; هل الحديث صحيح؟ | مجلة المجتمع

العنوان هل الحديث صحيح؟

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الجمعة 18-أغسطس-1978

مشاهدات 14

نشر في العدد 408

نشر في الصفحة 10

الجمعة 18-أغسطس-1978

اشتهر على ألسنة الناس حديث في فضل شهر رمضان ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث هو:  «شهر رمضان أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار».

ولم يقتصر اشتهار الحديث على ألسنة العامة، بل هو مشهور أيضًا على ألسنة معظم الخطباء والوعاظ ويذكره بعض المؤلفين في كتبهم.

وقد اشترك الجميع في عدم بيان حال الحديث من حيث الصحة والضعف، وانفرد المؤلفون بذكر تخريجه فقط.

وبصفتي طالب علم أردت البحث عن هذا الحديث في الكتب المعتمدة في هذا الفن، لأعرف حال الحديث من حيث الصحة والضعف، فبدأت البحث في الأصول (أي البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة: الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه) بالإضافة إلى موطأ مالك ومسند الإمام أحمد وغيرهم، فلم أجد في هذه الكتب ذكر للحديث فعجبت!

فواصلت البحث فوجدت الحديث في صحيح ابن خزيمة في كتاب الصيام باب فضائل شهر رمضان -إن صح الخبر- الجزء الثالث ص191.

الحديث: حدثنا علي بن حجر السعدي، حدثنا يوسف بن زياد، حدثنا همام بن يحيى عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال: 

«خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: «أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم، شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ... إلى أن قال وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار ... الحديث» قال الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في تحقيقه لصحيح ابن خزيمة: «علي بن زيد بن جدعان ضعيف» قلت:

قال محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم في كتابه المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين: علي بن زيد بن جدعان كان شيخًا جليلًا وكان يهم في الأخبار ويخطئ في الآثار حتى كثر ذلك في أخباره وتبين فيها المناكير التي يرويها عن المشاهير فاستحق ترك الاحتجاج به. وقال محمود إبراهيم زايد في تحقيقه لكتاب المجروحين: كان يحيى القطان يتقي الحديث عن علي بن زيد ومن أخباره أنه كان رافضيًّا وأنه كان يتشيع.

قال الذهبي: علي بن زيد بن جدعان أحد الحفاظ، وليس يثبت سمع سعيد بن المسيب وجماعة، كتاب الكاشف الجزء الثاني ص285.

وقال أحمد: علي بن زيد ضعيف، وقال عنه البخاري وأبو حاتم: لا يحتج به.

وقال ابن خزيمة: لا أحتج به لسوء حفظه. ميزان الاعتدال للذهبي المجلد الثالث ص129.

وقال ابن حجر: علي بن زيد بن جدعان ضعيف تقريب التهذيب لابن حجر الجزء الثاني ص37.

طريق آخر للحديث: قال ابن عدي: حدثنا بكر بن عبد الوهاب حدثنا عمر بن علي حدثنا الفضل بن مرة حدثنا عمي الحسن بن أبي جعفر عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان مرفوعًا الحديث.

قلت: لا يصح، فيه الحسن بن أبي جعفر قال ابن حجر في تقريب التهذيب: ضعيف الحديث وفيه أيضًا علي بن زيد بن جدعان وقد تقدم الحديث عنه.

طريق آخر للحديث: قال السيوطي في كتابه اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة الجزء الثاني ص103-104:

وقد رواه ابن حبان عن حكيم بن حزام عن علي بن زيد ... الحديث.

قال ابن حبان: لا أصل له وحكيم متروك.

تنبيه: والصحيح أنه حكيم بن خدام وليس ابن حزام قال أبو حاتم متروك الحديث.

وقال البخاري: منكر الحديث. هكذا جاء في ميزان الاعتدال للذهبي المجلد الأول ص585 ولا أدل على ما أقول إنه حكيم بن خدام وليس ابن حزام أن ابن حبان نفسه ذكر ذلك في كتابه المجروحين وقال: في أحاديثه مناكير كثيرة ثم قال ضعفه أحمد بن حنبل، وهو الذي يروي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الحديث. كتاب المجروحين الجزء الأول ص247.

ثم إن حكيم بن حزام هو ابن خويلد الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين أسلم يوم الفتح وصحب وله أربع وسبعون سنة. ذكر ذلك ابن حجر في تقريب التهذيب الجزء الأول ص 194 وذكر ذلك أيضًا الذهبي في كتابه الكاشف المجلد الأول ص248.

طرق أخرى للحديث:

ذكر السيوطي أيضًا في كتابه اللآلئ طريقين آخرين للبيهقي ذكرهما في كتابه شعب الإيمان وكلاهما ضعيف، لأن في إسناد الطريق الأول حكيم بن خدام وعلي بن زيد ابن جدعان وقد ثبت عدم الاحتجاج بهما مما تقدم.

وفي إسناد الطريق الثاني علي بن زيد بن جدعان لا يحتج بحديثه.

وذكر الحديث المحدث الناقد أبي الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني الشافعي في كتبه «تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة» الجزء الثاني ص155.

طريق آخر للحديث:

ذكر الحديث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى في كتاب «ضعيف الجامع الصغير» المجلد الثاني ص236.

بلفظ: «أول شهر رمضان رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار». عن ابن أبي الدنيا في فضل رمضان، والخطيب في التاريخ، وابن عساكر كلهم عن أبي هريرة.

وقال الألباني: ضعيف جدًّا.

ومما تقدم يتبين لنا أن الحديث مع اشتهاره وكثرة طرقه لا يصح ولا يجوز نسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

الرابط المختصر :