العب معهم، احتضنهم كثيرًا، حاورهم، اجعل نفسك صديقًا لهم. شاركتهم في تلاوة الورد القرآني والمراجعة والطاعة والعبادات واللعب، وشاركهم اهتماماتهم، وكن تربويًّا حكيمًا لطيفًا رفيقًا.. جرب وسترى أنك أكثر تأثيرًا فيهم.
4- أحرص على تنمية ذاتك في فن إدارة الأسرة، بالاطلاع والتدرب والممارسة.
5- احرص على لفت أنظارهم إلى جمال صنع الخالق في الطبيعة. فإذا كنت تستمتع بحياة البحر معهم فاسألهم -وهم في غمرة الاستمتاع بتلك النعمة- قل: «سبحان الله!!! من ذا الذي سخر لنا هذا البحر العظيم وتلك المياه الرطبة المنعشة؟!! سيقولون الله. هكذا أصنع مع السماء والنجوم والقمر.. مع الورود والبنات والشجر.. مع الجبال الشامخات الراسيات.. أسألهم من ذ الذي سخر لنا كل هذه النعم؟ سيقولون الله، فتكون بذلك قد ربيتهم على التأمل والتفكر وشكر الخالق على جمال خلقه، والمنعم على عظيم نعمه».
6- احرص على إشراك جميع أفراد الأسرة في تقويم الرحلة بعد انتهائها، وذلك في ضوء الأهداف المحددة سلفًا عند وضع الخطة، فذلك يدرب أفراد الأسرة على المحاسبة، والنقد الذاتي، وتطوير الذات، وتصحيح المفاهيم.
وأين البشر من هذه؟!
على غير العادة، ومع شعور بوحشة الوحدة أثناء خروج الأولاد من المنزل صعدت فوق البيت للفسحة، ثم أردت التسلية فألقيت بعض الأطعمة للطيور فاجتمعت عليها من كل حدب، متصارعة متنافسة متقاتلة، كل يحاول أن يظفر بنصيبه، ولفت نظري أن واحدة من الأوز امتنعت «تسامت» عن الحضور؛ لأنها كانت منشغلة باحتضان بيضها فأخذتني الشفقة عليها، فألقيت على مقربة منها بعض الأطعمة، فمدت رقبتها والتقطت القريب منها، ولم تنشغل بالقيام إلى ما عجز فمها عن الوصول إليه، فقلت: سبحان الله!!! كيف تعالت نفس هذه، ولم تنشغل عن وظيفتها بأي شيء حتى ولو كان الطعام والشراب؟!
ودفعني ذلك إلى سؤال آخر: أين هذه من النساء اللائي وصل بهن الأمر إلى درجة قتل أولادهن من أجل شهوة جنسية! وأين هذه من الذين يضحون بكل مبادئهم وقيهم من أجل المال! وأين هذه من الذين إذا مسهم الجوع أسرعوا للبحث عما يغنيهم بأي وسيلة من الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وقد ينجرون إلى الكفر بالله بدعوى البحث عن لقمة العيش!!
ألا يوجد من البشر من يترفع عن الصغائر مهما بلغ به الجوع ما بلغ! ألا يوجد من البشر من يقتدي بهذه في الصبر على الجوع من أجل الغايات الأسمى! ألا يوجد من البشر من يعظم عمله كتلك، ولا ينشغل عنه بأي عارض من عوارض الدنيا! ألا يوجد من البشر من يصبر صبر هذه حتى يؤدي المهمة المكلف بها من الله سبحانه وتعالى!
د. أحمد عبد الحميد
نقلًا عن موقع «أسرتي»
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلفي الكويت: ۱۷ مركزًا.. أنهوا دورة تحفيظ القرآن و ١٤٠٠ دارس احتفلوا بنهاية الدورة..
نشر في العدد 75
24
الثلاثاء 31-أغسطس-1971
عودة المدرسين هل هم بحاجة إلى توجيه أكثر ممن يقع تحت أيديهم من الأبناء..؟
نشر في العدد 218
13
الثلاثاء 17-سبتمبر-1974
مراكز تحفيظ القرآن الكريم لجمعية الإصلاح الاجتماعي تعلن عن افتتاح مراكز تحفيظ جديدة
نشر في العدد 306
10
الثلاثاء 22-يونيو-1976