; نهايَة دَولَة الشعَراء | مجلة المجتمع

العنوان نهايَة دَولَة الشعَراء

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 31-مارس-1970

مشاهدات 13

نشر في العدد 3

نشر في الصفحة 28

الثلاثاء 31-مارس-1970

نهايَة دَولَة الشعَراء

للأستاذ: أبو خالد

تنادي الناس في الجاهلية :

 متى ينقشع هذا الضلال الجاهلي ؟

 متى ترحل هذه العصبيات التي أذلت العرب، وقللت من شأنهم؟

متى يحس الإنسان الحاجة إلى الحياة الهادئة المطمئنة والعزيزة القوية؟

 متى تتحطم الحواجز بين الناس فيصبح الواحد أخا للآخر؟

 ورأى الناس في أنحاء الجزيرة كابوسا من الظلم، حتى عدوا إجابة هذه التساؤلات نوعا من المستحيل.

 وتطلعت أبصارهم إلى السماء فلا مدد إلا من الإله الخالق للسموات والأرض.

إما اللات والعزى وهبل فلم تصنع من الخير شيئا..

حياة العبيد :

 يستسيغ الأنسان أن يرى رجلا ضعيفا فقيرا تجبره الحاجة أن يقف موقفا ذليلا، ولكن غير المستساغ أن يقف من ينصبه الناس قائدا وحكما هذا الموقف ويدافع عن عبوديته وذلته..

 وظهرت هذه النوعية من الحياة في حياة حكم الشعراء في عكاظ تحت القبة التي كانت تضرب له في السوق ليحكم على أمثال امرئ القيس وغيره ذلك هو النابغة الذبياني.

 يرحل صوب الحيرة فيمدح ويزيد في المدح ، وتحدث فتنة بينه وبين النعمان فيفر و يهرب إلى الغساسنة بالشام ، و يحن من جديد إلى صحاف الذهب و الفضة و الحياة اللاهية في الحيرة فيبذل من نفسه حريتها و كرامتها لقاء أن ينعم بشيء تافه حقير.

وهو النابغة في الحضيض قال :

 فإن أك مظلوما فعبد ظلمته وإن تك ذا عتبى فمثلك يعتب أكان يدري النابغة إن إلهه هذا عبد أيضاً لكسرى؟

 وإن حياة الترف في الحيرة ما كانت إلا مقابل هذا الولاء لغير العرب؟ إن كان يدري فتلك مصيبة، وأن كان لا يدري فالمصيبة أعظم.

الحروب العصبية

ولا بد أن تندلع الحروب كشيء حتمي للحقد والعصبية المنتنة، وشيوع المبدأ الجاهلي: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما»

 وكثرت الحروب ودامت وكانت بين أبناء العمومة « بين بكر وتغلب »و انعدم الأمان في الجزيرة فالقوي يغير على الضعيف دون مبرر صحيح فيأخذ أمواله ويسبي نساءه .

 وتظهر فلسفات حربية قاسية يعلن عنها عمرو بن كلثوم رئيس وشاعر تغلب نجد رؤوسهم في غير بر ونخليها الرقاب فيختلينا 

ويكون عمرو بن هند حكما يميل مرة إلى هذا ومرة إلى ذاك فيهدده عمرو : أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا و لقاء من ينصب نفسه للإصلاح بين الطرفين أن تقطع رقبته.

 فيقتل عمرو بن كلثوم عمرو هند زاعما أن أهانه لحقته من ابن هند.

أسلوب المدح والورقة الرابحة:

  ويأتي تفسير جديد للنخوة العربية في الجاهلية على درب النابغة ، يأتي شاعر المواجهة لعمرو بن كلثوم الحارث بن حلزة البكري صاحب المعلقة ويعلن أن ابن هند هو الملك العادل، بل هو أکمل إنسان يمشي على الأرض ، بل أكثر من ذلك ، لا يمكن لإنسان أن يحيط بصفاته الحسنة.

 ملك مقسط وأكمل من يمشي ومن دون ما لديد الثناء وفهم الحارث أن صاحب هذا النوع من المديح و النفاق يستطيع أن يأخذ حقا ليس له ، و مال إليه فعلا عمرو ابن هند .

انصر أخاك !!!

ويتهاوى المبدأ الجاهلي في صورة أخرى.

