; يحيى السنوار.. الشهيد الحي الذي أحيا أمة!. | مجلة المجتمع

العنوان يحيى السنوار.. الشهيد الحي الذي أحيا أمة!.

الكاتب د. يوسف السند

تاريخ النشر الجمعة 01-نوفمبر-2024

مشاهدات 19

نشر في العدد 2197

نشر في الصفحة 66

الجمعة 01-نوفمبر-2024

الصفحة الأخيرة

إمام وخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت

عزمه وجرأته يذكرانك بالبراء بن مالك رباطة جأشه وثقته بربه تذكر أنك بخبيب بن عدي، إقباله على الجهاد وإن تخلى عنه الناس يذكرك بأنس بن النضر، بيعه نفسه لله تعالى يذكرك بصهيب بن سنان رضي الله عنهم أجمعين وصدق الله: ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ (الأحزاب: ۲۳) ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ (البقرة: ۲۰۷).

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «طوبى لِعَبْدِ أَخذ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَشْعَثَ رَأْسُهُ، مُغْبَرَّةٍ قَدَمَاهُ، إِن كَانَ فِي الحِرَاسَةِ، كان في الحراسة، وإن كان في السَّاقَةِ كَانَ في السَّاقَةِ، إن اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَن له، وإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَعُ» «صحيح البخاري».

كان يحيى السنوار يرحمه الله تعالى، إذا خطب اهتز عرش الظلمة الصهاينة المحتلين وترقب الناس زلزالًا يقتلع عروق الصهاينة ويحصد غرورهم وغطرستهم، ومذكراته وكلماته القوية تحكي قصة بطولة نادرة طوال حياته التي قضى أكثرها في السجن والاعتقال.

فكتب يرحمه الله: دخلت السجن أول مرة في عام ۱۹۸۸م، وحكم علي بالسجن مدى الحياة لكنني لم أعرف للخوف طريقًا.. في تلك الزنازين المظلمة، كنت أرى في كل جدار نافذة للأفق البعيد، وفي كل قضيب نورًا يضيء درب الحرية.

في السجن تعلمت أن الصبر ليس مجرد فضيلة، بل هو سلاح، سلاح مرير، كمن يشرب البحر قطرة قطرة.

وصيتي لكم: لا تهابوا السجون فهي ليست إلا جزءًا من طريقنا الطويل نحو الحرية.. السجن علمني أن الحرية ليست مجرد حق مسلوب بل هي فكرة تولد من الألم وتصقل بالصبر.. حين خرجت في صفقة «وفاء الأحرار» عام ٢٠١١م، لم أخرج كما كنت، خرجت وقد اشتد عودي وازداد إيماني أن ما نفعله ليس مجرد نضال عابر، بل هو قدرنا الذي نحمله حتى آخر قطرة من دمائنا.

وصيتي أن تظلوا متمسكين بالبندقية بالكرامة التي لا تساوم وبالحلم الذي لا يموت العدو يريدنا أن نتخلى عن المقاومة، أن نحول قضيتنا إلى تفاوض لا ينتهي.

لكنني أقول لكم: لا تفاوضوا على ما هو حق لكم، إنهم يخشون صمودكم أكثر مما يخشون سلاحكم المقاومة ليست مجرد سلاح نحمله بل هي حبنا لفلسطين في كل نفس نتنفسه، هي إرادتنا في أن نبقى، رغم أنف الحصار والعدوان.

وصيتي أن تظلوا أوفياء لدماء الشهداء للذين رحلوا وتركوا لنا هذا الطريق المليء بالأشواك، هم الذين عبدوا لنا درب الحرية بدمائهم، فلا تُهدروا تلك التضحيات في حسابات الساسة، والأعيب الدبلوماسية.(١)[1]

حاصر العدو مكانه، وعلم أن أجله قريب وأصيب وبترت يده، وحمل عصا يتحدى بها الإجرام والطغيان ولم يستسلم.

ذكرني بخبيب بن عدي وقد أسره المشركون وعزموا على قتله، ثبت ثبات الجبال الرواسي ولم يستلم، بل ارتجل هذا الشعر قائلًا:

لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا

قبائلَهُم وَاسْتَجْمَعُوا كُلَّ مَجْمَعِ

وكلهم مبدي العداوة جاهد

عليَّ لأني في وثاقي بِمُضْيَع

وقد جمعوا أبناءهم ونساءَهُمْ

وقُرِّبْتُ مِنْ جِذْعِ طَوِيلٍ مُمَنَّعِ

إلى الله أَشْكُو غُرْبَتِي ثُمَّ كَرْبَتي

وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

هذا العرش صبرني على ما يُراد بي

فقد يضعوا لحمي وقَدْ ياسَ مَطْمَعِي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يُبارك على أوصالِ شِلُو مُمَزَّعِ

وقد خَيَّرُوني الكفر والموت دونه

وقد هَمَلَتْ عَيْنَايَ مِن غَيرِ مَجْزَعِ

وما بي حذار الموت، إني لميت

ولكن حذاري جُحْمُ نَارٍ مُلَفّع

فلست أبالي حِينَ أَقتَلُ مُسلم

على أي جَنْبِ كَانَ في الله مصرعي

ولست بمبد للعـــد و تـخشع

ولا جَزَعًا، إِنِّي إلى الله مَرجِعي

اللهم ارحم وأكرم الشهيد يحيى السنوار، واجعله في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

والله أكبر ولله الحمد..


[1]

(1)    يونس مسكين، وصية السنوار.


الرابط المختصر :