; مواكب الشهداء - العدد 21 | مجلة المجتمع

العنوان مواكب الشهداء - العدد 21

الكاتب أبو هالة

تاريخ النشر الثلاثاء 04-أغسطس-1970

مشاهدات 127

نشر في العدد 21

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 04-أغسطس-1970

·       الطريق إلى الله شاق محفوف بالمخاطر والابتلاءات، وذلك قوله تعالى ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد: 31)، وذلك أيضًا قول محمد صلى الله عليه وسلم «حفت الجنة بالمكاره، وحفت النـار بالشهوات» ومن ثم كانت سلسلة الشهداء متصلـة الحلَقات منذ بدء صراع الحق مع الباطل، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

·       وشهيدنا اليوم فرد من الرعية، من أغمار الناس، لا بالقائد المنظور أو الزعيم المرقوب، ولم يكن كذلك حامل سيف أو فارس ميدان، ولكن الله كتب له الشهادة. 

هو راع لقطعان الإبل الخاصة بالصدقات، كان موظفًا أمينًا على المال، فلم يفرط فيه، لأنه يؤمن بأنه ماله ومال إخوانه المسلمين، إنه مال الدولة المسلمة، إنه المال الميري الذي ينفق منه على ذوي الحاجات، ومن ثم كان دفاعه عنه حتى الاستشهاد.

·       القصة بكاملها يرويها مسلم عن أنس بن مالك رضي عنه: أن نفرًا من عكل «قبيلة» ثمانية، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعوه على الإسلام، فاستوخموا المدينة «أي لم يوافق هواؤها أبدانهم» وسقمت أجسامهم.

فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال راغبًا في تغيير الجو علاجًا لهم، وانطلاقًا مع هواء الصحراء فلعلهم لم يألفوا حياة الحضر: «ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها؟ فقالوا: بلى، فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها، فصحوا، فقتلوا الراعي وطردوا الإبل».

·       «سمن كلبك يأكلك»، لقد كان إيمانهم نفاقًا سرعان ما ارتدوا، حين أتيحت لهم فرصة الخروج من سلطان الدولة، أو أنهم كانوا بَعثة من الجواسيس أقاموا في المدينة باسم الإسلام ليعودوا إلى المشركين بأدق الأخبار، أو أنهم فريق من البشر المنطلق مع نزواته لا يحب قيود الدين أو التقاليد، وقد يكونون كل هذه، فماذا عساه يفعل الحاكم الرسول لاستتباب الأمن، والأخذ بحق الشهيد ودمه؟؟ وماذا عساه يفعل ليلقن الخارجين على القانون درسًا يكونون فيه عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه يومًا أن يعتدي على أي فرد في نفسه وماله؟

·       فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، فبعث في آثارهم -رجاله من الجنود والخبراء في الآثار ودروب الصحراء حتى وصلوا إليهم -فأدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم -أي فقأها -لأنهم سملوا عين الراعي الشهيد، ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا.

 هؤلاء الخارجون عن القانون الإسلامي المحاربون لله ورسوله، السارقون القتلة فيهم نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة: 33).

الرابط المختصر :