 رجل يظلم فيمن يستنجد؟ بقومه بالطبع؟ ولننظر.

قريط بني أنيف يعتدي عليـه فيستصرخ قومه بني العنبر ، ويزيد في الصراخ لأنه قد سمع قبل ذلك    « أسرع النهضة في الصريخ »وانصر أخاك ظالما أو مظلوما ، و لكنه لا يجد نجدة من قومه بني العنبر و أن كان يجد في بني مازن .

لدرجة أن تمنى أن ينسلخ من قومه بني العنبر إلى مازن.

فليت لي بهم قوما إذا ركبوا شنوا الأغارة فرسانا وركبانا ويقف بنو العنبر موقف المتفرج لأحد أبنائهم وهو يظلم ولا يتقدمون لنصرته .

 السلطان والمادة:

 ومع طغيان المادة والسلطان كانت جريمة الفجور ، حيث يزكي المال والجاه نار الفحش و الإباحية بدل أن يسخر « المال و الجاه » لسـعادة الأنسان و مسرح هذا الفجور في بني أسد.

 الأب حجر ملك بنى أسد وغطفان.

 ملك الحيرة من قبل فارس. والعم شرحبيل ملك بكر بن وائل.

 والابن أمرؤ القيس اللاهي بين الخمر والنساء .

 وإليك صورة واحدة تعبر عن المدى الذي وصل إليه فجر هذا الفاجر واستغلاله هذين العاملين: السلطان، مجموعة من الفتيات تستحم في الماء.

تركت الملابس على الشاطئ ويختبئ أمرؤ القيس حتى تنزل كل واحدة ليأخذ الملابس ويجلس عليها ويقسم ألا يعطي واحدة منها ملابسها إلا بعد أن تخرج إليه عارية..

 ويتلطخ الشرف الجاهلي حين تجبر ابنة العم أمام كل الفتيات أن تخرج أمام أمرئ القيس أمير الشعراء الجاهليين إلا ما أسوأ مجتمعا هذا أميرهم!!

 وتكون هذه الصورة في أكبر معلقة جاهلية ملئت بالفحش من هذا النوع 

كل شيء إلى زوال :

وكان الدرس القاسي الأب يموت ، و يبدأ الذبول والضعف يدبان إلى امرئ القيس ويعلن أسفه عن حياة ملئت باللهو والشراب .

 أرانا موضعين لأمر غيب متى كان هذا؟

بعد أن دب الضعف وذهب السلطان، وفني المال وذبل الجسم و ولى الشباب.

حيرة وإيمان:

وامتلأت الجزيرة بأنواع كثيرة من القلق والاضطراب والشك مما جعل الحيرة تدب إلي قلوب الكثير من أبنائها فأعادوا تساؤلاتهم؟

 لا بد أن يكون هناك نظام يحقق لهؤلاء الناس أمنا وطمأنينة ...

نحن الآن في سوق عكاظ نشاهد عربيا على جمل أورق يخطب في الناس ويقول: « يقسم ابن ساعدة إن لله دينا هو أرضى لكم من الذي أنتم عليه ».

انه يحس بخلخلة ما عليه العرب من أنظمة فاسدة توارثوها ويحس الحاجة إلى نظام يجمع الشمل حيرة في أمر أصنام وعقائد وتقاليد وعصبيات وحروب ومنازعات تحتاج إلى إزالة وتحطيم ، و بناء مجتمع من جديد قوي متماسك فهل هذا ممكن ؟؟

 نجحت التجربة وانتصر الحق

 وخرج إلى الوجود نوع جديد من الناس ، قالوا : أن هذا الحل ممكن .

وجرب الحل ونجح ، ووقف جندي من هذا النوع الجديد قائلا :

 ما الذي جاء بكم إلى بلادنا.

 فيكون الجواب جواب المؤمن الواثق بربه ودينه :     

« إن الله ابتعثنا لنخرج من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ».

واعتز العرب بدينهم فتبدل الحال وأصبح نصر الظالم أن ترده عن ظلمه لا أن نزيد من الظلم ..

  أبو خالد

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

والشعراء يتبعهم الغاوون

نشر في العدد 33

8

الثلاثاء 27-أكتوبر-1970

قضّية فكر

نشر في العدد 243

8

الثلاثاء 01-أبريل-1975

المؤذن

نشر في العدد 198

8

الثلاثاء 30-أبريل-1974