العنوان مواقف ذات عبر -17- رسالة من الذين قتلوا في سبيل الله
الكاتب د. عمر سليمان الأشقر
تاريخ النشر الثلاثاء 07-مايو-1974
مشاهدات 41
نشر في العدد 199
نشر في الصفحة 25
الثلاثاء 07-مايو-1974
لما أصيب من قدر له الشهادة من المؤمنين يوم أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم، قالوا: ياليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد، ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله- عز وجل- : أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله- عز وجل- : ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ كانت رسالة من الأموات الذين صاروا إلى حياة أكرم من هذه الحياة، تكفل الله بإبلاغها إلى الأحياء في دنيا البشر، كي يشمروا عن سواعدهم، ويبذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله ، كي ينالوا وسام الشهادة التي نالها الذين أرسلوا الرسالة، وكي ننال أجر الشهادة في جنات الخلود، إنها رسالة عظمت بناقلها خالق السموات والأرض، وشرفت بالأمر العظيم الذي تدعو إليه؛ لأنه قوام الأمة وحياتها وسبيلها إلى الرفعة والكرامة، هـو السبيل لإحقاق الحق، وإزهاق الباطل.
وهي رسالة كريمة من نفوس حريصة على نفع الناس، فمرسلوها وصلوا جنان الخلد وهم حريصون على أن ينال إخوانهم هذا الخير الذي نالوه، فنفع الناس طبيعة في المؤمن اختلطت بلحمه ودمه، قال قتادة- رحمه الله- :« لا تلقى المؤمن إلا ناصحًا لاتلقاه غاشًا» فهذا حبيب النجار ينصح قومه في دنياه، فيكون جزاؤه منهم القتل، فيدخله الله الجنة، فعند ذلك يتمنى أن يعلم قومه بما غفر له ربه وجعله من المكرمين، حتى يكون ذلك سببًا في انقيادهم للرسل وأتباعهم لهم﴿ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ﴾