العنوان فتاوى (1781)
الكاتب د. مسعود صبري
تاريخ النشر السبت 15-ديسمبر-2007
مشاهدات 7
نشر في العدد 1781
نشر في الصفحة 52
السبت 15-ديسمبر-2007
إحرام الحاج في الطائرة من جدة
مع تطور وسائل المواصلات يسافر عدد كبير من حجاج بيت الله الحرام بالطائرة، وهذا يعني أنهم ينزلون بمطار جدة. والواجب على الحاج أن يحرم من المواقيت التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم كل حسب بلده وليست جدة، من المواقيت المكانية المحددة، فهل يجوز أن يحرم الحاج القادم بالطائرة من جدة؟ لأنه لم يمر على المواقيت إذ إنها مواقيت مكانية ومقصود النبي كان أن يمر الحاج على الميقات فيحرم منه. فهل هذا يعني أنه لا يجب على من لم يمر على الميقات أن يحرم منه؟ أم أن أمر الإحرام من الميقات واجب لا يجوز تركه؟ وماذا يفعل من يأتي مسافرًا للحج بالطائرة إن لم يكن الإحرام من جدة جائزًا؟
اختلف الفقهاء المعاصرون في جواز الإحرام للمسافر بالطائرة من جدة، على عدة آراء:
الأول: اعتبار مدينة جدة ميقاتًا وإن اختلف المجيزون بين اعتبارها ميقاتًا مطلقًا لمن يأتون برًا وبحرًا وجوًا، وبين اعتبارها ميقانًا لمن يسافر جوًا أو بحرًا دون البر، وممن أجاز اعتبار جدة ميقاتًا الشيخ عبد الله بن زيد ال محمود رئيس محاكم قطر - يرحمه الله - والشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر - يرحمه الله - والشيخ محمد الطاهر بن عاشور مفتي تونس الأسبق - يرحمه الله - والدكتور محمد الحبيب بن الخوجه أمين عام مجمع الفقه الإسلامي، والشيخ عبدالله كنون من علماء المغرب والشيخ عبد الله الأنصاري من علماء قطر، وغيرهم ....
ومنهم من جعلها القادم من غربها مباشرة، كسكان جنوب مصر وشمال السودان، وهو رأي الشيخ عبد الله بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء في السعودية سابقًا، والشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام السعودية سابقاً، والشيخ صالح بن محمد اللحيدان رئيس المجلس الأعلى للقضاء السعودي، والشيخ أبو بكر محمود جوفي عضو المجمع الفقهي، والشيخ عبد الله الجبرين عضو الإفتاء سابقًا في السعودية وغيرهم.
الرأي الثاني: أن جدة ليست ميقاتًا مطلقًا، ولابد من الوقوف على المواقيت التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بهذا الرأي أعضاء مجمع الفقه الإسلامي في الدورة الثالثة حيث جاء فيها: إن مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من ١٣٨ صفر ١٤٠٧هـ/١١-١٦ أكتوبر ١٩٨٦م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة بخصوص موضوع الإحرام للقادم للحج والعمرة بالطائرة والباخرة قرر ما يلي: أن المواقيت المكانية التي حددتها السنة النبوية يجب الإحرام منها المريد الحج والعمرة للمار عليها أو المحاذي لها أرضًا أو جوًا أو بحرًا لعموم الأمر بالإحرام منها في الأحاديث النبوية الشريفة.
واستدل أصحاب الرأي القائل بجواز الإحرام بعد الهبوط من الطائرة إن لم يمر على الميقات بعد وصوله على عدد من الأدلة، منها أن تحديد الميقات الجوي لم بات عليه نص من السنة النبوية، بل ولا الميقات البحري، لأن الناس لم تكن زمن النبي تحرم لا بحرًا ولا جوًا، فيبقى الأمر خاضعًا للاجتهاد.
واستدلوا بما قاله الفقهاء قديمًا : إن من لم يمر بأحد هذه المواقيت، بل سلك طريقًا بين ميقاتين، فإنه يتحرى ما يحاذي أحدهما من طريقه بغلبة الظن فيحرم منه، فإن لم يتبين له. قال الحنفية يهل عندئذ بالإحرام على بعد. مرحلتين من مكة لأن هذه المسافة هي أدني تلك المواقيت إلى مكة. واستدل جمهور الفقهاء بأن المواقيت هي من العبادات التوقيفية التي لا يجوز الاجتهاد فيها الورود النص، ولا اجتهاد مع مورد النص، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع مواقيت خمسة، وجعلها لأهلها ولمن مر بها من غير أهلها ليشمل ذلك كل الناس، والأئمة الأربعة متفقون على أنه لا يجوز تجاوز الميقات، أخذًا بظاهر النص النبوي الذي أخرجه الشيخان: من لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة.
فمن نوى الحج وجاوز الميقات ونزل جدة، فإما أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه إن كان ممكنًا، أو يذبح شاة توزع على فقراء مكة.
من فتاوى الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج
أفتى رجلًا سمعه يقول: لبيك عن شبرمة (قريب له)، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة، (رواه الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى)، وهذا يعني أنه لا يجوز للإنسان أن يحج عن غيره إلا بعد أن يحج عن نفسه.
وسأل رجل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت، فقال النبي: لو كان عليها دين أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فاقض الله، فهو أحق بالقضاء (متفق عليه)، وهو نص في أنه يجوز للإنسان أن يحج عن غيره بعد مماته، لكن بشرط أن يكون قد حج عن نفسه أيضًا.
وكان يفتي بأنه يجوز تقديم بعض أعمال الحج على بعض من باب التيسير على الناس، فقد سأله رجل فقال: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: اذبح ولا حرج ... وسأله آخر: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال صلى الله عليه وسلم: ارم ولا حرج، فما سُئل النبي عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: افعل ولا حرج (متفق عليه).
وقد أفتى كعب بن عجرة أن يحلق رأسه وهو مُحرم لأذى القمل، أن ينسك بشاة، أو يطعم ستة مساكين، أو يصوم ثلاثة أيام، وذلك كفارة من حلق وهو مُحرم.
نسيان الحلق أو التقصير
ما حكم من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فلبس المخيط ثم ذكر أنه لم يقصر أو يحلق؟
من نسي الحلق أو التقصير في العمرة فطاف وسعى ثم لبس قبل أن يحلق أو يقصر، فإنه ينزع ثيابه إذا ذُكِّر ويحلق أو يقصر ثم يعيد لبسهما، فإن قصَّر أو حلق وثيابه عليه جهلًا منه أو نسيانًا فلا شيء عليه وأجزاه ذلك، ولا حاجة إلى الإعادة للتقصير أو الحلق لكن متى تنبه فإن الواجب عليه أن يخلع حتى يحلق أو يقصر وهو مُحرم.
نسيان اسم المنوب عنه
رجل حج عن امرأة، وعندما أراد الإحرام من الميقات نسي اسمها، ماذا يصنع؟
إذا حج عن امرأة أو عن رجل ونسي اسمه فإنه يكفيه النية ولا حاجة لذكر الاسم، فإذا نوى عند الإحرام أن هذه الحجة عمن أعطاه الدراهم أو عمن له الدراهم كفى ذلك، فالنية تكفي لأن الأعمال بالنيات كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حج الصبي
ما حكم حج الصبي الصغير هل يجزئه عن حجة الإسلام؟
يصح حج الصبي الصغير والجارية الصغيرة لما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبيًا فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟!فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، ولكِ أجر.
وفي صحيح البخاري عن السائب بن يزيد قال: حُج بي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين لكن لا يجزئهما هذا الحج عن حجة الإسلام، لِما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أعلق فعليه حجة أخرى» (أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بإسناد حسن).
ثم إن كان الصبي دون التمييز نوى عنه الإحرام وليه فيجرده من المخيط ويلبي عنه، ويصير الصبي مُحرِمًا بذلك فيمنع ما يمنع عنه المحرم الكبير، وهكذا الجارية التي دون التمييز ينوي عنها الإحرام وليها ويلبي عنها وتصير مُحرِمة بذلك، وتمتع مما تُمنَع منه المُحرِمة الكبيرة، وينبغي أن يكونا طاهري الثياب والأبدان حال الطواف لأن الطواف يشبه الصلاة، والطهارة شرط الصحتها.
وإن كان الصبي والجارية مميزين أحرما بإذن وليهما وفعلا عند الإحرام ما يفعله الكبير من الغسل والطيب ونحوهما ووليهما هو المتولي لشؤونهما القائم بمصالحهما سواء كان أباهما أو أمهما أو غيرهما، ويفعل الولي عنهما ما عجزا عنه كالرمي ونحوه، ويلزمهما فعل ما سوى ذلك من المناسك كالوقوف بعرفة والمبيت يعنى ومزدلفة والطواف والسعي فإن عجزا عن الطواف والسعي طيف بهما وسعي بهما محمولين والأفضل الحاملهما الا يجعل الطواف والسعي مشتركين بينه وبينهما، بل ينوي الطواف والسعي لهما ويطوف لنفسه طوافًا مستقلًا ويسعى لنفسه سعيًا مستقلًا احتياطًا للعبادة وعملًا بالحديث الشريف: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» فإن نوى الحامل الطواف عنه وعن المحمول أجزاء ذلك في أصح القولين لأن النبي ولم يأمر التي سألته عن حج الصبي أن تطوف له وحده ولو كان ذلك واجبًا لبينه والله الموفق.
ويؤمَر الصبي المميز والجارية المميزة بالطهارة من الحدث والنجس قبل الشروع في الطواف كالمُحرِم الكبير، وليس الإحرام عن الصبي الصغير والجارية الصغيرة بواجب على وليِّهما بل هو نفل، فإن فعل ذلك فله أجر وأن ترك ذلك فلا حرج عليه والله أعلم.
من فتاوى المجامع: هيئة كبار العلماء بالسعودية السعى فوق سقف المسعى
اجازت هيئة كبار العلماء بالسعودية بالأكثرية؛ السعي فوق سقف المسعى للحاجة - وجاء في نص القرار بعد تداول الرأي والمناقشة انتهى المجلس بالأكثرية إلى الإفتاء بجواز السعي فوق سقف المسعى عند الحاجة، بشرط استيعاب ما بين الصفا والمروة، والا يخرج عن مسمى المسعى عرضًا لما يأتي:
لأن حكم أعلى الأرض وأسفلها تابع لحكمها في التملك والاختصاص ونحوهما، فللسعي فوق سقف المسعى حكم السعي على أرضه.
لما ذكره أهل العلم من أنه يجوز للحاج والمعتمر أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة راكبًا لعذر باتفاق، ولغير عذر على خلاف من بعضهم، فمن يسعى فوق سقف المسعى يشبه من يسعى راكبًا بعيرًا ونحوه، إذ الكل غير مباشر للأرض في سعيه، وعلى رأي من لا يرى جواز السعي راكبًا لغير عذر، فإن ازدحام السعاة في الحج يعتبر عذرًا يبرر الجواز.
أجمع أهل العلم على أن استقبال ما فوق الكعبة من هواء في الصلاة كاستقبال بنائها، بناء على أن العبرة بالبقعة لا بالبناء، فالسعي فوق سقف المسعى كالسعي على أرضه.
اتفق العلماء على أنه يجوز الرمي راكبًا وماشيًا، واختلفوا في الأفضل منهما، فإذا جاز رمي الجمرات راكبًا جاز السعي فوق سقف المسعى، فإن كلا منهما نسك أدى من غير مباشرة مؤدية للأرض التي أداه عليها، بل إن السعي فوق السقف أقرب من أداء أي شعيرة من شعائر الحج أو العمرة فوق البعير ونحوها لما في البناء من الثبات الذي لا يوجد في المراكب.
لأن السعي فوق سقف المسعى لا يخرج عن مسمى السعي بين الصفا والمروة ولما في ذلك من التيسير على المسلمين والتخفيف مما هم فيه من الضيق والازدحام، وقد قال الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ (البقرة: ١٨٥)، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ ( الحج: ۷۸)، مع عدم وجود ما ينافيه من كتاب أو سنة، بل إن فيما تقدم من المبررات ما يؤيد القول بالجواز عند الحاجة.
وقد ذكر ابن حجر الهيثمي - يرحمه الله - رأيه في المسألة فقال في حاشيته على الإيضاح المحيي الدين النووي ص (۱۳۱): «ولو مشى أو مر في هواء المسعى فقياس جعلهم هواء المسجد مسجدًا، صحة سعيه» ا.هـ.
قرار هيئة كبار العلماء رقم (۲۱)
وتاريخ ١٣٩٣/١١/١٢هـ
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين، يرحمه الله: إحرام الحائض
كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام وهل يجوز للمرأة الحائض ترديد أي الذكر الحكيم في سرها أم لا؟
أولًا: ينبغي أن تعلم أن الإحرام ليس له صلاة ، فإنه لم يرد عن النبي أنه شرع لأمته صلاة للإحرام، لا بقوله، ولا بفعله ولا بإقراره.
ثانيًا: إن هذه المرأة الحائض التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر - رضي الله عنه وعنها - حين نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل بثوب وتُحرِم، وهكذا الحائض أيضًا وتبقى على إحرامها حتى تطهر ثم تطوف بالبيت وتسعى، وأما قوله في السؤال هل لها أن تقرأ القرآن؟ فنعم الحائض لها الحق أن تقرأ القرآن عند الحاجة أو المصلحة، أما بدون حاجة ولا مصلحة إنما تريد أن تقرأ تعبدًا وتقربًا إلى الله فالأحسن ألَّا تقرأ.
الحج بمال الغير
ما رأي الدين فيمن حج بغير ماله؟
إذا حج الشخص بمال من غيره صدقة من ذلك الغير فلا شيء عليه في حجه، أما إذا كان المال حرامًا فحجه صحيح وعليه التوبة من ذلك.
دم على ثوب الإحرام
إذا وقع على ثوب الإحرام دم قليل أو كثير، فهل يصلي فيه وعليه الدم؟ وما حد ما يبطل الحج أو الصلاة من الدم إذا وقع على ثوب الإحرام؟
إذا وقع على ثوب المحرم شيء من الدم قليل أو كثير فإنه يغسله إلا أنه لا مانع من التساهل باليسير عرفًا ويصلي فيه، أما إن كان كثيرًا فيجب غسله ولا يصلي وفيه النجاسة بل يجب عليه أن يغسل إحرامه من النجاسة أو يغيره بإحرام آخر طاهر؛ لأن المحرم له أن يغير البسته ولو بدون عذر إذا أحب أن يغير لباس الإحرام بلباس آخر فلا بأس عليه ولو غيَّره عدة مرات.
وهكذا المرأة لها أن تغير ملابسها إذا أحرمت بملابس أخرى ولو بدون عذر وهكذا الرجل إذا أحرم مثلاً في إزار ورداء ثم أحب أن يغيرهما بإزار ورداء آخرين فلا حرج عليه في ذلك، ولا يصلي في ثوب أصابته النجاسة فلو صلى وعليه النجاسة عامدًا لم تصح الصلاة، أما إن كان ناسيًا أو جاهلًا فالصلاة صحيحة.
مكان الإحرام
ما قولكم في رجل أحرم في الحرم الشريف بالحج نيابة عن غيره ولم يحرم في الميقات؟
إذا كان هذا المحرم مقيمًا في الحرم ثم جاء وقت الحج وهو مقيم، إذا دخلها دخولًا شرعيًا، أو دخلها لحاجة كالتجارة أو نحوها، ثم بدا له أن يحج عن نفسه أو عن غيره فإنه يحرم من مكة ولا حاجة له إلى الميقات.
النقاب في الحج
ما حكم ارتداء النقاب في أثناء الحج بسبب الحساسية الشديدة النادرة للشمس، والتي قد تصل إلى إغماء المرأة؟ وإن كان فيه شيء من النهي فما حكم وضع دهان الحساسية الثقيل على الوجه؟
الإجابة للدكتور عجيل النشمي من موقعه: www.dr_nashmi.com
نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنقب المرأة أو تلبس القفازين .. فتكشف عن وجهها إلا إذا مر عليها رجال أو كانت في محضر رجال كالطواف والسعي ونحوهما فتسدل جلبابها على وجهها وتجافي بينه وبين وجهها لئلا يلامسه قدر إمكانها، فإذا لم تكن في محضر رجال كشفت عن وجهها، وأما الحالة المسؤول عنها فإنها حالة خاصة مرضية ويجوز للمريض ما لا يجوز لغيره، فيجوز لك أن تلبسي ما يستر الوجه، وتحاولي ألا يمس بشرة الوجه وذلك قدر إمكانك، ولا تلبسي النقاب مادام ذلك يؤدي الغرض لأن النقاب يلاصق بشرة الوجه ويجوز لك أن تدهني وجهك بدهان لا رائحة له، فإن لم يوجد دواء دهانًا إلا مما فيه رائحة فيجوز حينئذ الضرورة أو حاجة العلاج.
من فتاوى الدكتور يوسف القرضاوي: حج المرأة بلا محرم
امرأة وجب عليها الحج ولكن لم يتيسر لها زوج أو محرم تحج معه أيجوز لها أن تحج في رفقة بعض المسلمين أو المسلمات أم يجب عليها تأخير الحج إلى أن يتهيأ لها المحرم؟ وما الحكم إذا لم تجد محرمًا؟
الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألَّا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أو ذي محرم لها، ومستنَد هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم».
وعن أبي هريرة مرفوعًا: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم».
وعن أبي سعيد رضي الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم»، وعن ابن عمر: «لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم».
وهذه الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجبًا كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك، وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض.
هذا ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين:
أولًا: أن الأصل في أحكام المعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعيد والامتثال، دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد، كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل به.
ثانيًا: إن ما حُرِّمَ لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حُرِّمَ لسد الذريعة فيباح للحاجة، ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حُرِّمَ سدًا للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعُد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفًا بالأخطار لما فيه من اجتياز الفلوات والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم. بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة كالبواخر والطائرات والسيارات الكبيرة أو الصغيرة التي تخرج في قوافل، وهذا يجعل الشقة موفورة ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن، ولهذا لا حرج أن تحج مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان وبالله التوفيق.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل