; «الحوض المقدس» | مجلة المجتمع

العنوان «الحوض المقدس»

الكاتب عبد الرحمن فرحانة

تاريخ النشر السبت 16-يونيو-2007

مشاهدات 8

نشر في العدد 1756

نشر في الصفحة 18

السبت 16-يونيو-2007

ملف خاص

40 عامًا على ضياع القدس

أحدث مخططات إحكام السيطرة على القدس

  • أربع نظريات تحكم الرؤية الصهيونية لإزالة الأقصى 

  • فتوى يهودية: إذا لم يبنْ الهيكل مع نهاية عام ٢٠٠٧م فإن غضب الله سيحل على اليهود

  • رغم سياسات التهجير تراجعت نسبة اليهود سكان القدس من 74% عام ١٩٦٧م إلى 66% عام ٢٠٠٥.. وارتفعت نسبة المقدسيين العرب من 26% إلى 34%․

  • استطلاع صهيوني:  80% من اليهود يرون أن القدس «مركز الشعب اليهودي»․․ و90% رأوا ضرورة بقاء المدينة ذات أغلبية يهودية و11% رأوا إمكانية التنازل عن حائط البراق «المبكى».

  • بحث «إسرائيلي»: نسبة النمو الطبيعي لدى اليهود في المدينة وصلت إلى 140% مقابل 257% لدى العرب منذ عام ١٩٦٧م.

  • مركز القدس لدراسات «إسرائيل»: بحلول عام ٢٠٢٠م نسبة اليهود ستنخفض إلى 60% والعرب 40%․․ وفي ٢٠٣٥م ستصبح نسبة العرب 50%․

ذكرت صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر في 14/5/2007م أن عشرات من حاخامي الصهيونية الدينية دخلوا ساحة المسجد الأقصى المبارك، وكان على رأسهم كبار حاخامي الصهيونية الدينية، أمثال الحاخام «دوف لينور». رئيس لجنة حاخامي المستوطنين، والحاخام «آفي جيشر» والحاخام «يعقوب مدان».. والحاخام «أهرون أرئيل».

وتعد الزيارة تحولًا جذريًّا في «الإجماع الشرعي» الواسع الذي كانت تلتقي فيه الحاخامية الرئيسة للدولة مع التيار الديني الأصولي، الذي يحرم دخول اليهود ساحة الأقصى. وينبع ذلك التحريم لعدم معرفة مكان قدس الأقداس، الذي يخشى من وطنه وتدنيسه.

وقد عززت هذه الخطوة فتوى دينية أصدرها ثلاثة من أهم الحاخامات في التيار المركزي للصهيونية الدينية..

والأهم من ذلك أن الحاخام «يعقوب أرئيل» وهو من كبار رجال الفتوى للصهيونية الدينية، وكان مرشحًا لمنصب الحاخام الرئيس للدولة، قد أفتى بجواز دخول ساحة الأقصى حاليًّا.

بناء الهيكل

وعقب اقتحام الحاخامات لساحة الأقصى ثار جدل فقهي وسياسي حول جدوى الخطوة وشرعيتها، فعلق الحاخام «مردخاي إلياهو» قائلًا: «في هذا الزمن لا يمكن الحج إلى الأقصى، كون الأمر غير مرتب وغير متفق عليه». 

ومن ثم يدعو هؤلاء الحاخامات إلى حظر دخول الأقصى على اليهود والعرب، وإقامة كنيس على الأقصى في مكان متفق عليه.. وبين سطور المقترح يكمن الهدف المرحلي الذي يسعى إليه الصهاينة في المستقبل القريب.

حيث تؤكد الأدبيات الدينية اليهودية الأصولية أن قيام «دولة إسرائيل» يشكل خطوة من خطوات الخلاص اليهودي الذي سيتبعها ظهور «المسيا» أو «الماشيخ» الذي سيبني الهيكل، ويحكم ألف سنة سعيدة باعتقادهم.

وبحسب عقيدة هذا التيار فإن فترة الدولة لا تزيد على ٦٠ عامًا أو 76 عامًا بحسب طوائف أخرى؛ لذا فقد صدرت فتوى لافتة قبل فترة وجيزة توجب بناء الهيكل مع نهاية عام ٢٠٠٧م أي عند اكتمال ٦٠ عامًا على ميلاد دولة «إسرائيل». وبحسب الفتوى فإنه إذا لم يبنْ الهيكل فغضب الله سيحل على اليهود. 

والعقل الجمعي الصهيوني -بتركيبته الدينية والعلمانية- يرى في القدس نواة الحلم الصهيوني. وبحسب استطلاع أجري مؤخرًا أشار إلى أن ٨٠٪ من اليهود بأن القدس هي «مركز الشعب اليهودي»، وأكد 90% ضرورة أن تبقى المدينة ذات أغلبية يهودية، في حين أشار 60% منهم إلى أن تعزيز المستوطنات الكبرى المحيطة بالقدس يزيد من حصانتها.. ولم يوافق سوى 11% فقط على إمكانية التنازل عن حائط البراق «المبكي».

إستراتيجيات التهويد

ونظرًا لأهمية المدينة بالنسبة لهم فقد اعتمدوا إستراتيجيتين متضافرتين لتهويد القدس وتجريدها من هويتها العربية الإسلامية..

- إستراتيجية تكثيف البناء الاستيطاني اليهودي.

- إستراتيجية «الإحلال السكاني»، جوهرها «الترانسفير» العمراني والسكاني للوجود العربي فيها.

الحوض المقدس

ومن أخطر مشاريع التهويد ما يسمى بــــ «الحوض المقدس»، وهو مشروع يستهدف جمع المواقع الدينية اليهودية المزعومة في «القدس» التي لا يمكن التنازل عنها، في إطار جغرافي واحد وهي: البلدة القديمة، ووادي قدرون، وجبل الزيتون..

 تشمل مساحة هذا المشروع 2,5 كم2، ومن المقرر إنجازه خلال أربع سنوات منذ

عام ٢٠٠٦م. 

وكأداة من أدوات التهويد اعتمدت المؤسسة الصهيونية سياسة قدسية المكان بهدف الاستيلاء على مواقع تاريخية في المدينة، وبالذات فيما يطلقون عليه «الحوض المقدس»، وتحويلها بحكم القانون إلى أماكن مقدسة يهودية، وفي إطار هذه السياسة حولت بلدية القدس أكثر من ٣٢٦ موقعًا إلى أماكن مقدسة داخل المدينة بعد أن استولت عليها بالقوة. 

وحولت الاستراتيجيات الصهيونية المعادلة الديموجرافية في القدس بشقيها العربي والشرقي من «۲۱۲۹۰۰ نسمة» عام ١٩٧٢م إلى ٤٨٢٧٠٠ نسمة عام ١٩٨٧م. منهم 346100 مستوطن يهودي مقابل 135600 مقدسي. 

وقد قفز عدد المستوطنين في لواء القدس من ٨٧١٠٠ عام ١٩٤٨م إلى 532500 يهودي عام ١٩٨٧م، مع ذلك أشار بحث «إسرائيلي» إلى ارتفاع نسبة النمو الطبيعي لدى اليهود في المدينة منذ عام ١٩٦٧م إلى 140% مقابل 257% لدى المقدسيين العرب.

فقدان الأغلبية اليهودية

وتحت عنوان «المشكلة الكبرى» - فقدان الأغلبية، أشارت صحيفة «هآرتس» في أحد تقاريرها أن القدس هي المدينة الأكبر في «إسرائيل»؛ إذ يبلغ عدد سكانها حاليًّا -بشطريها الغربي والشرقي- ٧٧٠ ألف نسمة، منهم 66% يهود و34% عرب․

وهذا يعني تزايد النسبة السكانية المعتمدة للعرب وفق الإستراتيجية الصهيونية وهي من ٢٤ - ٢٧٪ فقط․

حيث تراجعت نسبة اليهود من ٧٤ عام ١٩٦٧م إلى ٦٦ عام ٢٠٠٥م وبالتوازي ارتفعت نسبة المقدسيين العرب من 26% إلى 34% بالرغم من كل سياسات الاقتلاع والتهجير.

وطبقًا لهذا الاتجاه فقد أشار «مركز القدس لدراسات إسرائيل» الذي يختص بدراسات القدس وتستخدم نتائجه في تحديد السياسات «الإسرائيلية» تجاه المدينة، فإنه إذا ما تواصلت هذه الوتيرة فبحلول عام ٢٠٢٠م ستنخفض نسبة اليهود إلى 60% لتصل نسبة العرب إلى 40% وفي العام ٢٠٣٥م ستصل نسبة العرب إلى 50% وطبقًا لدراسة ذات المعهد فإن عدد سكان القدس من اليهود تناقص خلال ٢٥ عامًا من الفترة ١٩٨٠ - ٢٠٠٥م حوالي ١٠٥ آلاف مستوطن، بالرغم من خطة شارون، حينما كان وزيرًا للبنى التحتية في حكومة نتنياهو عام ١٩٩٧م، لجذب مليون مهاجر يهودي للاستقرار في شرق القدس ومحيطها لتعزيز الواقع الديموجرافي في المدينة لمصلحة اليهود، بغية محاصرة آمال الفلسطينيين في جعل القدس الشرقية عاصمة دولتهم المنشودة.

وأعلنت «إسرائيل» العام الماضي، سعيًا منها لتوسيع مساحة القدس على حساب باقي أراضي الضفة الغربية عن توسيع حدود المدينة لتشمل ١٢ كلم (2).

وتضمنت الخطة المذكورة التي أطلق عليها اسم 1E قرارًا بإقامة ٤٠٠٠ وحدة سكنية وأربعة فنادق للمستوطنين اليهود. ومع هذا القرار باتت القدس تشكل ١٥٪ من مساحة الضفة الغربية․

ولتعزيز الاستراتيجيتين العمرانية والديموجرافية اليهودية اعتمدت المؤسسة الصهيونية سياسة الخنق والطرد تجاه الوجود العربي المقدسي. فمن خلال الجدار العنصري المسمى غلاف القدس عزل حوالي 200 ألف مقدسي عن قلب المدينة.

سياسة تهويد الأقصى

وتضم منظومة من السياسات يمكن فرزها كالتالي:

سياسة ما فوق السطح «ساحات المسجد الأقصى»، وتشمل إجراءات منها:

- منع البناء.

- منع الترميم إلا بأذونات تمر عبر إجراءات تعجيزية.

- صدور قرار مما يسمى بمحكمة العدل العليا بأن ساحة الأقصى تحت السيادةالصهيونية..

- التخطيط لبناء كنيسين يهوديين في الزاويتين الشمالية، الغربية والشرقية.

سياسة تحت ساحة الأقصى 

وهي من أعلى سياسات التهويد وتيرة ومعظمها يجري في الخفاء، منها: 

- حفر شبكة أنفاق متشعبة يصل طول بعضها إلى ٦٠٠م، وبعضها يخطط له أن يصل إلى مقار المباني الحكومية داخل المدينة.

- بناء كنيس من طابقين في الزاوية الجنوبية الغربية.

- تفريغ الأرض لكشف أساسات الأقصى.

- استخدام المذيبات الكيماوية للتأثير على أساسات المسجد.

- بناء مبنى «قافلة الأجيال» الذي يحوي عدة غرف تتحدث عن التاريخ اليهودي. 

سياسات حول المسجد الأقصى

وتتضمن إجراءات عديدة منها: 

- بناء كنيس غرب ساحة الأقصى على بُعد ٥٠م.

- قيام جمعية «عطيرت كوهونيم» و«العاد» بالاستيلاء على عشرات البيوت في البلدة القديمة وهي ممولة بمئات الملايين من أثرياء يهود أمريكيين.

والأهم: مشروع الحوض المقدس الذي يتضمن «البلدة القديمة، وادي قدرون، جبل الزيتون» ومدته الزمنية 4 سنوات من عام 2006م.

- تركيب عشرات كاميرات المراقبة على أسوار المسجد لمراقبة المصلين.

- تركيب أجهزة خاصة حول الساحات تصدر شحنات كهربائية لتفريق تجمعات

المصلين داخل ساحات المسجد.

مستقبل المسجد الأقصى

ويمكن اختزال الرؤية الصهيونية تجاه الأقصى بأربع نظريات تستهدف إزالته..

1- نظرية الأعمدة العشرة:

تدعو النظرية إلى بناء عشرة أعمدة بعدد الوصايا العشر قرب الحائط الغربي من المسجد الأقصى، بحيث تكون الأعمدة على ارتفاع ساحة المسجد حاليًّا، ومن ثم

يقام عليها الهيكل.

2- نظرية الشكل العمودي:

 تطالب هذه النظرية بإقامة الهيكل قرب الحائط الغربي من المسجد الأقصى بشكل عمودي، بحيث يصبح الهيكل أعلى من المسجد، ويربط تلقائيًّا مع ساحة المسجد من الداخل.

3- نظرية الترانسفير العمراني:

وتقوم هذه النظرية على فكرة حفر مقطع الثقافي حول مسجد قبة الصخرة بعمق كبير، ونقل المسجد كما هو خارج القدس وإقامة الهيكل مكانه.

4- نظرية الهيكل الكامل:

أما آخر النظريات الأربع فتدعو إلى هدم المسجد الأقصى برمته، وإنشاء الهيكل على أنقاضه.

سيناريوهات صهيونية للقدس والأقصى

تعددت الطروحات السياسية بأشكالها الحزبية التي تتحدث عن مستقبل القدس

السياسي من وجهة نظر صهيونية، وفيمايلي أهم هذه الطروحات:

- السيناريو الأول: ظهر عام ١٩٩٥م، ويدعو إلى تدشين عاصمة للفلسطينيين خارج القدس بمساحة 10 آلاف دونم. أما الأقصى والبلدة القديمة فتكونا حيًا من أحياء القدس اليهودية، على أن تدار من قبل مجلس منتخب من الديانات الثلاث، ويرأس المجلس رئيس البلدية اليهودي، ونائبه يكون رئيس بلدية القدس العربية المقترحة. 

- السيناريو الثاني: برز عام ١٩٩٤م، وجوهره أن القدس مدينة واحدة مفتوحة للجميع يرأسها يهودي، تقسم إلى أحياء تدار في شكل حكم ذاتي، لكنها تتبع البلدية الكبرى، أما الأماكن المقدسة بما فيها الأقصى فتدار من قِبَل الأديان المختلفة. 

- السيناريو الثالث: تبلور في عام 1995م. ويدعو إلى إنشاء بلديتين عربية ويهودية، يتبعان لبلدية عليا، والأحياء العربية تحصل على شبه استقلال ذاتي، أما الأماكن المقدسة للمسلمين وخاصة الأقصى يدار بصورة مشتركة «فلسطينية أردنية يهودية»..

- السيناريو الرابع: ظهر في عام 2000م. وطرحه باراك في «كامب ديفيد 2»  على الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات، ويقضي بأن ما تحت الأقصى لليهود، وما فوقه للعرب على أن ينشأ معبدين لليهود في ساحة الأقصى في الزاويتين: الشمالية الغربية والشمالية الشرقية.

الرابط المختصر :