; يوسف العظم يقول في الأردن: منطلقنا ليس أمريكا لأنها تتآمر علينا. | مجلة المجتمع

العنوان يوسف العظم يقول في الأردن: منطلقنا ليس أمريكا لأنها تتآمر علينا.

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 28-أبريل-1970

مشاهدات 84

نشر في العدد 7

نشر في الصفحة 8

الثلاثاء 28-أبريل-1970

يوسف العظم يقول في الأردن:

●     منطلقنا ليس أمريكا لأنها تتآمر علينا.

●     وليس روسيا فتأييدها لن يتجاوز إزالة آثار العدوان

●     إن منطلقنا من رحاب محمد صلى الله عليه وسلم

 

منذ أيام ألقى النائب الأردني الأستاذ يوسف العظم خطابا في مجلس النواب.. نكتفي بنشر الجانب الفكري والتوجيهي الذي ورد في الكتاب مستبعدين ما يتصل بالمناقشة الداخلية لمشاكل الأردن.

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله الأمين:

﴿ وَٱلۡعَصۡرِ (1) إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ (2) إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ (سورة العصر).

 الأخوة النواب المحترمين:

عطوفة الرئيس

منطلقي في كلمتي التي ألقيها بين أيديكم منطلق إسلامي: وكما عودتكم أن تسمعوا مني في هذا المجلس الكريم.. أنطلق من آية كريمة أو حديث نبوي شريف أو موقف لصحابي جليل، واليوم أنطلق من حديث رسول الله عليه السـلام «الساكت عن الحق شيطان أخرس».

منطلقي ليس أمريكيا فأنا أعلم أن أمريكا تتآمر على بلدنا وأنا على يقين أن أمريكا تدعم دولة العدوان بالمال والرجال والسلاح وأن أمريكا لا تبيت خيرا لأية بقعة في ديار الإسلام بحقد جذري كلما ذكر أساطين الإمبريالية في أمريكا عظمة صلاح الدين.

منطلقي ليس بريطانيا فبريطانيا هي أم إسرائيل صاحبة وعد بلفور.

منطلقي ليس سوفياتيا فأنا على يقين أن تأييد السوفيت لنا حتى تزول آثار العدوان، منطلقي ليس مع دولة من دول تحمل من الإسلام اسمه وهي تمد يدها تصافح إسرائيل، منطلقي من رحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

نسمع كثيرا من يقولون إن البلد في أوضاع وبحاجة إلى هدوء، بحاجة إلى ألا نثير مشاكل وقلاقل وقضايا، وإن مثل هذا الرأي لسـلاح ذو حدين. لِمَ نقول للمتألم لا تتألم ولا نقول لحامل السوط لا تضرب بسوطك؟ لِمَ نقول لصاحب الجراح التي تتنزى دما ما بال دمك يسيل ولا نقول لحامل الخنجر الذي يطعن لِمَ تطعن هذا الإنسان؟

منطلقنا في تثبيت الوضع. أن نكون نظيفين، أن نكون أمناء، أن نكون متحملين للتبعة والمسؤولية، نواجه الأمة التي انتخبتنا نحن النواب ونواجه الثقة التي وضعت الوزراء على کراسي الحكم بجرأة وصراحة وإقدام فنترك المجال أن يقال الحق على الأقل في هذه القاعة الصغيرة في حجمها والكبيرة في معناها تحمـل شعارا خالدا

﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ﴾ (سورة الشورى: الآية 38)

لسنا هنا للندب والغناء

يا أخوة من أراد الاستقرار لهذا البلد فليقل كلمة الحق ولا يبالِ، من أراد الهدوء والأمن والخير والنصر والظفر لهذه الأمة فلا يسكتن باسم الحرص على هدوء الأوضاع وننصرف عن مناقشة القضايا.

 أشعر أننا أصبحنا نحسن مضغ الكلام، نحن نمضـغ الكلام مضغا، نتقيأ النصيحة والعبارات، نتكلم كثيرا وما من أحد يسمع، أشعر أننا نحن النواب هنا مسؤولون قبل كل مواطن عن كل ما يقع في البلد، مهمتنا ليست مهمة النواحة التي تبكي في الميتم ولا مهمة المغنية التي تغني في الأفراح. مهمتنا أن لا نبكي في الأفراح ولا نغني في الأفراح ولكن يجب أن نصنع مصير هذا البلد، أن نسهم في بناء هذا البلد، وإلا: فلا داعي لوجودنا على كراسي النيابة ولا داعي لأن نخدع المواطنين الذين انتخبونا وأوصلونا إلى هذا المكان الكريم أن نقول كلمة الحق أو أن نتنحى عن مقاعدنا ليحل محلنا من هم خير منا.

  أنا لا أبرئ نفسي فأنا واحد منكم. ليست مهمة هذا المجلس أن يضفي روحا دستورية على الأخطاء، أن نتخذ منه عكازا نتوكأ عليه ويهش به على القطيع وفي هذا العكاز مآرب أخرى، بل مهمة المجلس أن يقف مدافعا حينا، محاميا حينا، مؤيدا حينا، صامدا ثابتا مع كل من يريد لهذا البلد خيرا، معارضا لكل من يريد بهذا البلد سوءا، نحن لا نعادي أحدا فالعداء بين أبناء الأمة الواحدة أسوأ صفة يمكن أن تكون، نحن لا نخاصم أحدا فأبناء بلدنا أخوة لنا نختلف معهم في الرأي، نختلف معهم في الاجتهاد ولكن ذلك ليس عداوة.. إنها أمنية لا تعد لها أمنية ألا يفسر الاختلاف في الرأي عداوة ولا يفهم الخلاف في المبدأ خصومة.

من هو عدونا؟

 نحن أحباء لكل أبناء بلدنا، نحن عدونا المشترك من داس في رحاب الأقصى، من أحرق الأقصى، وسبعمائة مليون مسلم يتطلعون بينهم مائة مليون عربي كأن شيئا لم يحدث أبدا، عدونا إسرائيل، عدونا الاستعمار، عدونا الإمبريالية العالمية التي تدعم إسرائيل أما أبناء بلدنا فقد يصيبون في الاجتهاد، وقد يخطئون وليس عيبا يا سادتي أن يخطئ الإنسان ولكن العيب كل العيب أن يصر الإنسان على خطئه. أن يصر الإنسان على انحرافه، أن يصر الإنسان على ضلالته.

ثم تحدث سيادته عن أمور مالية تتعلق بشئون الدولــة الداخلية.. وكان رائعا في نقد نفسه وزملائه حين قال:

نحن النواب مخطئون كثيرا وأنا أحد هؤلاء الأخوة، ولا أبريء نفسي عنينا بأنفسنا كثيرا فردنا رواتبنا وأصررنا أن تكون رواتبنا (ليس راتبا أساسيا وبدل تمثيل وإنما دمج بدل التمثيل بالراتب الأساسي ليصبح راتبا أساسيا لكي نطالب في الموازنة القادمة ببدل تمثيل - كان راتب النائب ۹۰ دينارا أساسيا فأصبح ۱۲۰ دينارا أساسيا) لكن الموظف البسيط الذي يتقاضى عشرين أو ثلاثين دينارا، هذا لا نسأل عنه إلا بتوصية جزئية قرأتها مع تقديري العميق للجنة المالية، الموظف يا أخوة الذي يتقاضى مبلغا ضئيلا ينطلق إلى السوق، ومن أمسك منكم بقلم وورقة فليسجل (وحديثي هنا فوق مستوى الأحاديث الخاصة والمصالح الشخصية وقد قلت لإخواني من أين ينطلق ومن أين ينبع) الموظف البسيط الذي يتقاضى عشرين أو ثلاثين دينارا كيف يعيش، إن ذلك معجزة.

 

واختتم خطابه بقوله:

 أمامي وأنا أتصفح التاريخ وأحب أن أعيش في سطوره لكي نستفيد في المستقبل، قصة الرجل العظيم، قصة العملاق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي في كل جلسة ألقي بقصة من قصصه الرائعة لا للتندر والطرفة والحكاية إنما لكي نعيش تلاميذ على ممر يمر فيجد قطيعا من الغنم سمينا فيسأل لمن هذا فيقولون هذا لولدك يا أمير المؤمنين.

 ولد أمير المؤمنين يشتري قطيع غنم؟ بمنطق أي نظام في العالم ليس خطأ أو عيبا أن يشتري ابن الحاكم قطيعا ويتاجر به، ومع ذلك ورع عمر الكبير ومع ذلك خلق عمر العظيم يصر ألا أن يبحث عن ولده فيؤتي به.. ويحك فلان؟ هذا قطيعك؟ نعم يا أمير المؤمنين، وما في ذلك؟ أيمنع الإسلام أن يكون لابن أمـير المؤمنين قطيع من الغنم؟ قال ويحك يا بني أنت تذهب إلى السوق ثم تنطلق إلى المراعي فيقول الناس: افسحوا لقطيع ابن أمير المؤمنين، دعوا قطيع ابن أمير المؤمنين يرعى في البقعة الصالحة. الكلأ الطيب لقطيع ابن أمير المؤمنين عند ورود الماء يفسح لك، والله لتبيعنه: ويباع قطيع أمير المؤمنين لأن عمر المؤمن أكبر من الحكم وأكبر من المسؤولية وأكبر من سلطة الخلافة.

الرابط المختصر :