; هل ستمتلك بريطانيا الورقة الإيرانية؟ | مجلة المجتمع

العنوان هل ستمتلك بريطانيا الورقة الإيرانية؟

الكاتب صالح إبراهيم البليهي

تاريخ النشر الثلاثاء 05-يوليو-1988

مشاهدات 11

نشر في العدد 873

نشر في الصفحة 16

الثلاثاء 05-يوليو-1988

  في الوقت الذي تعيش فيه إيران في دوامة من الخلافات والترقبات التي تحوم حول شكل السلطة بعد الانتخابات الأخيرة، وبعد أن منح الخميني هاشمي رفسنجاني سلطات إضافية شملت الجيش والحرس الثوري وكافة المؤسسات الأمنية الداخلية والخارجية، في مثل هذا الظرف يتساءل المراقبون، ولا سيما في العواصم الغربية.

مَن سيلعب الورقة الإيرانية؟

    وإلى أن يكتمل ترتيب المحاور من جدید داخل إيران، سيظل هذا السؤال قائمًا في وقت برزت فيه على آفاق السياسية الإيرانية التي يتحكم بها أعوان كل من رفسنجاني وأحمد الخميني علامات ومؤشرات لعلاقة (بريطانية- إيرانية) تمر من بوابة الرهائن المحتجزين لدى حزب الله الموالي لإيران في لبنان، وقد قام في الشهر الماضي وفد من أربعة مبعوثين بريطانيين باسم الكنيسة، وليس باسم الحكومة بزيارة طهران سعيًا لإيجاد نطاق من التفاهم المشترك بين (لندن – طهران)، وإزاء هذه الزيارة علق مسؤول إيراني كبير -كما نقلت ذلك وكالة الأنباء الإيرانية يوم ٢٠/٦/۱۹۸٨- «أن العلاقات مع بريطانيا آخذة بالتحسن، وأن زيارة السياسيين الأربعة لطهران تساعد على استمرار هذا التحسن».

    وقد تفاجأ بعض المراقبين عندما أعلنت امرأة تتحدث بلسان الكنيسة البريطانية عن أن إيران تريد بدء حوار مع السياسيين القادمين من بريطانيا».

     ومن المعلوم أن الإيرانيين الذين آثروا عدم الاحتكاك مع القوات الأمريكية في الخليج يلعبون على حبل المنافسة التقليدية القديمة بين الإنجليز والأمريكان، ومن أجل هذا صرح مسؤول بريطاني في وزارة الخارجية قبل أسبوعين بأن هناك مباحثات مباشرة وواضحة في طهران، تحدث مع مسؤولين إيرانيين، تهدف إلى محاولة تصحيح العلاقات بين الدولتين».

أسباب إيرانية:

ويندفع الإيرانيون في هذا الاتجاه لاعتبارات سياسية وعسكرية، منها:

١- الخسارات المتتالية التي تكبدتها قوات الحرس الثوري الإيراني على الجبهة مع العراق في مختلف القطاعات الحدودية، وتحرير العراق أراض عراقية كانت احتلتها إيران سابقًا.

٢- جنوح الأمريكان باتجاه تسليح بعض دول الخليج بأسلحة حديثة متطورة.

٣- الموقف الأمريكي العسكري في الخليج وسيطرته على نسبة كبيرة من الحركة البحرية في المياه الدولية.

٤ - تذبذب الموقف السوفياتي من قضية الحرب بين إيران والعراق، وغموض موقفه من التبديلات السياسية التي حصلت داخل إيران إثر الانتخابات الأخيرة.

٥ - دور الدول العربية في التضييق على السياسة الإيرانية في العواصم الأوروبية الأساسية، من أجل هذا تندفع إيران اليوم بقوة لتصحيح علاقاتها مع بريطانيا صاحبة الإرث الاستعماري الذي كان في القرن الماضي لا تغيب عنه الشمس. 

      ويأمل الإيرانيون من بريطانيا -كما صرح «هاشمي رفسنجاني»- تبديل سياستهم حيال حرب الخليج، وعن طريق بريطانيا أيضًا يريد رفنسجاني تغيير نصوص وبنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم (٥٩٨) الداعي إلى وقف الحرب بين العراق وإيران فورًا، على اعتبار أن بريطانيا تحتل واحدًا من المقاعد الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

طلبات إيرانية:

     يدعي الإيرانيون أن كلًا من فرنسا والصين موافقتان على تعديل نصوص قرار مجلس الأمن الداعي إلى وقف الحرب مع العراق، ويبدو أن البريطانيين أخذوا بعض الوعود التي تحقق لهم بعض المصالح في المنطقة؛ حيث -جرت كما نقلت الوكالات الدولية يوم ٢١/٦/١٩٨٨- بعض الاتصالات السرية بين مسؤولين إيرانيين وإنجليز، نجح فيها الطرفان -كما نقلت الوكالات- بتسوية بعض المسائل المادية، وما يتعلق بسفارة كل دولة من الطرفين في الدولة الأخرى، وإلى جانب هذا رصدت بعض التقارير الطلبات الإيرانية من بريطانيا، وذلك كما يلي:

۱- إقامة علاقات ديبلوماسية كاملة بين إيران وبریطانیا.

