العنوان 9 أولويات للخطاب الديني للمسلمين في الغرب
الكاتب هاني صلاح
تاريخ النشر الجمعة 01-سبتمبر-2017
مشاهدات 22
نشر في العدد 2111
نشر في الصفحة 36
الجمعة 01-سبتمبر-2017
رئيس مجلس اتحاد أئمة الألبان في سويسرا لـ«المجتمع»:
الخطاب الديني يجب أن يكون شمولياً وليس إقصائياً ولا مذهبياً ولا أيديولوجياً
يجب أن يعامل الخطاب الإسلامي المسلمين بمنطق المواطن العادي وليس المهاجر
لا بد للخطاب الديني بالغرب مراعاة التعددية الدينية والفكرية والحرية في الاعتقاد والتعبير
يجب إجراء حوار بين الدعاة في كل دولة للنقاش حول القضايا التي تهم الأمة
أكد د. باشكيم علي، رئيس مجلس اتحاد أئمة الألبان في سويسرا، ورئيس لجنة الفتوى التابعة للاتحاد، أن هناك تسع أولويات ينبغي أن يراعيها الخطاب الديني للمسلمين في الغرب، وذكر من بينها أن يكون الخطاب الإسلامي انفتاحياً وشاملاً، ويتطرق لقضايا مجتمعية تهم أبناء المجتمع الغربي من المسلمين وغيرهم، باعتبار أن رسالة الإسلام إصلاحية تسعى لخير الناس كافة.. جاء ذلك خلال حواره مع «المجتمع»، حول أولويات الخطاب الديني العام للمسلمين بالدول غير المسلمة (سويسرا نموذجاً).
< بداية؛ ما الأسس العامة التي ينبغي أن يبنى عليها أي خطاب إسلامي عام في كل زمان ومكان؟
- هذا سؤال مهم وعام، وقد أجاب عنه العلماء في القديم والحديث أكثر من مرة وفي أكثر من كتاب، ومن جانبي أخص بالذكر هنا الأسس التالية:
ينبغي أن يكون الخطاب الديني مبنياً على العلم بالدين، أن يكون ناقله صادقاً، أن يكون الخطاب شمولياً من عدة جوانب وليس إقصائياً ولا مذهبياً أو أيديولوجياً، أن يكون واقعياً متضمناً للواقع ومتصلاً به، أن يكون وسطياً ومعتدلاً؛ فهذه هي خصوصية الأمة الإسلامية والشريعة الإسلامية، وينبغي أن يكون إيجابياً منفتحاً بنَّاءً، كما ينبغي أن يؤسس على الإقناع والحوار وليس الفرض أو التسلط، وأن يكون مبنياً على الأدلة والتجارب، أن يكون دقيقاً في التعبير، ولا ينبغي أن يكون انفعالياً، كما لا بد أن يكون حيوياً بحيث يتطرق إلى قضايا مهمة وواقعية ويعالج مشكلات تشغل بال الإنسان في هذا العصر، ويجب أن يكون واضحاً في نقل الرسالة، ومميزاً في التعبير عن المقصود، وجذاباً غير ممل، ومنفتحاً على إنجازات العصر.
< برأيكم؛ ما أهم أولويات الخطاب الديني للمسلمين بالدول غير الإسلامية (الأقليات المسلمة) حول العالم في عصرنا الحالي؟
- الحديث عن أولويات الخطاب الديني للمسلمين بالدول غير الإسلامية (الأقليات المسلمة) حول العالم ينبغي أن يتم على ضوء مبادئ الدعوة الإسلامية كأساس وأصل ثابت في كل ما يتعلق بالقضايا الإسلامية أولاً، وثانياً على ضوء المتغيرات على الساحة الدولية عامة، وداخل كل مجتمع بعينه خاصة، والأخذ بعين الاعتبار لأهمّ المتغيرات على الساحة الداخلية في كل مجتمع والخارجية ذات الأثر على المجتمعات المسلمة في الغرب، لنصل بعد ذلك إلى صورة أكثر مصداقية لأولويات الخطاب الديني للمسلمين بالدول غير الإسلامية حول العالم في ضوء هذه المتغيرات، وما هو مطلوب من المسلمين.
والحديث عن هذا الأمر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بواقع المجتمعات المسلمة في الغرب من حيث وجودها وهمومها وأثرها، والعوامل التي لها أثر على الوجود الإسلامي، وعلى تطور هذه المجتمعات المسلمة في ظل الواقع المباشر وطبيعة الحياة في العالم المعاصر المتغير بسرعة مذهلة، وكذلك الخصائص الثقافية والحضارية للمجتمع المعني.
وعليه؛ فإن الخطاب الإسلامي ينبغي أن يكون حكيماً، ومقنعاً، ودقيقاً، وواضحاً، وعميقاً، ومبرهناً في التعبير عن نفسه، ومراعياً للواقع المحيط به، ومستخدماً وسائل مختلفة.
وفيما يلي نسجل بعض ما نراه كأولوية للخطاب الديني للمسلمين في الغرب:
1- أن يكون الخطاب الديني منفتحاً على المجتمع، وأن يعبر بوضوح وعقلانية عن طبيعة معتقدات المجتمعات المسلمة وحقيقة مواقفها.
2- أن يطرح قضايا فكرية واجتماعية تتعلق بالإسلام والمسلمين وتحتاج إلى بيان وإيضاح.
3- أن يطرح قضايا فكرية عامة التي لا تهم الجماعة الإسلامية فحسب، بل المجتمع بأسره.
4- أن يعامل الخطاب الإسلامي المسلمين بمنطق المواطن العادي في المجتمعات الغربية، وليس بمنطق المهاجر الذي يرى نفسه دائماً أجنبياً عن المجتمع الذي انتقل إليه؛ أي التأكيد على المواطنة؛ حقوقاً وواجباتٍ.
5- في ظل الحملات التي تشوّه صورة الإسلام والمسلمين بناء على دعوات تأتي ممن ليس مرجعاً دينياً مقبولاً وموثوقاً به لدى المسلمين، فمن أولويات الخطاب الديني للمسلمين في الغرب أن يعمل على ترسيخ الفهم الإسلامي الوسطي.
6- على الخطاب الديني للمسلمين في الغرب التوجه الواضح فيما يتصل بالجوانب التربوية والروحية والخلقية.
7- أن يؤسس لبناء شخصية إسلامية تنطلق من مبادئ الإسلام، وتعتني بمقتضيات الاندماج الإيجابي في المجتمع، مقتنعاً أنه ليس هناك تعارض بالنسبة للمسلم بين ما عليه من واجب الولاء لدينه، وما يقتضيه منه عقد المواطنة الصالحة.
8- لا بد له أن يراعي التعددية الدينية والفكرية في المجتمعات الغربية، وحق الحرية في الاعتقاد والتعبير كمكون أساسي ومركزي للمنطق وللثقافة الغربية، وينتج عن هذا الاتجاه تفعيل الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى، وهو أيضاً لا يخرج عن فقه القرآن لمحاورة أهل الكتاب بالتي هي أحسن.
9- ومن أولوياته الجواب عن عدد من القضايا والتساؤلات المثارة في الساحة الغربية، التي تنتظر أجوبة واضحة ومقنعة، ومن بين هذه القضايا: الموقف من الآخر، وحقوق غير المسلمين في المجتمعات الإسلامية، والحرية الدينية، وما يسمى بـ«الإسلام السياسي»، أو علاقة الدين بالسياسة في الإسلام، ومسألة تطبيق الشريعة الإسلامية في ظل مجتمعات غير إسلامية، قضية المرأة ومساواتها مع الرجل وحريتها.. وغير ذلك.
< هل تعتقدون أن لكل منطقة جغرافية أولويات خاصة (إضافية) لخطابها الديني؟ وماذا عن ذلك لمسلمي سويسرا؟
- نعم، أعتقد بأن لكل منطقة جغرافية على مستوى القارة، وكذلك على مستوى الدولة أولويات خاصة وفقاً لخصوصية الواقع والبيئة التي تعيش فيها كل أقلية مسلمة.
بالنسبة لحالة سويسرا، فمن أولويات الخطاب الديني التعرض لمسائل اجتماعية؛ مثل العمل والبطالة وموقف الإسلام من الخيانة في قضايا اجتماعية، وعدم الصدق مع الجهات الرسمية بالنسبة للعمل والبطالة والاستفادة من التعويضات والمساعدات الحكومية للعاطلين عن العمل، وكل ذلك حتى لا يكون هناك تجاوز للخطوط المسموحة في هذا المجال، وفي الآونة الأخيرة هناك شكوك من الجهات الرسمية في سويسرا فيما يتعلق بالمستفيدين للمساعدات الحكومية للعاطلين عن العمل، والتعويضات بسبب المرض وغيرها.
وهناك تساؤلات حول حقيقة العاطلين عن العمل، وباب سؤالهم: هل هم لا يجدون عملاً، أم لا يجتهدون للحصول على العمل ولا يبحثون عنه؟ كذلك بالنسبة للمستفيدين من التعويضات بسبب المرض؛ هل هم حقيقة مرضى إلى حد لا يمكن معه العمل، أم هناك غش وخداع في هذا الأمر؟
بناء عليه، الخطاب الديني ينبغي أن يتناول هذه الموضوعات المثارة على أرض الواقع من وجهة النظر الإسلامية؛ حتى لا يظن أحد أن الإسلام يوجه أصحابه لهذا التعامل «السلبي» بناءً على أن المجتمع السويسري والأوروبي بشكل عام مجتمع غير مسلم!
< بناء على ما سبق، ووفقاً لمسؤوليتكم الدعوية/ الإدارية عن شريحة مهمة من الأئمة (الألبان) في سويسرا، كيف يمكن ضبط الخطاب الديني للأئمة والدعاة والتزامه بهذه الأولويات؟ وهل من تجارب عملية لكم في هذا المسار؟
- هناك عدة طرق لتحقيق هذا الأمر، وأرى أن على كل منطقة؛ أي على المسؤولين عن العمل الإسلامي والممثلين للمسلمين في مختلف الدول، أن يحددوا كيفية وضع وسائل عملية لتحقيق هذا الأمر.
نحن في سويسرا تحت مظلة اتحاد أئمة الألبان في سويسرا نحقق هذا عن طريق إقامة دورات للأئمة لضبط الخطاب الديني؛ وكذلك تزويدهم باستمرار بتوجيهات حول قضايا ساخنة على الساحة الداخلية والخارجية التي تحتاج إلى توضيح، عادة تُذكر بعض النقاط المهمة التي ينبغي أن تراعى خلال طرح الموضوع أمام الناس والأمور التي ينبغي الحذر في التعامل معها.
ويمكن أن تكون هناك وسيلة مهمة في هذا الاتجاه؛ وهي تحضير خطب منبرية ونشرها قبل يوم الجمعة في الصفحات والمواقع الخاصة بالمساجد أو المنظمات الإسلامية.
< ما مقترحاتكم للأئمة والدعاة في العالم لتحديد أولويات خطابهم الديني أولاً، ثم الالتزام بذلك ثانياً على المستوى العملي في دروسهم وخطبهم؟
- لا يمكن أن يتم ذلك دون الآتي:
أولاً: إجراء حوار داخلي داخل المجتمع المسلم في كل دولة، خاصة بين القائمين والمسؤولين على المراكز أو المساجد أو المنظمات الإسلامية، لا بد من القيام بنقاش بنَّاء وجدي وموجه حول الخطاب الإسلامي والقضايا التي تهم الأمة المسلمة خاصة في الغرب بين الرموز الإسلامية في الغرب من ناحية، وبينهم وبين علماء ومفكرين مسلمين في العالم الإسلامي.
ثانياً: تكوين منظمة إسلامية تضم كل أو معظم المنظمات والمراكز الإسلامية والمساجد، وكذلك شخصيات إسلامية مستقلة، الذين لهم جهود ولو فردية في العمل الإسلامي في المنطقة المعنية، وهذه المنظمات تسمى «المنظمة المظلة» أو «الاتحاد» أو «رابطة»، وضمن هذه المنظمة الظل تشكل لجان من مختلف كوادرها تهتم بقضايا تشغل بال الجماعة لإسلامية في المجتمع المعني، ويبقى الأمر المهم هو تأهيل الدعاة والأئمة عن طريق إقامة دورات لكي يواجهوا التحديات بنجاح ويؤدوا دورهم على الوجه الأكمل.>
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكلالتركيز على الواقع.. أولى أولويات الخطاب الديني للأقليات المسلمة
نشر في العدد 2111
19
الجمعة 01-سبتمبر-2017