العنوان ياسر عرفات.. يظهر في كوسوفا!
الكاتب د.حمزة زوبع
تاريخ النشر الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
مشاهدات 14
نشر في العدد 1317
نشر في الصفحة 30
الثلاثاء 15-سبتمبر-1998
إبراهيم روجوبا لا يمكن أن نثق فيه «دبلوماسي غربي».
إنه يطنطن كثيرًا باستقلال الإقليم وهو واهم، فالغرب يسانده لا ليحقق الاستقلال، بل للوصول إلى تسوية سلمية «دبلوماسي أمريكي».
يبدو إبراهيم روجوبا لطيفًا ومهذبًا، وهو يستطيع أن يستمع لما يقال له، واستقلال الإقليم لا يمكن أن يتحقق على يد مثل هذا الرجل «دبلوماسي أمريكي».
استقلال الإقليم يعني تغيير الخريطة في البلقان من جديد، وهذا ليس وقته أحد أفرادالفريق الأمريكي في البلقان.
هكذا يبدو إبراهيم روجوبا وقد وافق على الاقتراح الصربي للحل السلمي للأزمة في إقليم كوسوفا، إنه أشبه بياسر عرفات الذي مازال يصر على أنه سيصلي في القدس.
البعض يراه عميلًا، والبعض مازال مترددًا في اتهامه بالخيانة، وبين ذلك من يرونه ضحية لوعود أمريكية بالدعم إلى ما لا نهاية، ويدللون على أنه ضحية بالقول إنه مازال يردد كلمة استقلال –كوسوفا– في الوقت الذي وافق فيه على الاقتراح الصربي الأخير، الذي سنتعرض له لاحقًا.
واللافت للنظر أن إبراهيم روجوبا، كان يثق بالأمريكان ثقة عمياء، حتى لقد تخيل أن ريتشارد هولبروك، في زيارته الأخيرة لبلجراد، والتي نتج عنها لقاء روجوبا وميلوسوفيتش، تخيل روجوبا أن أمريكا جادة في التهديد والوعيد، وكأن هولبروك، جاء ومعه عشرون ألف مقاتل أمريكي من أجل كوسوفا .. كما قال أحد الصحفيين الألبان.
ولكن الكثير يرون أنه قد خان شعبهم وخصوصًا في المهجر، والذين لم يتخلوا عنه بالدعم المالي المتواصل، وها هم يحصدون الهواء ويحرثون الماء، ولا يأخذون منه سوى الثرثرة ويرى كثير من المعارضين السياسيين له، أنه فشل حتى في إحداث تغيير داخل المؤسسة السياسية لألبان كوسوفا، رغم إجراء الانتخابات وفوز حزبه، فلم يتمكن من تشكيل حكومة ولا حتى فريق تفاوض، وكما قال أحدهم: «ليست المشكلة في تأخير تشكيل الحكومة أو فريق التفاوض، بل المشكلة في أنه لا يعرف.. على الإطلاق، والتالي فمصيرنا مرهون بيد مغامر، ويلقي الكثير بتبعة تشقق الصف الألباني الداخلي على إبراهيم روجوبا، وقراراته الفردية، وانحيازه دائمًا إلى حزيه: «الرابطة الديمقراطية الكوسوفية» ومقاومته لجيش تحرير كوسوفا ظنًا منه أن ذلك سيقربه من الغرب، الأمر الذي لم يحدث، وقد فشل في تشكيل فريق المفاوضين بدءًا من الفريق الأول G15 وإنهاء بفريق G5، وقد استقال أحد أعضائه وهو فطمير سيديا، الذي قال: «نحن نناقش الأمور التوافه ونترك عظائم الأمور».
الطرح الذي تقدم به ميلوسوفيتش ليس بجديد وليس من بنات أفكاره. الطرح أمريكي النشأة والمولد.. واسم الاقتراح Trusteeship Silent أي الثقة الصامتة، والذي قام بتمرير الاقتراح، وتقريب وجهات النظر هو السفير الأمريكي لدى مقدونيا كريستوفر هيل والذي نصحه رئيس مقدونيا العجوز بألا يبني مستقبله على الوساطة بين صربيا وألبان كوسوفا.
والاقتراح يعني فترة زمنية من ثلاث إلى خمس سنوات، يتم فيها بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، ويأخذون فرصة حقيقية للتفكير المتأني، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة تقرير المصير وهذا الطرح يفسره كل فريق كما يحلو له، وكما يحفظ ماء وجهه أمام شعبه، فميلوسوفيتش يراه نصرًا كبيرًا، إذ إنه في النهاية يعني حكمًا ذاتيًا مدنيًا ليس إلا.
أما إبراهيم روجوبا، فإنه يرى أن ذلك يعني أن شعب كوسوفا سيقرر مصيره بنفسه بعد هذه السنوات الثلاث، وذلك بعد أن ينزع سلاح الإقليم، وتعتبر كوسوفا محمية دولية <Under International Protectorate>.
الطرح الأمريكي -اليوغسلافي بالتبني- يعود بألبان كوسوفا إلى نقطة الصفر، قبل أن تسيل الدماء، ويقتل الأبرياء، ويستشهد المجاهدون، وكما قال الكاتب الألباني –باتون حاجي– إن أطنانًا من القرارات والأطروحات من تلك النوعية لن تعيد الحياة إلى القتلى وقد صدق.
وجاء التبرير الإنساني كدافع وحيد لهذا الاتفاق والقبول به فمئات الألوف من المهاجرين يعيشون في العراء، ودول أوروبا تحاصر جيش التحرير، وصربيا ترفض السماح بإغاثة اللاجئين دون رفع الحصار الاقتصادي عنها، ورغم قبول روجوبا بالاتفاق، فإن هذا لا يعني أنه سيلقى النجاح، فهناك تيارات سياسية في الإقليم ترفض هذا الخيار، لأنه غير واضح المعالم، وخصوصًا بعد انقضاء فترة بناء الثقة وكيفية تقرير المصير والشكل السياسي في الإقليم، وعلاقة الأغلبية الألبانية بالأقلية الصربية وعلاقة الإقليم بالعالم الخارجي.
د. حمزة زوبع