العنوان من هَدي النُبوة
الكاتب الأستاذ سيد قطب
تاريخ النشر الثلاثاء 30-مارس-1971
مشاهدات 15
نشر في العدد 53
نشر في الصفحة 7

الثلاثاء 30-مارس-1971
لقلبك وعقلك
من هَدي النُبوة
قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (المنافقون: 1).
هذه آيات من سورة «المنافقون» تبدأ بوصف طريقتهم في مداراة ما في قلوبهم من الكفر، وإعلانهم الإسلام والشهادة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو رسول الله.
وحلفهم كذبًا ليصدقهم المسلمون، واتخاذهم هذه الأيمان وقاية وجنة يخفون وراءها حقيقة أمرهم ويخدعون المسلمين فيهم.
فهم كانوا يجيئون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيشهدون بين يديه برسالته باللسان لا يقصدون بها وجه الحق إنما يقولونها للتقية، وليخفوا أمرهم وحقيقتهم على المسلمين، فهم كاذبون في أنهم جاءوا ليشهدوا هذه الشهادة، فقد جاءوا ليخدعوا المسلمين بها، ويداروا أنفسهم بقولها، ومن ثم يكذبهم الله في شهادتهم بعد التحفظ الذي يثبت حقيقة الرسالة ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ﴾(المنافقون: 1).
والتعبير من الدقة والاحتياط بصورة تثير الانتباه. فهو يبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين. ولولا هذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم وهو الرسالة، وليس هذا هو المقصود. إنما المقصود تكذيب إقرارهم فهم لا يقرون الرسالة حقًا ولا يشهدون بها خالصي الضمير! ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً﴾ (المنافقون: 1). وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم أو عُرِف عنهم کید أو تدبير، أو نُقِلت عنهم مقالة سوء في المسلمين.
كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتّب على افتضاح أمر من أمورهم، فيجعلون إيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغوائهم للمخدوعين فيهم فصدوا عن سبيل الله» صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة. ﴿إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (المجادلة: 15).
وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل؟!
سيد قطب.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

