; إسرائيل تحترم الشرعية الدولية! | مجلة المجتمع

العنوان إسرائيل تحترم الشرعية الدولية!

الكاتب شعبان عبد الرحمن

تاريخ النشر الثلاثاء 03-مارس-1998

مشاهدات 45

نشر في العدد 1291

نشر في الصفحة 21

الثلاثاء 03-مارس-1998

فجأة ودون مباحثات مضنية أو ضغوط دولية أو حتى حشود أمريكية أعلنت إسرائيل استعدادها للانسحاب من جنوب لبنان وفقًا للقرار ٤٢٥ الصادر في١٨/٣/١٩٧٨ ولم تربط هذه المرة انسحابها بالانسحاب السوري من لبنان، كما لم تشترط انفصال الموقف اللبناني عن الموقف السوري في التفاوض معها ... أي أن قرار الانسحاب المفاجئ جاء بدون شروط فما الذي حدث حتى تتراجع إسرائيل عن صلفها وعنادها الذي ظلت تمارسه على امتداد عشرين عامًا في رفض القرار الدولي وتجاهله ووضع شروط تعجيزية أمام تنفيذه حتى كاد أهل لبنان ينسون أن هناك قرارًا صدر بحق جزء مهم من وطنهم تم احتلاله.

المؤكد أن الكيان الصهيوني لم يصب بصحوة ضمير حيال الشرعية الدولية، وبناء عليه قرر الاعتراف بحق الشعب اللبناني في الاستراحة من كابوس الاحتلال، ولو كان ذلك قد حدث لطالت هذه الصحوة اتفاقيات أوسلو الهزيلة التي يصر نتنياهو منذ مجيئه إلى الحكم على تحقيرها ويضرب عرض الحائط ببنودها.

الذي حدث أن الصهاينة أيقنوا في الفترة الأخيرة أنهم سقطوا في مصيدة الجنوب اللبناني ولن يمكنهم الفكاك منها إلا بالهروب... والهروب العاجل لقد احتل الكيان الصهيوني الجنوب اللبناني منذ عشرين عامًا، وأذاق أهله الويلات، وفعل بنسائه وأطفاله الأفاعيل، وكان آخرها ما حدث لأهل «قانا» من دمار وقتل وتشريد، وروجت الآلة الإعلامية الصهيونية لحتمية استمرار الاحتلال لهذا الجزء من لبنان على اعتبار أنه يمثل حزامًا أمنيًا ضد الجبهة اللبنانية، ولكن الحزام تحول رويدًا رويدًا إلى طوق خانق حتى أصبح كابوسًا مرعبًا لإسرائيل فلم يعد يمر أسبوع إلا وتشيع إسرائيل قتلى وتخلي جرحي من هذا الحزام بفضل الهجمات المتواصلة التي يشنها المجاهدون اللبنانيون هناك، ولم تجد إسرائيل بدا من الفرار، وتذكرت أن هناك قرارًا صدر منذ عشرين عامًا يلزمها بالخروج من لبنان، فتعلقت به ليكون طوق نجاتها من الغرق في المستنقع، وهكذا أعلنت استعدادها لتنفيذ القرار، وهو ما قوبل بالتندر والسخرية على كل المستويات وكان تعليق رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري أكثر تجسيدًا لذلك عندما قال: «إذا أرادت إسرائيل أن تنسحب من جنوب لبنان فإنها تعرف الطريق، ولا تحتاج لمن يدلها عليها، وليس هناك داع لنشغل أنفسنا بالبحث عن مخرج لها»

وموقف «الفرار» الإسرائيلي من جنوب لبنان هروبًا من مقاتليه يذكرنا بموقف الهروب من قطاع غزة التي مثلت للكيان الصهيوني في الفترة السابقة على أوسلو خراجًا، قاتلًا أحدثته الانتفاضة والعمليات الاستشهادية حتى قال إسحاق رابين مرة إنه ينام ويتمنى أن يستيقظ فلا يجد قطاع غزة على ظهر الأرض، وحاولت إسرائيل يومها التخلص من القطاع بالتنازل عنه لمصر لكنها «مصر» رفضت حتى جاءت اتفاقيات أوسلو فكانت بمثابة طوق النجاة للتخلص منه ومن انتفاضته. أليست هذه دلائل عملية واضحة على أن الطريق لتحرير فلسطين والقدس هو طريق الجهاد.. إنهم أحرص الناس على الحياة ﴿ وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ﴾ )البقرة:٩٦) وإذا شعروا بالموت المحقق يحيط بهم فإن أول قرار يتخذونه هو الفرار.

شعبان عبد الرحمن

الرابط المختصر :