العنوان يوميات المجتمع (30)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 06-أكتوبر-1970
مشاهدات 16
نشر في العدد 30
نشر في الصفحة 10
الثلاثاء 06-أكتوبر-1970
يوميات المجتمع
المسلمون المعتقلون بالاتحاد السوفييتي متى يُفرج عنهم؟
زار شيخ الأزهر الدكتور/ محمد الفحَّام الاتحاد السوفييتي مؤخرًا، وقام بزيارة طشقند، ومنذ أن وضع الشيخ الفحَّام قدمه مع مرافقيه، من رجال الأزهر، حدثت أمور كثيرة ذات مغزى عميق.
• فعندما هبطت الطائرة أرض المطار في «طشقند»؛ لم يكن في استقباله سوى مجموعة قليلة العدد من الرجال المعمّرين ذوي اللحى البيضاء الطويلة، يُوحي منظرهم كما لو كانوا بقية منقرضة من جيل جرت عليه أعاصير أسطورية.
• وبرغم أن هؤلاء يمثلون عنصر الإمامة لتعداد المسلمين البالغ «٢٨ مليونًا» بحسب إحصاءات شبه رسمية..!!، إلا أنهم لا يعرفون من اللغة العربية سوى كلمتين فقط هما «السلام عليكم» ومعنى ذلك واضح وبسيط ،هو أن اللغة العربية ممنوعة من التداول، فليست لها معاهد ولا تتداول حتى داخل البيوت فيما بين الأسرة الواحدة.!!؟.
• آیات قرآنية تجتاز الجليد
• وفي يوم الجمعة عندما أخذ الشيخ محمود الحصري في تلاوة القرآن الكريم إذا بالعشرات من «الشباب» يتحلقون حوله، ويجلسون تحت المنصة التي يتلو عليها ويلتمسون أقرب الأماكن إليه، وغصَّ مسجد «طلا شیخ» بما يقرب من خمسة آلاف مصلٍ.
وما إن لعلع صوت المقرئ بآيات الكتاب الكريم التي احتجزتها جبال الجليد الرهيبة طويلًا، حتى حدثت المفاجأة.. وأيّ مفاجأة!!.
• نهر دافئ تحت الجليد...
إن نهر الإسلام الباطني الدافئ تحرك دموعًا في المآقي، بكى بعض المصلين، وسرت كهرباء العاطفة المتدينة المكتومة عشرات من السنين.
• تزايد عدد الباكين، «تحول البكاء إلى نحيب، تجمعت النساء في النوافذ وشاركن في البكاء»، وثارت دهشة الوفد الزائر لهذا المنظر المفجع ودلالاته.
• ويقول أحد المرافقين الصحافيين في الرسالة التي بعث بها إلى جريدة مصرية: «أثار دهشتنا هؤلاء المسلمون السوفييت استقبالهم لتلاوة القرآن بهذه الصورة، لم يخطر لنا على بال، واحترامهم للغة القرآن يفوق كل حد، إذا عثر واحد منهم على قصاصة ملقاة تحمل حروفًا عربية فإنه يلتقطها وينظفها، ويضعها في أعلى مكان يستطيع أن يصل إليه..!!».
• هل يطلب الأزهر من الاتحاد السوفييتي تحسين أحوال المسلمين هناك؟
• أسماء الأبناء.. تحدٍ واضحٌ
إن الأسماء التي يُرصع بها الآباء البعث المنتظر للمسلمين في الاتحاد السوفييتي توضح التحدي المكتوم والمقاومة الإسلامية ضد الفناء في جليد الشيوعية الروسية، إن أسماء الأبناء تدور هكذا..«مصلح الدين، شمس الدين، حميد الدين، عطاء الله، حبيب الله، عبدالله، ضياء الدين، نور الله، لطف الله..إلخ».
إن الأسماء تشكل ذلك التعلق البالغ بالدين الإسلامي؛ رغم الاضطهاد المروّع الذي لقيه المسلمون خاصة في العهد الستاليني.
• شريفة فاضل تستقبل شيخ الأزهر في تاجكستان
وعندما وصل الشيخ الفحَّام ومرافقوه إلى تاجكستان؛ دعاهم قاضي الجمهورية الإسلامية إلى العَشاء، وفُوجِئ الشيخ ومن معه بصوت شريفة فاضل المغنية المصرية يملأ جو المكان، وكانت صدمة يقول الصحافي المرافق: «أراد الرجل أن يحتفي بنا، فأسمعنا تسجيلًا لأغنية مصرية لا يعرف معناها»، كل ما يعرفه أنه سجلها من راديو القاهرة، وأن إذاعتها ساعة استقبالنا قد يكون نوعًا من التكريم.
حسن نية هذا الرجل، فهو لا يعرف كم خجلنا من كلمات الأغنية، كم تمنينا أن يصاب الجهاز بخرس مفاجئ، أو ينقطع التيار الكهربائي عنه وسط آسيا في تلك اللحظات.
• حياة متواضعة..
ويتحدث المرافق الصحافي عن حياة جموع المسلمين هناك بأنها «حياة متواضعة»، وهذا تعبير مهذبٌ مسلٍ بالنسبة لحقيقة ما يعانيه هؤلاء المسلمون في منطقة من أخصب مناطق الاتحاد السوفييتي، وحيث تعتبر هذه المنطقة مزرعة قمح الاتحاد السوفييتي، إن المسلمين هناك تشرف عليهم ٤ إدارات دينية مهمتها الحقيقية مراقبة أي اخضرار في شجرة الإسلام في الجليد الروسي في الجمهوريات الإسلامية الخمسة:
• أوزبكستان، تاجكستان، قازاقستان، کرغستان، تركمانستان.
ترى هل يستطيع الأزهر من خلال الرؤية المباشرة لأحوال المسلمين هناك، التي تخفي أكثر مما تظهر، أن يطرق أبواب الكرملين الضخمة يُطالب ولو بتواضع بتحسين أحوال المسلمين هناك، وإرسال البعثات للأزهر وفتح المدارس لتعليم اللغة العربية؟!.
• لقد تحرك «البابا» في الأسبوع الماضي؛ من أجل الذين اختطفوا في حوادث الطائرات التي هبطت في الأردن، مما يثبت حقيقة وحدة العالم المسيحي.
فهل يستطيع شيخ الأزهر أن يتحرك من أجل ملايين المسلمين الذين أُهيل عليهم جليد النسيان عشرات من سنين الكآبة المظلمة؟؟.
========
«إن الأحزاب الشيوعية لا زالت تقتنع بشرعية الوجود الإسرائيلي في أرض فلسطين العربية، حيث إن بيان المؤتمر العالمي للأحزاب الشيوعية؛ الصادر حول العدوان الإسرائيلي على البلدان العربية، لم يدن الوجود الإسرائيلي مطلقًا، وإنما أدان الأوساط القائدة في إسرائيل!»...
كامل الركابي
عن مجلة «الأحرار» اللبنانية
عدد ٦٨٦- ١٩/٥/٧٠م، ص ٢
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل