; 3 مخاطر على طريق العمل الإسلامي | مجلة المجتمع

العنوان 3 مخاطر على طريق العمل الإسلامي

الكاتب كلزار أحمد المظاهري

تاريخ النشر الثلاثاء 09-مارس-1971

مشاهدات 45

نشر في العدد 50

نشر في الصفحة 26

الثلاثاء 09-مارس-1971

 

1-الشيوعية.
2-الصليبية واليهودية.
3-القاديانية والأحمدية.

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد الأمين خاتم النبيين وآله وأصحابه الطاهرين، ومن دعا بدعوته وعمل بسنته إلى يوم الدين. وبعد،
لا يخفى على أحد ما آل إليه أمر هذه الأمة من الانهيار الروحي والتدهور الخُلقي.
والذي نشاهده اليوم هو أنّ المسلمين أصبحوا كأنهم تناسوا الهدف النبيل الذي أخرجهم الله لأجله كما قال تعالى في كتابه ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾. (آل عمران: 110) وهذا هو المصير المحتوم لكلّ أُمة تتخلَّى عن أسباب الحياة الحيوية كالتفكير والبحث والاكتشاف والاستنباط وجمع القديم من العلـوم واللهث ساعيةً وراء اكتشاف الجديد، فيصيبه الجمود ويطرأ عليه الركود الذي يفضي إلى التدهور والزوال وسيطرة الأجانب عليه في نهاية المطاف.

وإذا فرض شعبٌ من الشعوب سيطرته وهيمنته على شعب آخر فلا تقتصر هذه السيطرة على النواحي السياسية أو الاقتصادية بل تتعدَّى إلى المجالات الفكرية والذهنية أيضًا. وبتعبير آخر إنّ حضارة الشعب الحاكم أيضًا تغلب على حضارة الشعب المحكوم سياسيًا. ثم تعقب هذه المرحلة مرحلة أخرى يأخذ فيها الشعب المنهزم يحاكي الآخرين ويتبعهم ويعيش على فتات مائدتهم. فالآخرون هم الذين يقومون بالبحث والاكتشاف، وهم الذين يستنبطون وينقِّبون، وهم الذين يضعون فلسفات للحياة ومناهج للتفكير ويجيء الشعب المحكوم يتبعهم ويخضع لكلّ ما يأتي إليه منهم.

 

وهذه التبعيَّة كلَّما تعمَّقت جذورها وتوسَّع نطاقها في هذا الشعب تذوب شخصيَّته ويتهلهل كيانه إلى أن يُكتَب له الفناء، وهذه سُنة الله في الأرض ولن تجد لسنة الله تبديلًا.
وإنّ الذي نراه اليوم من شدّة ولوع المسلمين بالفلسفة للحياة ونظمها التي وضعها عباد الآلهة العصرية من القومية والاشتراكية واللادينية هو يرجع إلى أنّ المسلمين قد تنكّروا لنظرية الحياة الإسلامية وعادوا ينساقون وراء الأفكار الهدّامة والنظم الفاسدة. وقد انتهى بهم الأمر أنّهم أصبحوا مهدَّدين بالسيل الجارف من الشيوعية الكافرة في جانب، وأصبحوا عُرضة للمؤامرات التي تنسج خيوطها الإرساليَّات المسيحية واليهودية العالمية باستخدام جميع وسائل المَكر والدهاء والفتك لردّهم عن الإسلام، بل للقضاء على كيانهم. وهناك مؤامرة ثالثة تُدمِّر الحياة الإسلامية في هذه البلاد وتُعتبر الوجه الكالح للمؤامرات المسيحية والصهيونية وهي «القاديانية».

ثلاثة أخطار تهدِّد العالم الإسلامي
وخلاصة القول أنّ العالم الإسلامي مُحاط في الوقت الحاضر بأخطار ثلاثة جسيمة تهدف إلى توهين العالم الإسلامي وتفكيك عُراه وتمزيق صفوفه في كلّ شعبة من شعب الحياة بتنكيس رسالة الإسلام الخالدة وترويج الأفكار الباطلة والنظريات المُستوردة. وإنْ تعجب فاعجب أن الأُمة الإسلامية التي أُخرجت لأن تنشر الرسالة التي أرسَلها إليه رب العالمين في العالم كله هي فضلًا من أن تكون مشمرة عن ساق جدّها في مجال الدعوة والتبليغ تنكّب أمرها وأصبحت هي مجالًا خصبًا لدعاة البـاطل الذين شرعوا يردّون الكثير من أفرادها عن الإسلام. كأنَّ المسلمين فقدهم الإحساس وصار مثلهم كمثل صاحب البيت الذي ينام نومة العروس واللصوص يعملون أيديهم في النهب والسلب. وإنّ المسلمين الذين كانوا مَدعوين إلى إخراج غيرهم من متاهات الظلمات إلى النور صار إيمانهم أنفسهم مهدّدًا بخطر الارتداد. وأمَّا الأخطار الثلاثة التي أشرتُ إليها آنفًا هي:

الخطر الأول الشيوعية:

لا يجهل كلّ فرد واعٍ نابهٍ من أفراد المسلمين بالسيل الجارف عن الشيوعية، الذي بدأ يكتسح هذه البلاد الإسلامية بشكل مُروِّع. وممَّا يدعو إلى الأسف هو أنّ العلماء والمشايخ لا يزال شُغلهـم الشاغل إثارة المجادلات الطائفية والخوض في معارك الخلافات الدينية. وهم بأعمالهم هذه تسبّبوا في دفع الشباب الذين لا يعرفون من الإسلام إلَّا اسمه إلى أحضان الشيوعية.
والذي يشهد عليه التاريخ أنّ العلماء كلَّما أوغلوا في المناقشات الفرعية والأمور التي ليست لها علاقة بأصل الدين، أدَّى هذا الأمر إلى النتائج الوخيمة والعواقب المُرّة في حق الإسلام، بينما كان من واجب علماء المسلمين أن يُشعروا الناس بالمضاعفات الخطيرة للظلام الحالك الذي يوطِّد دعائمه في المجتمع باسم «النور والتفتُّح» ويطلعوهم على المصير الذي صار إليه أمر البُلدان الإسلامية التي احتضنت الشيوعية وتساهلت في بابها: ماذا حلَّ بالمسلمين فيها على أيدي الشيوعيين، وكيف تردُّوا إلى هوَّة سحيقة من الاضطراب والقلق والدمار والخراب باسم النعرات المزيّفة من السلام والتعايش السلمي!، وأصبح في النهاية من المُتعذَّر إنقاذهم منها، وخذ لذلك مثلًا الصين الشيوعية -التي لا شكّ في أنّها ساعدتنا في الحرب التي نشَبت بين باکستان والهند سنة ١٩٦٥م ونحن نُقدِّر هذا الموقف المُشرِّف كلَّ التقدير إلَّا أنَّه ليس معنى ذلك أن نستسلم لنظامها السياسي ونبيع أنفسنا وديننا وحضارتنا وتقاليدنا مقابل هذه المساعدة- فإن الحراس الحُمر فيها عرضوا على المسلمين عشرة شروط للعيش فيها بأمان. وإنّ النظرة العابرة على هذه الشروط لتكفي أن تعرف مدى ما يؤول إليه أمر البلاد التي فرضت عليها الشيوعية سيطرتها.

 وهذه الشروط هي كما يلي:

1-                       على المسلمين أن يُغلقوا مؤسَّساتهم الدينية.

2-                       وعليهم أن يقفلوا جوامعهم ويُسلِّموا أموالهم الوقفية للحكومة.

3-                       وأن لا يطلبوا أيَّة امتيازات للأئمَّة والخطباء بل يرسلوهم إلى المعسكرات الجماعية للعمل فيها.

4-                       وأن يتخلوا عن أداء الشعائر التعبدية كالصلاة وتلاوة القرآن.

5-                       وألا يقيموا المناسبات الدينية كعيد الفطر وعيد الأضحى.

6-                       وأن يحرقوا جثث موتاهم بدل أن يدفنوها لأن الصين لا مكان فيها لدفن الموتى.

7-                       وألا يقيموا المناسبات التقليدية في أفراحهم وأتراحهم.

8-                       وألا يذبحوا الحيوانات على طريقة الذبح الإسلامية.

9-                       وألا يبرزوا أي مكان أو بناء كبناء ديني مُقدَّس.

10-وأن ينسوا القرآن نهائيًّا ويتخلُّوا عنه.

والذي حدث في الصين الشيوعية حدث في تركستان المسلمة التي كانت تضمُّ ثمانين مليونًا من المسلمين فتقاسمها اليوم روسيا والصين الشيوعية. إذ الأولى تسيطر على تركستان الغربية، والثانية على تركستان الشرقية وتسميها «سنكيانغ» وكانت هذه المنطقة إلى ما قبل خمسين سنة تُسمَّى بتركستان المسلمة.

الخطر الثاني: المسيحية واليهودية:

والخطر الثاني هو المسيحية التي تتكتَّل مع اليهودية وتُشكِّل خطرًا مزدوجًا ضدّ الإسلام والمسلمين. وكم من مسلم قد ارتدَّ عن الإسلام واعتنق المسيحية وكم من مسلم صار إيمانه مُهدَّدا بالخطر بسبب دعاية البعثات المسيحية المضلِّلة ووسائلها الخبيثة الماكرة. إنّ عدد المسيحيين في العالم الإسلامي في ازدياد متواصل والبعثات المسيحية لا تترك وسيلة من وسائل الخدع والمكر والأطماع والتخويف لردِّ المسلمين عن الإسلام. وعلى رأسها ثلاثة وسائل تستخدمها البعثات المسيحية في هذا الصدد: 1- المستشفيات 2- المدارس

3- المكتبات.

المستشفيات المسيحية:

أمَّا المستشفيات المسيحية فيعالج فيها المرضى إمَّا بالمجان أو مقابل أُجرة رمزية. ويُعطَى فيها المريض جرعات من المسيحية بجانب الحبوب والإبر والشراب. ولعلَّ المريض قد ينال الصحة في هذه المستشفيات إلَّا أنَّه يُصاب بداء آخر وهو الضعف في عقيدة التوحيد والميل إلى عقيدة التثليث. وقد علمنا أن الأطباء المسيحيين الذين غالبًا ما يكونون أداة طيعة للمُبشِّرين المسيحيين يناولون المريض الشراب الأحمر وينصحون له أن يشربه باسم رسوله الذي يؤمن به. ولكن هذا الشراب لا يعدو أن يكون ماءًا لونه أحمر، وإذا لا يصح المريض من تناول هذا الشراب يعطونه الشراب الخالص ويقولون إن يشربه باسم المسيح. هكذا بهذه الطريقة الماكرة يقنعون المريض بأنَّه لم ينَل الصحة باسم رسوله بينما المسيح قد أسبغ عليه ثوب الصحة. وإنّ هذا المريض وإن لم يعتنق المسيحية كعقيدة ودين إلَّا أنَّه سيصبح ضعيفًا في عقيدة التوحيد.

وهذه الوسائل الماكرة تُستخدَم على أوسع النطاق في جميع البلدان في آسيا وأفريقيا.

المكتبات المسيحية:

والوسيلة الثانية التي تستخدمها البعثات المسيحية هي المكتبات. وقد أقامت البعثات المسيحية عددًا لا يُحصى من المكتبات في كلِّ ناحية من أنحاء العالم. وهي تهدف إلى نشر الكتب والرسائل المسيحية. كما أنّ هذه المكتبات تبيع بضائع أخرى أيضًا وما تكسب منها من منافع تُصرَف في نشر الدعاية المسيحية.

وتصدر الكتب والرسائل المسيحية بمختلف اللغات في العالم بكثرة كاثرة وتوزع على أوسع المدى حيث أصبح الشباب يقرءونها ويتأثّرون بها.

المدارس المسيحية:

والوسيلة الثالثة هي إقامة المدارس من جميع الدرجات من المدارس الابتدائية والمتوسطة والتوجيهية والإعدادية والكليات ومعاهد المعلمين. وتوجد المدارس المسيحية بكثرة.

وتقصد الإرساليات المسيحية من إقامة هذه المدارس تنصير الأولاد والشبان المسلمين.

ونعطيكم في ما يلي معلومات موجزة عمَّا في نيجيريا الشمالية فقط للإرساليات المسيحية من المدارس والمعاهد:

-         عدد المدارس الابتدائية: 2607 مدرسة. منها: 1466 مدرسة حكومية، و 1129 مدرسة للإرساليات المسيحية و12 مدرسة فقط للمسلمين.

- عدد المدارس الثانوية: 77، منها: 35 للحكومة و35 للإرساليات وليست للمسلمين فيها مدرسة ثانوية.

- عدد معاهد تدريب المسلمين: 55، منها: 27 للحكومة و28 للإرساليات كما ليس للمسلمين فيها أي معهد لتدريب المعلمين.

وكفاكم أن تعرفوا من هذه الإحصائيات: على أي مدى تُبذَل الجهود لدفع الأولاد المسلمين إلى أحضان المسيحية. وقد ضربنا لكم مثال البلد الواحد. ونفس الوضع يسود البلدان الأخرى في آسيا وإفريقيا. وأصبحت المدارس المسيحية معقلًا خطيرًا لنشر الارتداد في المسلمين. وأنّ الأولاد الذين يتخرَّجون من هذه المدارس تتزعزع في قلوبهم دعائم الإسلام وتساورهم شُبهات حوله ولو لم يعتنقوا المسيحية علنًا إلَّا أنَّهم يصيرون من حيث التفكير والعمل كأنَّهم لا فرقَ بينهم وبين المسيحيين.

انتشار المسيحية في باكستان:

وعليكم الآن أن تنظروا نظرةً عابرة في مدى نشاط الإرساليات المسيحية في باكستان لتعرفوا النسبة المدهشة التي حقَّقتها الإرساليات المسيحية في زيادة عدد المسيحيين. وممَّا يدعو إلى الأسف والغرابة أنّ باكستان هي في قمَّة البلدان التي انتشرت فيها المسيحية بسرعة هائلة.

والدليل على ذلك أنَّ الأمين العام لرابطة المسيحيين في باكستان حينما كان هناك طالَب حكومة باكستان الغربية سنة 1963 م بتحديد المقاعد للنوَّاب المسيحيّين في البرلمان كان أعلن أن عدد المسيحيين في باكستان الغربية فقط يزيد على مليون نفر.

البقية في العدد القادم

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 4

137

الثلاثاء 07-أبريل-1970

قضَايا ومشكلات..

نشر في العدد 8

169

الثلاثاء 05-مايو-1970

حول العالم - العدد 8