العنوان نوايا حسنة في التشكيلة الجديدة للسلطتين
الكاتب محمد الراشد
تاريخ النشر الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
مشاهدات 15
نشر في العدد 1022
نشر في الصفحة 14
الثلاثاء 27-أكتوبر-1992
فيما يستعد أعضاء
مجلس الأمة لالتقاط أنفسهم بعد معركة انتخابية منذ شهور مضت وربما يطلبون إجازة
لأخذ راحة قصيرة بعد انتهاء الجلسة الثانية للمجلس للفصل التشريعي السابع والتي عُقدت
أول جلساتها الثلاثاء الماضي العشرون من أكتوبر بعد هذا كله رسمت صورة التشكيل
الوزاري الجديد للحكومة وكذلك التشكيل الجديد لمجلس الأمة.
ويرى المراقبون
بأن نتائج الاتصالات والمشاورات على الصعيد الرسمي والشعبي قد حققت نتائج مرضية
نسبيا حول ما يتعلق بالتشكيل الوزاري كما أنها حققت حيادا حكوميا مشاهدا في تشكيل
هيئة مكتب مجلس الأمة ولجانه الدائمة، وعلى الرغم من نجاح النواب في إدخال ستة
نواب في المجلس الوزاري الجديد إلا أن الحكومة حققت مكسبا في ملء وزارة السيادة من
وزراء سابقين أبدى النواب اعتراضا على وجودهم في الحكومة الجديدة.
وإذ مضت الفترة
الماضية دون حدوث تغيرات حادة في الصورة الجديدة والتي حرص كلا الطرفين- السلطة
وأعضاء مجلس الأمة- على رسمها للشارع الكويتي، وذلك في زرع نوايا حسنة بين الطرفين
ورفع معايير الثقة إلى درجة حسنة إذا ما قورنت بتلك الصورة السائدة ما قبل
الانتخابات إلا أن ذلك لا يعني أن المشاورات قد حققت ما يأمل به الطرفان.
فقد عكس التشكيل الوزاري الجديد رغبة متبادلة في إشراك السلطة التشريعية في مسؤوليات ورقابة السلطة
التنفيذية وذلك بعد أن اشترك ستة نواب في الوزارة الجديدة، وهم السادة الدكتور عبدالله
الهاجري وجاسم العون وأحمد الربعي وجمعان العازمي وعلي البغلي ومشاري العنجري، إلا
أن أعضاء مجلس الأمة لم ينجحوا في إدخال ثمانية أعضاء كما اتفق النواب، مما أعطى
مساحة أكبر للسلطة في التشكيل الوزاري الجديد، ولكن كان واضحا أن رئيس الحكومة
يعالج الموضوع بفعالية إذ إنه أصر على النوعية لا على الكم وعكس قبول الأعضاء بهذا
العدد تفهما للصورة الجديدة المفترضة للعلاقة بين السلطتين إلا أن بعض القوى
السياسية اعترضت على نهج المشاورات والذي عزل بعض القوى السياسية عن إبداء وجهة
نظرها، حيث أعرب عضو مجلس الأمة سيد عدنان عبدالصمد في بيان له يمثل «الائتلاف
الإسلامي الوطني»- اتجاه إسلامي شيعي- عن أسفه لأسلوب المشاورات والمداولات التي
تمت لتشكيل الوزارة الجديدة، وعبر عنها بأن ذلك يمثل عزل لبعض القوى والجماعات
السياسية عن المشاركة في الإدارة السياسية.
وقبل إعلان
الحكومة بساعات كان نواب مجلس الأمة مجتمعين في مقر الدكتور ناصر الصانع ليشكلوا
وفدا من النواب المستوزرين لتبليغ رئيس الحكومة بتحفظاتهم لوجود وزراء سابقين غير
مرضيٍ عنهم شعبيا، إلا أن الوزارة أعلنت وقبل النواب أن ينعموا مع الوزارة الجديدة
دون إثارة، وذلك للتدليل على حسن النوايا وعدم إثارة حساسية الشارع الكويتي وذلك
لم يمنع النائب عبدالله النيباري الناطق الرسمي للمنبر الديمقراطي أن يصرح بأن
التشكيل الوزاري الحالي لا يمثل استجابة كاملة للمطلب الشعبي بإصلاح السلطة
التنفيذية.
وكان هناك اعتراض
محدود من قبل الحركة الدستورية حول تولية منصب وزارة التربية للدكتور الربعي
باعتباره يمثل اتجاها سياسيا يحسب على المنبر الديمقراطي، وأن ذلك يخالف اتفاق وفد
النواب لرئيس الحكومة بتحييد هذه الوزارة إلا أن الحركة لم تعترض رسميا للتدليل
على حسن النوايا أيضا، وقد جاء تصريح الدكتور إسماعيل الشطي يؤكد ذلك حيث قال: إن
الحركة ليس لديها تحفظ على شخص الدكتور الربعي، بل إنه زميل كفء، وكنت أتمنى أن
يأتي لوزارة التربية شخصية مستقلة بعيدة عن التيارات السياسية. وأضاف: إن الحركة
الدستورية الإسلامية ستتعاون مع وزير التربية فيما يخص المصلحة العامة، في حين أكد
النائب خالد العدوة- إسلامي مستقل- بأن الدكتور الربعي سيكون خاضعا لرقابة المجلس.
انتخابات هيئة مكتب مجلس الأمة
وفي اتجاه حسن
لتصحيح وتمتين العلاقة بين السلطتين حيدت الحكومة فعاليتها في المجلس عند انتخابات
هيئة مكتب مجلس الأمة وأعطت الحرية لأعضاء الحكومة لاختيار أعضاء المكتب، كما أن
رئيس الحكومة لم يشارك في انتخابات الرئاسة والنائب والمقرر والمراقب، وقد عزز هذا
الاتجاه استكمال الصورة التي يترقبها الشعب من كلا الطرفين، وبدا وكأن السلطتين
بدأتا بنزع فتيل التسخين المضادة للالتقاء حول حلول وسط للمرحلة القادمة.
وقد سبق انتخابات
هيئة المكتب أن تحرك أربعة نواب لرئاسة مجلس الأمة وهم النائب أحمد السعدون
والنائب جاسم الصقر والنائب عبدالعزيز العدساني والنائب مبارك الدويلة، وفي حين
انسحب النائب جاسم الصقر بعد إصداره بيانا مسببا لانسحابه، استكمل الباقون مسيرة
الترشح للرئاسة، وقد حرص النائب مبارك الدويلة على حسم موضوع الرئاسة في اجتماع
نيابي لـ٤٨ نائبا في مقر الدكتور ناصر الصانع يوم السبت، وذلك حرصا على تجنيب
المعارضة أن تخسر المنافسة على رئاسة المجلس، في حين انسحب السيد العدساني من
اجتماع النواب حيث طرح نفسه لانتخابات الرئاسة يوم افتتاح المجلس وحصل على ١٣ صوتا
في مقابل حصول السعدون على ٤٦ صوتا، بعد أن حسم النواب الرئاسة في اجتماع السبت
لصالح السعدون بفارق ٦ أصوات عن النائب الدويلة.
وعلى ضوء الحياد
الواضح للحكومة حققت المعارضة سيطرة كاملة على هيئة المكتب حيث تشكل المكتب
الرئاسي من السيد أحمد السعدون رئيسا لمجلس الأمة والسيد صالح الفضالة نائبا
للرئيس والسيد أحمد باقر أمينا للسر والسيد سالم الحماد مراقبًا والأستاذ حمد
الجوعان رئيس اللجنة التشريعية والقانونية والدكتور إسماعيل الشطي رئيسا للجنة
المالية والاقتصادية وجميع هؤلاء الأعضاء هم من المعارضة ولم يستطع أي نائب من
نواب المجلس الوطني دخول هيئة المكتب، وأما على صعيد اللجان فإن اللجان الرئيسية
وهي اللجنة التشريعية والقانونية واللجنة المالية والاقتصادية واللجنة الداخلية
والدفاع فقد كانت من نصيب المعارضة في غالبية أعضائها وترأسها رموز من المعارضة.
|
* إذا كان مجمل
الحركة السياسية للحكومة والنواب قد سجلت مكاسب وتراجعات للطرفين إلا أن خطوات
لتدعيم الثقة بين الطرفين قد بدأت. |
وإذ خسر نواب
الحكومة والمتمثلين في أعضاء المجلس الوطني السابق إلا أن الحكومة قد كسبت موقفا
سياسيا يسجل نوعا من المصالحة الوسطية مع المجلس الجديد.
وإذا كان مجمل
الحركة السياسية للحكومة والنواب قد سجلت مكاسب وتراجعات للطرفين إلا أن خطوات
سليمة نحو تدعيم الثقة بين الطرفين قد بدأت وفيما يستعد العاملون الإداريون في
المجلس بإعداد الملفات الخاصة بـ٥١٩ مرسوما صدرت منذ حل مجلس الأمة في عام ١٩٨٦
تمهيدا لعرضها على مجلس الأمة يستعد النواب لأخذ فترة قصيرة من الراحة كما اقترح
بعضهم، وذلك بعد إجهاد شهور من المعارك الانتخابية والتكتيكات السياسية، إلا أن
بعض الوزراء الناشطين بدأوا بالعمل لإظهار جدية في الإصلاح الحكومي للجهاز
التنفيذي.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل