; هل أصبحت وسائل الإعلام معاول هدم ؟ | مجلة المجتمع

العنوان هل أصبحت وسائل الإعلام معاول هدم ؟

الكاتب عمر إدريس الرماش

تاريخ النشر السبت 23-فبراير-2002

مشاهدات 8

نشر في العدد 1490

نشر في الصفحة 41

السبت 23-فبراير-2002

لا يخفى علينا أهمية وسائل الاتصال والإعلام، وما كانت البشرية لتصل إلى هذا المستوى من التقدم لولا التطورات الكبيرة التي عرفتها في مجالات العلم والتقنية والاكتشافات الحديثة المتطورة في ميدان الاتصال والتواصل ولعل آخرها شبكة الإنترنت إلا أن هذا التطور العلمي والتكنولوجي ترافقه سلبيات عديدة خصوصا في النواحي الفكرية والثقافية والأخلاقية والاجتماعية.

 فمعظم وسائل الاتصال والإعلام خاصة القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت انحرفت عن أدوارها الحقيقية، فأصبحت معول هدم لا أداة بناء، ويقوم الإعلام الغربي بكل أنواعه بهذه الأدوار السلبية والتخريبية نظراً لمرجعيته المادية التي لا تعترف بالدين والأخلاق، ونظراً لأهدافه المادية المتمثلة في الربح المالي السريع.

 وقد وقع الإعلام العربي في المنحدر الخطير الذي وقع فيه الإعلام الغربي؛ على الرغم من مرجعيته الإسلامية الأصيلة، فسقط في فخ التقليد والتبعية والاستلاب.

 ولا أدل على ذلك من محتوياته ومضامينه التي تتناقض مع القيم والمبادئ العربية والإسلامية، فـ ۸۰ % من هذه القنوات يبث برامج أجنبيه مستوردة سواء أكانت أفلاما أم حلقات مدبلجة أم أفلام كرتون أم وثائقية وغير ذلك، فضلاً عن تقليد المحطات الأجنبية.

 ويقول الدكتور أحمد الضبيب: "إن الخطر الذي كنا نظنه آتياً من بعيد قد تفجر من تحت أقدامنا.

 لقد صدمتنا القنوات الفضائية العربية أول الأمر بمناقشة عدد من الموضوعات الشاذة المحرمة، وأصبحت تحاورنا في ممارسات بعيدة عنا كان الإنسان يخجل من ذكرها بل يشمئز منمجرد الإشارة إليها، فإذا بها تعرض على الشاشات بدعوى الصراحة والشفافية..".

ولا يحترم الإعلام العربي المقومات الحضارية للمجتمعات العربية والإسلامية مثل الدين والعقيدة والتراث واللغة، فهو يقدم برامج وأفلام اللهو والعبث والتحلل الأخلاقي يقول الدكتور عائض الردادي: "لقد انطلقت من سماء هذا العالم إلى أرضه فضائيات عربية أضاعت هويتها فأصبح ديدنها دعوة الشباب إلى الانحدار الأخلاقي وصارت تقدم الدعارة على أنها وجه لهذا المجتمع العفيف".

واجبات الإعلام العربي:

 ولا يرقى الإعلام العربي بمختلف أنواعه إلى مستوى طموحات وتطلعات الشعوب، وهذا يتطلب من المسؤولين والمشرفين على مؤسساته العمل على بلورة سياسة إعلامية تسعى لتطوير الرسالة الإعلامية وتوظيفها لخدمة الأمة وبعث نهضتها.

 ونستعرض هنا بعض أهم الواجبات:

- توظيف الإعلام في خدمة مقدسات الأمة وهويتها الحضارية وتراثها وتاريخها.

 تطهير الإعلام -وخاصة المرئي- من السلبيات والمعاول التي تهدم القيم والمبادئ الإسلامية والعادات والتقاليد الأصيلة.

 - الاستقلالية وعدم التبعية للإعلام الغربي.

- الاهتمام بقضايا وهموم الشعوب العربية والإسلامية خاصة الاجتماعية والاقتصادية ليكون الإعلام مرأة يعكس حقيقة الواقع المعاش.

- التصدي للغزو الفكري والإعلامي الغربي الرامي لعلمنة وتغريب المجتمعات العربيةوالإسلامية.

- وقف بث البرامج والأفلام والمسلسلات التي تعالج قضايا العنف والجريمة والميوعة والخلاعة والتفسخ والتي تؤدي إلى انحراف الأطفال والشباب، فالدعاية للفساد والانحلال الأخلاقي عبر وسائل الإعلام العربية تعد حرباً معلنة على شرع الله وسنة الرسول (وقد توعد الله تعالى المخالفين بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة حيث قال : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾[النور: 19]

الدعاية للخرافة

انحرف كثير من وسائل الإعلام عن دوره الرسالي المتمثل في التعليم والتوعية والتثقيف والدعوة والإرشاد وأصبح يقوم بأدوار أخرى خطيرة وسيئة لعل أهمها الدعاية والترويج للفكر الخرافي مثل الشعوذة والسحر... فمعظم وسائل الإعلام يخصص مساحات للحملات الإعلانية والدعائية للسحرة والمشعوذين والكهان الذين يدعون معرفة الغيب وقدرتهم على حل المشكلات والمعضلات الاجتماعية والنفسية والعاطفية.

حكم الشرع في الدعاية للشعوذة وقد حرم الإسلام الخرافة والسحر والدجل لأنها تؤدي إلى مخاطر وانعكاسات سلبية على الأفراد والجماعات من النواحي الاجتماعية والأخلاقية والعقلية والنفسية قال رسول الله: «من أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد»([1]) وقال أيضاً: «من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً»([2]).

وهكذا تتجلى حرمة الدعاية للخرافة والشعوذة والسحر مثل الأبراج والتنجيم لأنها من الكبائر التي تؤدي إلى الكفر وتترتب عليها أضرار كثيرة ومتعددة، إذ تجعل الناس خاصة الشباب يؤمنون بالمعتقدات الفاسدة

وتدفعهم إلى الانحراف الفكري والخلقي والسلوكي، إلى جانب تضييع الأموال والأوقات والتشجيع على الكسل والتواكل وعدم الأخذ بالأسباب. وهكذا فإن من الواجب على الجميع محاربة ومقاطعة المشعوذين والعرافين والسحرة والدجالين الذين يشكلون خطراً كبيراً على الدين والعقيدة ويساهمون في تخريب العقول والنفوس وإضلال الناس خاصة الشباب, كما أن من الواجب على أفراد وجماعات الأمة التمسك بكتاب الله تعالى وسنة رسوله في حياتهم الخاصة والعامة من أجل حل مشكلاتهم بالطرق الشرعية الصحيحة والسبل العلمية والعقلية بعيداً عن أباطيل، وخزعبلات المشعوذين، والدجالين.

 ومن واجب وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة الكف عن الدعاية والترويج لتلك الظواهر، ومن واجب العلماء والدعاة محاربتها بالدعوة إلى التمسك بالدينوالعقيدة.

الهوامش

[1]- رواه أبو داود وخرجه أهل السنن الأربعة وصححه الحاكم.

[2]- رواه مسلم في صحيحه.

الرابط المختصر :