; مواقف ذات عبرة - نظرة الوداع | مجلة المجتمع

العنوان مواقف ذات عبرة - نظرة الوداع

الكاتب د. عمر سليمان الأشقر

تاريخ النشر الثلاثاء 12-مارس-1974

مشاهدات 22

نشر في العدد 191

نشر في الصفحة 18

الثلاثاء 12-مارس-1974

مواقف ذات عبر

«نظرة الوداع»

(9)

يكتبها: الأستاذ عمر سليمان الأشقر

الوجوه تعلوها كآبة، والنفوس يملؤها الحزن؛ فالحبيب أقعده المرض، الحبيب الذي هو أحب إليهم من أنفسهم وأموالهم وأبنائهم وعشيرتهم، كيف لا وهو رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي ألزمهم الله طاعته ومحبته، وجعل ذلك هو الطريق إلى الجنة؛ لذلك كانت مفاجأة كبيرة لهم أن يروا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في يوم الإثنين يكشف ستر حجرة عائشة حيث كان يقيم في مرض موته، فينظر إليهم وهم صفوف في الصلاة، ثم تبسم يضحك، وكان وجهه مشرقًا منيرًا، كورقة مصحف، يقول راوي الحديث:«ما نظرنا منظرًا كان أعجب إلينا من وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حين وضح لنا»، بل إن رؤية الرسول الحبيب كادت تفتن أصحابه المحبين فيتركون الصلاة، وظنوا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- شفي من مرضه، وأنه سيخرج إليهم؛ ليؤمهم في الصلاة ويعود إليهم يعلمهم ويرشدهم ويرعاهم ، ولذلك أراد أبو بكر أن يرجع؛ ليكون في صف المأمومين ظانًا أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- سيخرج؛ كي يؤمهم، لكن الرسول- صلى الله عليه وسلم-: أشار إليه أن يستمر في صلاته ثم دخل الحجرة وأرخى الستر وتوفي من يومه ذاك.

لقد كانت تلك نظرة الوداع يلقيها الرسول- صلى الله عليه وسلم- على أحبابه وأتباعه الذين تربوا على يديه، وسره ما رأی فقد رآهم صفوفا منتظمة، يعبدون ربًا واحدًا، ويتجهون إلى قبلة واحدة، خلف إمام واحد، لقد بارك الله في جهده وعمله فأينع وأثمر، فالآن يذهب إلى ربه راضيًا سعيدًا، فقد بلغ الأمانة وأدى الرسالة. نعم، لقد بارك الله في جهده ودعوته؛ فأخرجت رجالا، لا كالرجال وقادة لا كالقادة، وعلماء لا كالعلماء، وصدقوا قول الله فيهم:﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ( آل عمران:110) .

وكمْ يسعد المرء في آخر لحظات العمر، أن ينظر وراءه نظرة سريعة فيرى حياته مباركة، مليئة بالأعمال الخيرة، حافلة بالصالحات، ويرى رجالًا تربوا على يديه، فأصبحوا مشاعل هداية، ودعاة حق.

إذا أراد الدعاة أن يعرفوا مدى نجاحهم وتوفيقهم فليتصوروا أنفسهم في آخر لحظات الحياة وليتأملوا كيف يكون حالهم؟ أيكونون سعداء عند ذاك أم أشقياء؟

كثيرون هم الذين يخدعون أنفسهم في الحياة، ويظنون أنهم على جادة الصواب، ويخدعهم الناس بثنائهم عليهم إذ يوهمونهم بذلك لأنهم في الصدارة، ولكن عند لقاء الله ينكشف الغطاء، ويعلم الناس الحقيقة، ويندمون على إضاعة الحياة فيما لا يجدي. وقليل أولئك الذين يفرحون وهم ينظرون وراءهم فتطالعهم أعمالهم الخيرة، وينظرون أمامهم فيشتاقون إلى لقاء الله راغبين فيما عنده ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُون ﴾، ﴿ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (فصلت: 3-31).  

﴿نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ (فصلت:32)    

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

كيف أعود ولدي الصلاة؟!

نشر في العدد 2

53

الثلاثاء 24-مارس-1970

الوحدة وصلاة الجماعة في المدارس

نشر في العدد 4

24

الثلاثاء 07-أبريل-1970

الأسرة

نشر في العدد 3

31

الثلاثاء 31-مارس-1970