٢- بيع بريطانيا لإيران قطع غيار طائرات حربية بريطانية ومعدات عسكرية. 

٣- تنفيذ العقود البريطانية المجمدة والتي كانت أبرمتها حكومة شاه إيران قبل سقوطه.

٤- إعادة فتح مكتب شراء الأسلحة الإيراني في العاصمة لندن. 

     وقد علمت المجتمع أن محمد جواد لاريجاني أخذ تفويضًا من القيادة السياسية في طهران بمتابعة تفاصيل هذه البنود مع بريطانيا إلى أن تتحقق.

     هذا ويشك البريطانيون بالنوايا الإيرانية بسبب تجربتهم وحلفائهم مع سياسة طهران المتقلبة وعدم ثباتها؛ حيث يتساءل بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني عن المصالح التي يمكن أن تقدمها إيران لمصلحة بريطانيا والغرب عمومًا، إلا أن الجواب يبقى سرًا في ملفات المحادثات (الإيرانية- البريطانية) السرية.

مواقف بريطانية:

     على أن العلاقات بین نظام إيران الحالي وبريطانيا تعود إلى الشهور التي سبقت سقوط الشاه؛ حيث وقف البريطانيون إلى جانب الخميني وتنظيماته ضد الشاه، بل ساعدته على توزيع رسائله الصوتية إلى داخل إيران، وذلك قبل سقوط الشاه محمد رضا بهلوي. 

     ويقول ديبلوماسيون عرب إن بريطانيا طيلة أيام حكم الخميني وأعوانه لم يقطعوا العلاقات مع طهران بشكل كامل، ومع كل الفتور الظاهر فإن بريطانيا كانت تقدم ما يلي:

۱- الدعم المادي للأكراد الذين تدفع بهم إيران للعصيان ضد النظام داخل العراق، وقد استدل بعض المراقبين على موقف بريطانيا هذا من العلاقات القوية التي برزت بين ابن مصطفى البرزاني وبعض الرموز البريطانية.

2- تزويد بريطانيا لإيران بالسلاح، وشمل ذلك محركات للدبابات وبعض القطع البحرية.

     ويربط الديبلوماسيون العرب بين هذه المواقف وعرقلة المندوب البريطاني في الأمم المتحدة لكثير من القرارات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وإضافة إلى هذا يعتقد بعض هؤلاء الديبلوماسيين أن هناك تنسيقًا كاملًا بين بريطانيا وإيران لم ينقطع ولم يفتر رغم الإعلان مرارًا أن العلاقات بين الطرفين دخلت في مرحلة الفتور، والأصح أن يقال -كما يعلق مراقب عربي في لندن- إن العلاقات لم تدخل في طور الفتور، وإنما دخلت في العتمة.

عودة مطامع الإنجليز:

     إن بريطانيا التي تعلن في المواقف الرسمية وأروقة الاجتماعات الدولية عن رغبتها بشأن السلام في الخليج- لا تسهم عمليًا من أجل السلام الحقيقي، ويستشهد مصدر صحفي عربي على مواقف بريطانية عدائية للعراق، ومنها أن «خبراء بريطانيين كانوا قد أسهموا مرارًا مع الإيرانيين في التخطيط للهجوم على مدينة البصرة». 

     وإذا كانت المشاركة في مثل هذا التخطيط تجعل البعض في حالة استغراب، فإن من يعرفون الأساليب الإنجليزية التقليدية يرون بأن بريطانيا تعتقد أنه في يوم ما ستتوقف الحرب بين العراق وإيران في الخليج، وأن إيران هي الأكثر حاجة لإعادة الإعمار وبناء مشاريع التنمية من جديد، وهذا سيعطي المؤسسات البريطانية دفعة قوية فيما لو نالت عقود إعادة الإعمار والبناء التنموي، ويرى البعض أن ما يعزز العلاقات بين الطرفين حاليًا يعود إلى بعض الوعود التي نقلها سياسيون إيرانيون إلى العاصمة البريطانية بهذا الشأن.

     ولكن سيبقى السؤال قائمًا إلى أن تستقر الأوضاع السياسية نهائيًا في إيران التي عودت العالم على عدم الثبات السياسي، ذلك السؤال هو: 

هل ستمتلك بريطانيا الورقة الإيرانية بعد نهاية الحرب؟

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

مشاريع كثيرة، ولكن !!

نشر في العدد 3

105

الثلاثاء 31-مارس-1970

هذا الأسبوع - العدد 17

نشر في العدد 17

56

الثلاثاء 07-يوليو-1970

الترقب والانتظار!

نشر في العدد 18

41

الثلاثاء 14-يوليو-1970