العنوان مواقف ذات عبر يكتبها - هداية المسلم (۱۱)
الكاتب د. عمر سليمان الأشقر
تاريخ النشر الثلاثاء 26-مارس-1974
مشاهدات 18
نشر في العدد 193
نشر في الصفحة 19
الثلاثاء 26-مارس-1974
مواقف ذات عبر
يكتبها: الأستاذ عمر سليمان الأشقر
هداية المسلم (۱۱)
طلب أحد الزوار الأوربيين من ناظر مدرسة عربية أن يزور مدرسًا في أحد فصول المدرسة، ولما عرض الناظر الأمر على المدرسين رغب أحدهم أن يكون هو الأستاذ المزار، وكان يدرس التربية الإسلامية، واختار المدرس درسًا عمليًّا؛ هو كيفية أداء الصلاة، ليدرك هذا الزائر الدرس ومغزاه بمجرد النظر؛ لأنه لا يفقه العربية.
وعند سؤال المدرس عن سبب قبوله لأن يكون هو الأستاذ المزار، ولم اختار هذا الموضوع بالذات؟ قال: إننا نخطئ كثيرًا عندما نعرض على أمثال هؤلاء ما عندنا من وسائل حديثة في العلوم والتاريخ والأدب والفنون وغير ذلك؛ لأن ما عندنا لا يرقى إلى المستوى الذي بلغوه في التقدم العلمي المادي، وسيبقى الرجل يظن أن ما عندهم هو خير مما عندنا، ولكننا لو فرضنا عليه إسلامنا وتعاليمه وعباداته وأخلاقه ومثله، فسیری شيئًا لا يملكونه ولا يعرفونه، شيئا لم تقع عليه ناظراه من قبل، وقد يفتح له ذلك بصيصًا من نور يقوده إلى الهدى والحق، كما حدث للكثيرين.
ويذكرني هذا بخطأ المسئولين في عالمنا العربي عندما تأتيهم الوفود الزائرة من أقطار الأرض فلا يكون همهم إلا أن يطلعوهم على ما لدينا من بنايات وصناعات ومحطات... إلخ، كأنهم يقولون لهم: نحن متقدمون، متحضرون.
ولقد نسي هؤلاء أنهم يملكون شيئًا غير هذا، شيئًا عز نظيره، كان بإمكانهم أن يفاخروا به ويبزوا به البشرية جمعاء؛ إنه الإسلام في شموله وكماله، في تشريعه ومنهجه، في صدقه وعدله، وعند ذلك نري الناس الحضارة الحقة التي تقيم النفس البشرية، وتجلب لها العزة والسعادة، وتحقق السلام في هذه الأرض، السلام الذي تنشده البشرية ولا تعرف طريقه. إننا نخطئ كثيرًا بمنهجنا هذا مع غير المسلمين عندما نفاخرهم بما هم فيه سابقون، ويكون مثلنا كمثل «ناقل التمر إلى هجر». ويحكى أن أحد حكام المشرق المسلمين سمع بكتاب «العقد الفريد» لابن عبد ربه الأندلسي، فبذل مالًا طائلًا لاستنساخه وإحضاره من تلك الديار البعيدة، ظانًّا أنه يتحدث عن أدب الأندلس، فلما وصله الكتاب طواه آسفًا كاسفًا؛ لأنه وجده يتحدث عن المشرق وأدبه، وقال: هذه بضاعتنا ردت إلينا. إنه كان يريد بضاعة أخرى، فهل ندرك ذلك فنقدم لمن يقصد بلادنا شيئًا آخر، أم نبقى نريهم ما أخذناه من بضاعتهم؟!
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلوثيقة «الدليل المنير».. وعلاقتها بانتشار الإسلام في الأندلس
نشر في العدد 2122
37
الأربعاء 01-أغسطس-2018
القيم العلمية والأخلاقية في الحضارة الإسلامية.. الدين والحياة وجهان لعملة واحدة
نشر في العدد 1811
42
السبت 19-يوليو-2008