; «حائط البراق» المفتري عليه كل يوم! | مجلة المجتمع

العنوان «حائط البراق» المفتري عليه كل يوم!

الكاتب شعبان عبد الرحمن

تاريخ النشر السبت 21-يونيو-2008

مشاهدات 9

نشر في العدد 1807

نشر في الصفحة 15

السبت 21-يونيو-2008

هو أحد أهم معالم المسجد الأقصى وأقدسها فاسمه ينتسب إلى «البراق»، وهي الدابة التي ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس.. لكن الصهاينة اختطفوه مثلما اختطفوا فلسطين!

وقد غيروا اسمه من حائط البراق إلى حائط المبكى ويحاولون بشتى الوسائل الإعلامية والسياسية، بل والبحثية محو كلمة البراق، ودفنها في مهاوي النسيان.. وروجوا لذلك على أوسع نطاق في كتبهم وإعلامهم وموسوعاتهم البحثية التي توجد في كل مكان في الموسوعة اليهودية، تعرفه بأنه جزء من جدار جبل الهيكل الذي ظل معطلا منذ تدميره الثاني في العام ۷۰م، وأنه أضحى أكثر الأماكن قدسية في العادات والشعائر اليهودية، بفعل قربه من جدار الهيكل ومن مقدسات جبل الهيكل.

وتسهب الموسوعة في شرح تلك الأكاذيب، وتسوق حيثيات تاريخية ونفسية وعاطفية، تؤكد أن ذلك الحائط هو أقدس معلم لدى اليهود! 

والمطامع اليهودية في الاستيلاء على ذلك الحائط وتحويله إلى مزار عالمي يفد إليه كل من جاء إلى الكيان ليعلن باكيا حق الصهاينة في فلسطين، وحقهم في هدم المسجد الأقصى لإقامة الهيكل المزعوم مكانه - هي مطامع قديمة قدم المشروع الصهيوني، فمع بدايات الوجود اليهودي على أرض فلسطين كان الصهاينة يذهبون إلى المنطقة القريبة من ذلك الحائط، طالبين الصلاة، وتسامح معهم المسلمون ولم يعترضوا طريقهم، أو يعطلوا صلاتهم.. لكن المسألة بدت أنها ليست صلاة فقط، وإنما هي خطوات ممنهجة للاستيلاء على ذلك الحائط ثم الاستيلاء على المسجد الأقصى، وقد تحرك أهلنا في فلسطين لقطع الطريق على ذلك المخطط الشيطاني، وشهدت مدينة القدس اضطرابات واسعة، وتم رفع الأمر إلى الأمم المتحدة التي قررت في ١٥ مايو ۱۹۳۰م، تشكيل لجنة دولية ثلاثية من غير المسلمين وغير اليهود لدراسة الموضوع، وأصدرت اللجنة تقريرها في أول ديسمبر ۱۹۳۰م، الذي نص على أن حق ملكية الحائط وحق التصرف فيه وما جاوره من الأماكن المبحوث عنها في هذا التقرير عائد للمسلمين ذلك أن الحائط نفسه هو ملك للمسلمين، لكونه جزءا لا يتجزأ من الحرم الشريف، كما أنه ثبت للجنة أن الرصيف الكائن عند الحائط، حيث يقيم اليهود صلواتهم، هو أيضا ملك للمسلمين. 

لكن الكيان الصهيوني- بدعم من الغرب- ضرب بقرار اللجنة عرض الحائط، ولم يعرها أي اهتمام كتعامله مع كل قرارات الأمم المتحدة التي تثبت الحق الفلسطيني.. وواصل الصهاينة تحركاتهم العدوانية بحق حائط البراق، وحولوه والمنطقة القريبة منه إلى شبه معبد يهودي تحميه الشرطة، ويفد إليه كل من يصل إلى الكيان الصهيوني من بابا الفاتيكان.. إلى كبار الساسة، والفنانين، ولاعبي كرة القدم... فهناك وقف البابا يوحنا بولس السادس وحشر في أحد شقوق ذلك الحائط وثيقة اعتذار كاثوليكية بحق اليهود.. وهناك وقف الرئيس بوش الابن.. ووقف مارادونا، لاعب الكرة الشهير وهناك وقفت الممثلة الأمريكية شارون ستون، وقبلت ذلك الحائط، وأعلنت تصريحها الشهير بأنها ستمنح من يتمكن من إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي قبلة... وهناك لقيت الممثلة الأمريكية- الإسرائيلية الأصل «ناتالي بورتمان»، علقة ساخنة على أيدي يهود متشددين انهالوا عليها بالضرب والسباب بعد قيامها بتصوير مشهد عاطفي أمام الحائط.. وهناك.. وهناك.

ونفهم أن يأتي ذلك كله في إطار الانحياز الغربي للصهاينة ضد الحق الفلسطيني الذبيح، لكننا لا نفهم قيام مسؤول مسلم بالوقوف هناك والبكاء أمام الحائط... لا نفهم لماذا ذهب؟ ولماذا ينحني ويبكي؟ أعلى الهيكل المزعوم أم تذللًا للصهاينة لكي يرضوا عنه، ويتأكدوا أنه معهم قلبًا وقالبًا، ذلك ما حدث الأسبوع الماضي من الجنرال التركي، الكار باشبوغ، قائد القوات البرية والمرشح المرتقب لرئاسة الأركان أهم المناصب وأكثرها نفوذًا من الناحية الواقعية في البلاد، فقد نشرت صحيفة وقت الإسلامية التركية ثلاث صور للرجل وهو يبكي عند الحائط، وقال موقع: خبر ترك على الإنترنت إن رئاسة الأركان التركية شعرت بصدمة كبيرة بعد نشر هذه الصورة التي تتعلق بالرجل الذي سيجلس على كرسي رئاسة الأركان التركية في ٣٠ أغسطس المقبل!! (اقرأ ص ۱۰).

والسؤال هل انتقلنا اليوم من مرحلة زيارة زعماء الغرب للحائط وبكائهم عنده إلى مرحلة زيارة مسؤولين مسلمين وبكائهم هناك.. إن شواهد عديدة تؤكد أمامي أن مكانة حائط البراق قد اهتزت في نفوس الكثيرين، وخرجت كلمات من زعماء ومسؤولين تسلم لليهود بهذا الحائط، بل وتم دس اسم حائط المبكى في بعض الكتب الدراسية باللغة الأجنبية في مناهج بعض البلدان.

 إن حائط البراق يتلقى كل يوم اعتداء تلو اعتداء. لقد مسخوا اسمه وغيروا وظيفته ووجهته من البراق إلى البكاء... بكاء الأفاعي ودموع التماسيح!!

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل