; هل تحتاج «إسرائيل» إلى منصب وزير الخارجية؟! | مجلة المجتمع

العنوان هل تحتاج «إسرائيل» إلى منصب وزير الخارجية؟!

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 14-أغسطس-2010

مشاهدات 21

نشر في العدد 1915

نشر في الصفحة 64

السبت 14-أغسطس-2010

الكاتب: محمد كاليونجو (*)

  • الأزمات الكثيرة التي تسبّبها«إسرائيل»لا تحتاج إلى وزير خارجية واحد بل إلى«عصبة»من هذا النوع!
  • ولكن الدعم الأمريكي غير المحدود يجعلها في غنى عن هذا الوزير للدفاع عن ممارساتها وتبرير أفعالها
  • «أفيجدور ليبرمان»عديم الفائدة..ووجوده في منصبه يضرّ بمصالح اليهود داخل«إسرائيل»وخارجها أيضًا

المشكلات المتواصلة بين الحكومة التركية وحكومة«الليكود» في «إسرائيل» برئاسة«بنيامين نتنياهو» وصلت إلى درجة غير مسبوقة من التوتر، منذ اعتداء الكوماندوز«الإسرائيلي»على قافلة المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة في المياه الدولية، والذي أدى إلى قتل تسعة من المدنيين الأتراك، وجرح ثمانية وثلاثين آخرين.

وفورًا قام وزير الخارجية التركي«أحمد داود أوغلو»، بعد الاعتداء الآثم على المدنيين في المياه الدولية، بدعوة مجلس الأمن الدولي إلى الانعقاد في جلسة طارئة لمناقشة الموقف كما بادر إلى دعوة حلف شمال الأطلسي(ناتو) للاجتماع، بالإضافة إلى إدانته«إسرائيل» وحثها على الإفراج عن المحتجزين من ناشطي«أسطول الحرية» الإغاثي الدولي. 

وعلى الجانب الآخر، ظل«أفيجدور ليبرمان» وزير الخارجية«الإسرائيلي» شبه صامت، وخصوصًا في يوم العدوان. وفي اليوم التالي-وفي اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة«بان كي مون»-اشتكى من ردود الفعل الدولية، قائلًا:«إنني أشعر بالحسرة من النفاق والمعايير المزدوجة المتجذرة في المجتمع الدولي عند التعامل مع القضايا التي تخص «إسرائيل»!!

وأضاف:«في الشهر الماضي وحده قتل ٥٠٠ من البشر نتيجة حوادث مختلفة في أنحاء العالم في تايلاند وأفغانستان وباكستان والعراق والهند، وظل المجتمع الدولي صامتًا وسلبيًا، وهو عادة يتجاهل مثل تلك الحوادث، بينما يقوم بإدانة عمل دفاعي لا تخطئه العين قامت به «إسرائيل»!!

ومضى«ليبرمان» قائلًا: إن ما حدث كان حقًا أساسيًا من حقوق «إسرائيل»، والجنود«الإسرائيليون» كانوا يدافعون عن أنفسهم ضد الهجوم الذي تعرضوا له من قبل عصابة من السفاحين وقطاع الطرق، ومؤيدي الإرهابيين الذين أعدوا القضبان والعصي والسكاكين والأسلحة البيضاء مقدمًا من أجل المواجهة»!!

في ذلك الوقت، لم تكن الولايات المتحدة قادرة على الدفاع عن أعمال الحكومة«الإسرائيلية»؛ حيث أعلنت أنه ليست هناك علاقة بين المساعدات الإنسانية وتنظيم«القاعدة»، وبالمثل أعلنت إدارة«أوباما» أن حصار غزة يجب ألا يستمر، وأن على«الحكومة الإسرائيلية» أن تغير أو تطوّر أسلوبًا جديدًا للتعامل مع غزة. 

وعمومًا، فإن الطريقة التي أدارت بها«إسرائيل» هذه الأزمة العالمية-أو بالأحرى الطريقة التي أساءت بها إدارتها - قد أثارت العديد من الأسئلة، ليس فقط عن مدى شرعية حصار غزة، ولكن أيضًا عن فائدة وزارة الخارجية «الإسرائيلية».

ومهما كان ما حدث، فقد كانت له آثار سلبية على اليهود من «الإسرائيليين» وغيرهم، ووزارة الخارجية هي أول من يجب عليه معرفة وتقرير ذلك.

كراهية متنامية

وبعيدًا عن الفلسطينيين أنفسهم، فإن أكثر من تأثر سلبًا بتلك السياسة «الإسرائيلية» المتشددة هم اليهود، فاليهود الليبراليون والمتشددون في الولايات المتحدة الأمريكية زادت معارضتهم لسياسة العقاب الجماعي «الإسرائيلية» الوحشية تجاه الفلسطينيين في كل من غزة والضفة الغربية، وعندما شنت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة في نهاية عام ۲۰۰۸م وبداية عام ۲۰۰۹م، وقتلت أكثر من ١٤٠٠ فلسطيني-غالبيتهم من النساء والأطفال-كان أكثر المحتجين من الدارسين والعلماء اليهود وأصحاب الرأي، وهم أيضًا الذين انضموا إلى الحشود التي أدانت الحصار غير الإنساني الخانق على قطاع غزة. 

وكانوا هم أيضًا في مقدمة من أدانوا الهجوم البربري وأعمال القرصنة وسلوك قطاع الطرق الذي مورس بأبشع الوسائل على سفن«أسطول الحرية» المتجهة إلى غزة، وكانوا من أوائل المحتجين والمتظاهرين أمام القنصليات والسفارات«الإسرائيلية» في جميع أنحاء العالم، وخصوصًا في تركيا وأوروبا .

ومن ناحية أخرى، فإن اليهود في أنحاء العالم-وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص-هم ضحية الكراهية المتنامية لليهود بسبب ممارسات السلطات «الإسرائيلية»، وانتهاكها وخرقها الدائم للقانون الدولي واستمرارها في استخدام العنف غير المحدود ضد المدنيين الفلسطينيين العزل، وتجاهل الحكومة«الإسرائيلية» الكامل للرأي العام العالمي!

يهود أمريكا

وهنا يثور سؤال: إلى أي مدى في مثل هذه الظروف يمكن للإنسان العادي -بصرف النظر عن جنسه أو جنسيته-أن يميز بين الصقور والحمائم، وبين المتشددين والمعتدلين في «إسرائيل»؟ 

يبدو أن كل اليهود يدعمون ويؤيدون«إسرائيل»، حتى ولو كانوا يحملون جنسيات تابعة لدول أخرى. 

تخيل دولة (س) بأعضاء مجلس شيوخها وأعضاء مجلس نوابها ووزرائها ومسؤوليها لا يخجلون من وضع أولويات دولة أخرى(إسرائيل) ومصالحها علنًا قبل وفوق مصالح وأولويات بلدهم!

تخيل أن الدولة (س) تخفض نفقات التعليم والبحث العلمي وبرامج الدعم الاجتماعي التي تعود بالفائدة على مواطنيها، ولا تستطيع ولا تفكر أن تحد قليلًا من الدعم المالي والعسكري لـ«إسرائيل»!

وتخيل أيضًا سياسيي الدولة (س) وهم يعارضون أي مشروع قرار سياسي، حتى ولو كان يخدم مصالحهم ومصالح شعبهم إذا لم يخدم مصالح «إسرائيل»!

وتخيل مواطني الدولة (س)-من غير اليهود-وهم مرعوبون من القيام بأدنى نقد لـ«إسرائيل»، حتى لا توجه إليهم تهمة«معاداة السامية» !

إنه من الصعب أن نميز أين يقع ولاء اليهود في الدولة(س)، عندما يندفع البعض منهم إلى خنق علاقة (س) مع حلفائها في كل مرة تحدث مشكلة أو مواجهة بين «إسرائيل» وحلفاء (س)، حتى لو كان ذلك سيؤثر بالسلب على الدولة (س).

في هذه الحالة، تبدأ آلة الدعاية في التحرك بأقصى سرعة ضد الدولة التي تكون في مواجهة«إسرائيل»، والأزمة الأخيرة بين تركيا و«إسرائيل» مجرد مثال على ذلك. 

فجأة قام كتاب الأعمدة وكتاب الرأي في دولة(س) بالتذكير بالجذور الإسلامية للحكومة التركية، وبدأت محاولات تأجيج الشقاق والخلاف بين القادة الأتراك؛ بمدح أحدهم، والقدح في الآخر، بالإضافة إلى الترويج لفرية مفادها أن تركيا أخطر على الدولة(س) وعلى«إسرائيل» من حركة «حماس».

دعم غير محدود

إن الموقف جد خطير بالنسبة لليهود غير«الإسرائيليين»، والآن يثور سؤال أكثر إلحاحًا وأكثر تعقيدًا: هل تحتاج «إسرائيل» إلى وزير خارجية؟ وأي نوع من وزراء الخارجية تحتاج؟ لأن هذا الوزير-أو الوزيرة-هو الذي عليه أن يقرر أي نوع من التأثير سوف يتركه مثل هذا الموقف المعقد على الرأي العام، ليس فقط بالنسبة«لإسرائيل» ولكن أيضًا بالنسبة لليهود غير«الإسرائيليين» في مختلف أنحاء العالم. 

والحقيقة أن الدعم العسكري والسياسي والمالي غير المحدود الذي تتلقاه«إسرائيل» من الدولة(س) يغريها بأنها لا تحتاج حقا إلى وزير للخارجية للدفاع عن أفعالها، وتوضيح سياسة«إسرائيل»، ورعاية صداقاتها في المجتمع العالمي.

وهناك تصريح لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق«هنري كيسنجر»، عندما ناشدته بعض الدول العمل على إيقاف حرب«إسرائيل» على الدول العربية الثلاث مصر وسورية والأردن عام ١٩٦٧م، قال فيه:«ليست لدينا مشكلة في استمرار الحرب، مادامت الغلبة لـ«إسرائيل» وهذا مؤشر على أن لديها أكثر من وزير خارجية !!

لا طائل من ورائه!

إن المشكلات الرهيبة المتواصلة التي تسببها«إسرائيل»-ليس فقط للفلسطينيين ولكن أيضا لليهود في أنحاء العالم وللمجتمع الدولي كله-لا تحتاج إلي وزير خارجية واحد ولكن تحتاج إلي«عصبة» من هذا النوع. 

فهي تحتاج إلى مجموعة من وزراء الخارجية تتولى رعاية العلاقات مع دول الجوار ومع المجتمع العالمي بأسره، ومجموعة ثانية تقيم علاقات بناءة طويلة الأمد تجعل«إسرائيل» كيانًا مقبولًا في المجتمع الدولي ومجموعة ثالثة تحاول تثبيت حق«إسرائيل» في الوجود؛ من خلال اكتساب موافقة الدول الأخرى، وليس من خلال استغلال النفوذ والموارد السياسية والاقتصادية لدولة ما من أجل التأثير على قلة من الدول لقبولها وهي كارهة.

مما تقدم، يتضح أن«أفيجدور ليبرمان»لا فائدة له، ولا طائل من ورائه كوزير خارجية لـ«إسرائيل»، والواقع أن وجوده يضر المصالح «الإسرائيلية» ومصالح اليهود غير الإسرائيليين الذين يشعرون بأنهم مرتبطون بـ«إسرائيل»، وربما يشترك«بنيامين نتنياهو» معنا أيضًا في هذا التصور، ولذلك ترك منصبًا غاية في الأهمية ليشغله«ليبرمان»!!

(*)محلل سياسي تركي متخصّص في العلاقات الدولية.

 -المصدر: صحيفة «حرييت» التركية.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل