العنوان نجيب محفوظ ينال جائزة نوبل بسبب تأييده لإسرائيل!
الكاتب د. محمد علي البار
تاريخ النشر الثلاثاء 06-ديسمبر-1988
مشاهدات 26
نشر في العدد 894
نشر في الصفحة 52
الثلاثاء 06-ديسمبر-1988
- الروائي نجيب محفوظ يعاني من غبش شديد في الرؤية الإسلامية ولديه شكوك في عقيدته ودينه.
- الروائي نجيب محفوظ أكبر بكثير من هذه الجائزة التي حصل عليها من هم دونه مكانة وأدبًا وفنًا!
لا شك أن الروائي نجيب محفوظ يعتبر في مصاف الكتاب العالميين المشهورين في عالم القصة.. وهو لا يقل أبدًا روعة عن ديستوفسكي أو تولستوي أو همنجواي أو جوركي أو تشيكون.
إن قصصه الطويلة والقصيرة التي أصدرها خلال نصف قرن من الزمان تشهد بتمكنه من هذا الفن، ورفعه إلى مستويات عالية في عالمنا العربي... ورغم أن طه حسين ومحمد حسنين هيكل والمازني وتوفيق الحكيم قد سبقوه إلى عالم القصة العربية إلا أن أحدًا منهم لم يصل في روعة أدائه في فن القصة إلى ما وصل إليه نجيب محفوظ.
لماذا هذا العام؟
فليس من المستغرب إذن أن يفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل في الآداب، ولكن المستغرب فعلًا هو أنه لم يفز بها إلا هذا العام.
وهذا ما أدى ببرناردشو إلى أن يرفض هذه الجائزة العالمية لأنها وصلت إليه متأخرة جدًا.... كما أن جان بول سارتر رفضها لأنها أعطيت لمن هم دونه مكانة وفنًا.
ونجيب محفوظ ليس أقل من هذين الأديبين المشهورين.. فقد أعطيت جائزة نوبل في أوقات كثيرة لمن لا يستحقها.. ويكفي أن يفوز المجرم مناحيم بيغن بجائزة نوبل للسلام لتعرف أنها تعطى لأسباب سياسية في معظم الأوقات وأنها تحجب عمن يستحقها.
وفي عالم الأدب أعطيت جائزة نوبل لمجموعة من الأدباء في «الأعوام الأخيرة بصورة خاصة» لا يمكن أن يصلوا إلى مستوى قريب من مستوى نجيب محفوظ، نذكر منهم الإسرائيلي يوسف أجنون، واليهودي الروسي المهاجر إلى أمريكا يوسف بروسكي والكاتب الأمريكي سبيلو.
لهذا كله لا أرى ما يستحق هذا الضجيج الإعلامي الضخم من أجل جائزة نوبل!!
ونجيب محفوظ كروائي أكبر بكثير من هذه الجائزة التي يحصل عليها من هم دونه مكانة وأدبًا وفنًا.
عوامل منح الجائزة:
إذن هناك عوامل أخرى دفعت القائمين على جائزة نوبل للتفكير في إعطائها للأديب المصري الكبير ليس من بينها شهرة أدبه وروعة قصصه. وإلا لكانت الجائزة قد أعطيت له منذ نصف قرن تقريبًا عندما ظهرت له ثلاثيته الرائعة: بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وقد سبقها من قبل عشرات الروايات الناجحة والرائعة مثل زقاق المدق وخان الخليلي ورادوبيس... إلخ وتلتها روايات أعظم نجاحًا مثل اللص والكلاب وأولاد حارتنا والحرافيش.
والعوامل التي دفعت القائمين على جائزة نوبل إعطاء نجيب محفوظ جائزة الأدب هذا العام هي نفس العوامل التي دفعتهم لإعطاء جائزة السلام لمناحيم بيغن الملطخ بالدماء وجائزة الأدب للإسرائيلي يوسف أجنون واليهودي الروسي يوسف بروسكي.
الاتجاهات السياسية تلعب دورها:
أعرف أن نجيب محفوظ الكاتب العظيم في عالم القصة، له اتجاهات سياسية تدعو لتدعيم الصلات بإسرائيل وقد أدى هذا إلى مواقف مضادة للسلطة في بعض الأحيان، والرأي العام في مصر والبلاد العربية في كثير من الأوقات. وقد أدى ذلك إلى أن تصدر منظمة الثقافة والتربية والعلوم التابعة للجامعة العربية قرارًا تدعو فيه جميع العرب إلى مقاطعة مؤلفات نجيب محفوظ منذ سبع سنوات تقريبًا.
ونجيب محفوظ الروائي يعاني من غبش شديد في الرؤية الإسلامية... ولديه شكوك في عقيدته ودینه، أظهر بعضًا منها في ملحمته الرائعة من الناحية الفنية «الحرافيش».
ولقد سمعت إذاعة إسرائيل عشية حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل وهي تكيل له المدائح بأكثر مما فعلت الإذاعات العربية.... وتدعوه لتجديد زيارته وصلاته بإسرائيل التي دافع عن توثيق الروابط بها دفاعًا مستميتًا، مما أدى لوقوع بعض المشاكل والاتهامات له من جهات متعددة... وقد مدحه شمعون بيريز وكثير من المسؤولين في إسرائيل بعد حصوله على هذه الجائزة.
إن نجيب محفوظ روائي عالمي وكلاسيكي وهو في نظرنا من الناحية الفنية، أكبر من جائزة نوبل التي تعطى لهلافيت الأدب بالنسبة له، وخاصة في السنوات الأخيرة.
ولا شك أن الدوافع لإعطاء نجيب محفوظ جائزة نوبل ليست قدرته الأدبية الرائعة ومهارته المطلقة في الرواية.. بل إن الواقع لإعطائه هذه الجائزة –كما هو معتاد في هذه الجوائز– هو موقفه السياسي المؤيد لإسرائيل والمنافح عن إقامة صلات وطيدة معها.
لهذا فإن من المؤسف أن نجد هذه الضجة الكبرى من أجل هذه الجائزة في الإعلام العربي.
هل كل من يأخذ الجائزة يستحقها؟
ولو كانت هذه الجائزة تعطى لمن يستحقها دومًا لما أعطيت من قبل لمناحيم بيغن ويوسف أجنون ويوسف بروسكي... ونجيب محفوظ الروائي والقصصي أكبر في رأينا من جائزة نوبل، ومما يجعلنا نشعر بالامتعاض أنها لم تعط له تقديرًا لفنه بل تقديرًا لمواقفه السياسية!! وفي ظني أن نجيب محفوظ نفسه ينبغي أن يشعر بهذا الامتعاض لأن هذه الجائزة لم تعط له تقديرًا لفنه العظيم بل لمواقف خاصة.