العنوان الافتتاحية- من يوقف هدم الأخلاق في الخليج؟؟
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 24-أغسطس-1993
مشاهدات 10
نشر في العدد 1063
نشر في الصفحة 6
الثلاثاء 24-أغسطس-1993
من أسوأ الظواهر التي شهدتها منطقة الخليج العربي في حقبة الثورة النفطية: الميل لدى بعض حكوماتها للتساهل أمام الغزو الثقافي التغريبي بتداعياته الفكرية والأخلاقية.
فبدلًا من المجتمعات الصغيرة المحافظة التي عاشت على الساحل الغربي للخليج، نشأت في حقبة النفط مدن وموانئ بحرية على الطريقة الغربية واجتذبت إليها غالبية السكان الوافدين وخصوصًا الغرب والآسيويين، وتغيرت أنماطها الاجتماعية والأخلاقية باتجاه التساهل أمام الضوابط الدينية والقيم والتقاليد، وإن كان غالبية سكان المنطقة لا يزالون متمسكين في بيوتهم وحياتهم بهذه الضوابط والقيم، ويستطيع أي زائر لبعض موانئ الخليج أن يلاحظ مظاهر التحلل الأخلاقي والمنتديات الفاسدة في الفنادق والنوادي السياحية وغيرها، كما سيلاحظ انفتاح وسائل الإعلام المرئية والمقروءة في تعاليم قضايا الجنس وأنماط العلاقات المستوردة من الغرب، كما لن يفوته أن يصفه بالتساهل الكبير الذي تمارسه بعض السلطات والمسؤولين في الخليج أمام انتشار وبيع الخمور وتكاثر المواد المشبوهة التي يُتاجر فيها بالربا والانحراف، ويتكاثر إليها الشبان والفتيات دون ضابط أو رادع.
وإذا كانت بؤر الفساد في بعض موانئ الخليج ومدنه ليست حدثًا جديدًا، فإنها بلاشك اتخذت من أحداث الغزو العراقي للكويت منعطفًا نحو التصاعد والمبالغة في الظهور للمجتمعات والانفتاح على الجمهور، رغم أن أحداث الغزو كان يفترض أن تكون بداية للالتفات إلى الضعف الذاتي ومعالجة مواضع الخلل والانحلال في الجسد الخليجي.
وأنه مما يندى له الجبين أن بعض المسؤولين في دول خليجية باتوا يتعاملون مع انتشار الفساد ومظاهر التغريب في مدنهم وموانئهم كمؤشر على الانتعاش الاقتصادي والنجاح في جلب السياح والزائرين، مما دفع هؤلاء المسؤولين لتشجيع الانفلات الأخلاقي والتحلل الاجتماعي في فنادق ومنتديات تلك الدول، وتناسى هؤلاء هوية مجتمعاتهم والأرض التي تؤويهم، وقيم وآداب الإسلام الذي يتسمون بأسمائه، والعروبة التي يتزينون بملابسها.
لقد اختار البعض وللأسف أن يستبدل الانتعاش الاقتصادي الزائل بالتقاليد والأعراف والقيم الباقية، وزينت البطانة الأجنبية الوافدة من المستشارين والسماسرة لبعض المسؤولين الخليجيين تحويل مدنهم إلى ما يشبه بانكوك ومانيلا وباقي بؤر الانحلال الآسيوية، لأجل مكاسب مالية قليلة ومظاهر زائفة من النجاح التجاري.
إننا نخاطب المسؤولين الغيورين عن دين وقيم أهل الخليج أن يتدخلوا بقوة لردع هذا التوجه التجاري الرخيص، قبل أن ينجح في مسخ هوية خليجنا العربي ومجتمعاته وتحويله إلى ما يشبه مواخير الفساد الآسيوية.
وندعو بشكل خاص الحكومات الخليجية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في أن تمارس مسؤوليتها في مواجهة وكبح مظاهر التغريب والاستهتار بالدين والأخلاق في بعض أقطار ومدن الخليج، فليس فتح بلادنا وسواحلنا للمفسدين والفاسدات شأنًا داخليًّا يمتنع فيه مسؤول أو حاكم عن قبول النصح والتوجيه من أشقائه في الخليج، وإنما هي مسئولية
الجميع مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم».
وعلى الله قصد السبيل.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل